في ديوانها «أماكن مؤثرة» لا تنقلك الشاعرة الألمانية أولريكه دريزنر عبر قصائد غير تقليدية إلى مدن شرقية وغربية فحسب، بل أيضا إلى عوالمها الداخلية وما يربطها بالأمكنة التي تسرد تصوراتها عنها.
«أليس من قبيل السعادة أن تكتشف ديوانا للشعر نجح في أن يجعلك مع كل بيت من أبيات قصائده تسافر مع الكاتبة بين الشرق والغرب وبين مدن عربية وأخرى اسكندنافية»، هكذا وصفت صحيفة «فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ» ديوان شعر الشاعرة الألمانية أولريكه دريزنر، بعنوان «أماكن مؤثرة». في كتابها هذا تحرك دريزنر بنا الفضول لمعرفة ما يدور في دواخلها، وما يربطها في الأماكن التي تسرد تصوراتها لها وترفقها بحقائق العالم الخارجي. ووفقا لمجلة «سورية والعالم» فإنك تقرأ فيه «قصائد غير تقليدية تروي حكايات جديدة تتجمع دون تباين بين المعرفة والغريزة وبين السحر والواقع».
ولعل أبرز ما يميز قصائد الشاعرة أيضا هو المزيج بين صوتها الداخلي الذي تعبر من خلاله عن روحها اللغوية، وعن الألوان القابعة في كلمات القصيدة. فقصائدها التي اعتاد عليها قارؤها الألماني، والتي تُرجمت إلى عدة لغات، تحمل شيئا من السريالية في بنيتها الشعرية. أما قراءتها فتبدو للوهلة الأولى كأنها كلمات تتجمع حول كلمات، ولكن ما أن تقرأها مرة وأخرى حتى ترى نفسك في عالم الشاعرة الجديد وتشعر بثقة تامة تجاه الصور البلاغية السريالية، وتتحسس الموسيقى المختبئة وراء أسلوبها هذا الذي تميل إليه الشاعرة في نصوصها الأدبية عموما وفي الشعر خصوصا. وعلى رغم أن الشاعرة تكتب بلغة تجريدية، فإن الصور التعبيرية تبقى واضحة عندها بحسب الكاتبة والناقدة أنجيليكا أوفرات، وتضيف أوفرات «ما أن تقرأ قصائدها حتى تجد فيها أشياء شخصية كثيرة تخصك أنت أيضا».
في ديوانها «أماكن مؤثرة» الذي ينقسم إلى خمسة أقسام، تكتب الشاعرة، التي تدرّس الأدب في جامعات ألمانيا، عن مدن الشرق وعن مدن الغرب بالدقة نفسها في المعرفة وبالإحساس نفسه تجاه التاريخ. وهنا نراها تصطاد حكايات المدن، تاريخيا ودينيا وإعلاميا، مدن الشرق ومدن الغرب سواسية، مدن مثل دمشق والدار البيضاء، ومدن الهند مثل بومباي والمدن الاسكندينافية لتترك حقائق هذه المدن تتبلور عبر انسياب اهتزازات اللغة. هذه المدن التي جعلتها الكاتبة في قصائدها أماكن لغوية وبقعا لونية، تتلألأ خلفها تواريخ وثقافات وآثار ومعاناة وبراءة الطبيعة ، تشد القارئ كي يتلقف هوسها وعطرها معا.
العدد 2764 - الأربعاء 31 مارس 2010م الموافق 15 ربيع الثاني 1431هـ