أكد الشيخ السندي ان الحج هو العامل الرئيسي في رجوع معظم الناس إلى الطريق المستقيم، وذلك ضمن الندوة التي أقامها مأتم الحاج علي الملا قبل أسبوعين بقرية سند، إذ تطرق الشيخ حسين السندي للتعريف بالحج الأكبر ومدى ما يترك في نفسية الحاج من أثر مقوم لسلوكه، موضحا في الوقت نفسه أقسام الحج والواجبات المترتبة عليها وشارحا بعض أحكامه.
قال بداية «في مقام الحديث عن الحج يتجلى أمر مهم يتلخص في السؤال التالي، لماذا تجب حجة واحدة فقط على المسلم طوال عمره، بينما الصلاة مطلوبة منه خمس مرات يوميا والصيام مطلوب منه طوال شهر كامل في كل عام وكذلك الخمس والأمور السبعة المتعلقة بالزكاة؟ ولكي نجيب على ذلك نقول بأن الغاية من العبادات هو التكامل وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى، والعبادات الواجبة كفيلة بتحقيق كل ذلك للإنسان المسلم، والحج مرة واحدة في العمر له تلك الصلاحية والقدرة في أن يأخذ بالإنسان إلى الأفضل، وإلا لشرع الله الحج أكثر من مرة، فلو نظرنا إلى الناس الذين أنابوا إلى الله سبحانه وتعالى وكان في حيواتهم حضور آخر، لاكتشفنا أن الحج هو العامل الرئيسي في رجوع معظمهم إلى الطريق المستقيم».
وأضاف «ولكن لا يعني ذلك أن الله لا يأمر ويشجع على إتيان الحج دائما، على العكس فان الله يدعو إلى الإدمان على الحج، لأنه سبحانه وتعالى يعلم مقدار ما في الحج من خير وبركة على عبده، فالتغير الذي يحدث للفرد بفعل حجة واحدة يمكن أن يتكرر خيرة وبركته فضلا وزيادة، هذا وان الله سبحانه وتعالى قد شرع حج الإنابة، والنيابة أن ينوب الإنسان عن شخص محدد ويؤدي عنه فريضة الحج، ويمكن للفرد منا أن ينوب عن أكثر من شخص، وكل ذلك حتى يزيد الإنسان تكاملا. وبلوغ الإنسان وتمتعه بالصحة البدنية والقدرة المادية وإحساسه بالأمن والأمان يعني أنه قد اشتغلت ذمته بالحج - كما يرى الفقهاء- وعليه بأداء فريضة الحج، وإذا لم يقم بذلك طوال عمره وأخذه الموت تبقى عليه حجة يجب أن يقضيها عنه أهله».
ثم أورد الشيخ أقسام الحج قائلا «ينقسم الحج إلى ثلاثة أقسام، حج التمتع وحج القران وحج الأفراد، ونحن في البحرين يجب علينا حج التمتع لأننا نبعد عن مكة المكرمة أكثر من 90 كيلومتر والشخص الذي يبعد عن مكة 90 كيلومترا وصاعدا يجب عليه حج التمتع، أما من تكون المسافة بينه وبين مكة المكرمة أقل من 90 كيلومترا فله حج القران وحج الأفراد حيث يأخذ معه الهدى ويذبحه، وحج التمتع يتكون من عبادتين الأولى عمرة التمتع والثانية حج التمتع، وعمرة التمتع تبدأ بالدخول إلى مكة المكرمة من إحدى منافذها التي حددها الرسول (ص) ومنها المدينة المنورة، يدخل الحاج إذا مكة المكرمة وتكون له هيئة الأموات الذين خرجو من الحياة الدنيا، فهم متساوون لا فرق بين غني أو فقير أو أبيض أو أسود منهم فكلهم عباد الله، فالحج لغة معناه القصد، وفي اصطلاح الفقهاء هو القصد لأماكن لأداء مناسك معينة في أوقات معينة، فالحج اعتبارا هو الذهاب إلى الله على هيئة المحرم».
وأضاف الشيخ السندي «لعمرة التمتع خمسة أعمال: الإحرام، النية، الطواف، صلاة الطواف، السعي والتقصير، حيث يبدأ الإحرام من المدينة المنورة، أما عن كيفية الإحرام، فالنساء أن يحرمن في ملابسهن العادية، وكلما كانت ملابسهن بيضاء كان ذلك أفضل، حيث يكره الإحرام في الملابس المزركشة، أما الرجال فيحرموا بلباس يتكون من قطعتي قماش، قطعتين ليس بهما أي مخاط، احداهما تشكل الأزار والثانية تشكل الرداء».
«هذا ما يختص بالإحرام فماذا عن النية؟ إن الحج هو العبادة الوحيدة التي يستحب التلفظ فيها بالنية، فلا يوجد مكان يحب الشيطان أن يتواجد فيه بقدر ما يحب التواجد في مقام الحج، فالشيطان يحاول التدخل لإرباك الحاج ولا سيما عند رمي جمرة العقبة الأولى، ففي كتاب الله سبحانه يقول الشيطان الرجيم «لأقعدن لهم سراطك المستقيم» وأقصر طريق وأفضل عبادة توصل إلى الله سبحانه هي الحج. أما عن الدخول فلا يجوز للحائظ ولا للمجنب الدخول، فيما عدا ذلك يدخل الحاج بعد أداء صلاة واجبة من الصلوات الخمس، بعد قراءة دعاء مستحب ليورد بعد ذلك النية «أحرم لحج التمتع قربة إلى الله تعالى» ثم يلبي الحاج مباشرة التلبيات الأربع بلسان عربي فصيح:
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، أن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك
العدد 511 - الخميس 29 يناير 2004م الموافق 06 ذي الحجة 1424هـ