العدد 2724 - الجمعة 19 فبراير 2010م الموافق 05 ربيع الاول 1431هـ

المسلمون الأميركيون يلهمون الحضور في مسرح الأبوللو

سارة جويد - كاتبة وفنانة وناشطة في مجال قضايا الإيمان تعمل في شئون تخطيط المدن في واشنطن العاصمة، وا 

19 فبراير 2010

عندما نظرت من الطابق الأوسط لمسرح أبوللو الشهير، أيقنت أنني أشهد التاريخ يُصنَع. طالما كانت قرية هارلم نبراس إلهام للفنانين خلال القرن العشرين، روائيين وشعراء وموسيقيين وممثلين وجدوا فيها ملاذا للتعبير من خلال أشكال فنية مختلفة كالموسيقى والمسرح. في يوم 23 يناير/ كانون الثاني، وجَدَت ثقافة إسلامية أميركية مزدهرة صوتها أيضا على خشبة مسرح أبوللو التاريخي.

قامت شبكة العمل الإسلامي للمناطق الفقيرة (إيمان) بتنظيم نسخة خاصة من «مقهى المجتمع الصغير»، الذي يُعقد عادة في شيكاغو، المدينة التي تحتضن «إيمان». قُصِد من هذا الحدث بقيادة المسلمين توفير مساحة لمن هم على وعي اجتماعي للاحتفال والانخراط في أشكال فنية متنوعة من التعبير. عرض مسلمون من كافة أنحاء الطيف مواهبهم الساحرة مخترقين حدودا كانوا قد وضعوها لأنفسهم، من العرق والنوع الاجتماعي والطائفة والرؤية. بيعت التذاكر جميعها إلى جمهور هتف مشجّعا مجالا واسعا من الإبداع الدينامي للفنانين مثل المغني والممثل موس ديف والكوميدي عاصف ماندفي ومسرح التقدم والموسيقي عامر سليمان وفرقة ReMINDers.

كانت أهم ناحية للحدث وأكثرها إثارة أثر الأداء على الحضور. امتد التلاحم الاجتماعي الناتج عن الحدث إلى ما وراء مسرح الأبوللو، مرسلا تموّجات عبر المحيط الأميركي مع عودة الحضور إلى بيوتهم. شكّل الحفل، بوجود أحداث هاييتي المحزنة تثقل على قلوب الفنانين، شكل ليلة من المسئولية الاجتماعية والتشارك الفني واستقطاب للرأي.

لم يكن لهذا الحدث أن يأتي في مفترق أكثر مثالية في التجربة الأميركية المسلمة. تستمر هويتنا بالتشكُّل من خلال تنوعنا وردة فعلنا تجاه الأحداث العالمية، وأحيانا التصوير النمطي داخل مجتمعاتنا المحلية وخارجها. رغم ذلك، يعمل المسلمون الأميركيون وبصورة إيجابية على بناء هوياتهم الفريدة من خلال المساهمة بشكل له معنى في المجتمع من خلال الانخراط في قضايا يهتمون بها بصدق.

هناك امرأة، على سبيل المثال تستعد للحصول على شهادة الدكتوراه في علم النفس لتوجه الانتباه إلى التشوهات العقلية التي يُنظر إليها أحيانا على أنها غير شرعية في الكثير من مجتمعاتنا. وهناك رجل يحطّم الرؤى الخاطئة حول الرجولة من خلال التعامل مع قضايا العنف الأسري. وهناك فنانة تتبرع بريع إنتاجها الفني لصالح هاييتي.

هؤلاء أناس عاديين، لا تُسلّط عليهم أضواء الشهرة. ليست لديهم صفقات كتب أو أفلام. يعيشون حياتهم ويقومون بأعمال جيدة بصدق لأنهم يؤمنون به. نعم، إنهم مسلمون، وأكثر من ذلك بكثير.

يُبرِز الإعلام أحيانا أناسا على الأطراف وكأنهم الوحيدون الذين يواجهون تعابير فردية عن الإسلام. أما هؤلاء في الوسط فلا يلاحظهم أحد لأنهم ليسوا بنفس الجمال أو ارتفاع الصوت أو لأنهم لا يسعون لشد الانتباه. ورغم أن التعابير الأولى هي جزء من الكلّ الذي يشكل الطبيعة الدينامية للجالية الأميركية المسلمة، يجب ألا يحصلوا على كمية غير متناسبة من الاهتمام. يجب أن يكون أملنا الجماعي بالمجتمع على مستوى أعلى من الوعي، ولن يحصل ذلك من خلال التركيز فقط على هؤلاء على حواف المجتمع، الذين تسهل رؤيتهم.

يمكن أن يقودنا التركيز على الناس العاديين إلى شعور أقوى من التماسك الاجتماعي. يوفر لنا هؤلاء الأفراد شيئا غير ملموس ولكنه ثمين جدا. إنهم الهدوء الثابت، والقلب الذي يستمر في النبض حتى عندما لا ينتبه إليه أحد. يساعد هؤلاء الأفراد على بناء سرد أميركي مسلم يرتكز على وعي بالله تعالى من خلال التأكيد على إيمانهم عن طريق الأعمال الصالحة والانخراط المجتمعي وهدف يذهب إلى ما وراء وجودهم.

أيقنت وأنا جالسة هناك في مسرح أبوللو استمع مأخوذة بصوت «سميّة» الأوبرالي الجميل، وهي امرأة أميركية من أصول إفريقية يغطي رأسها حجاب وردي اللون، وزيشان الأميركي من بنغلادش الذي يتمتع بصوت يشبه صوت أندريا بوتشيللي، أيقنت أنني في الوطن. كانوا يتشاركون بجزء من روحهم معي، بينما حطموا حاجزا بعد الآخر.

يأتي الفن من أعماقنا، وهو مكان يزدهر أحيانا بهدوء عقلي وحضور ذهني. وعندما يتم التشارك بالفن مع الآخر بأنه يملك القدرة على الإلهام وبناء الجسور إلى أماكن لا خرائط لها، وشفاء الجراح. وبينما نستمر في تشكيل قصصنا، لنتذكر جوهرنا وكيف نرتبط جميعا بأصدقاء من ديانات أخرى وبالأرض والمجتمعات الصغيرة، من موقع الكمال.

العدد 2724 - الجمعة 19 فبراير 2010م الموافق 05 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً