العدد 2365 - الأربعاء 25 فبراير 2009م الموافق 29 صفر 1430هـ

السفارة السودانية تقيم مجلس عزاء على روح الطيب صالح

الأديب الكبير ينعى بأقلام محبيه

قال الطيب الصالح يوما «أعتقد أن المستقبل للرواية العربية على الرغم من أنه لم يفتح لها المجال كما فتح لها في أميركا اللاتينية، لكن سيأتي الوقت لذلك»، وهو في حالة تفاؤل بأن تفتح الأبواب التي أوصدت في وجهه ووجه أدبه المبدع سنين طويلة، وبعد أن أخذ اسم الطيب الصالح علما مرفرفا من أعلام الأدب العربي، ودّع الدنيا ومازلنا نرقب بصبر المفترق الذي كان يستشرفه.

الأديب السوداني - العربي الكبير الطيب محمد الصالح ودع قلمه وأوراقه التي احتضنها سنوات طوال في بلاد الغربة، وهو يورث العالم كنوزا من أدبه الرائع الراقي، الذي قضى سنين عمره الثمانين وهو يصيغها ويحفظها حبرا من ذهب على ورق من الفضة.

وكانت السفارة السودانية في البحرين قد أقامت مجلس عزاء على روحه خلال الأسبوع الحالي، والذين استقبلوا عددا من رجال السياسة والفكر والفن والأدب، ليسجلوا في صفحات دفتر التعزية وبحضورهم، كلمات وأحاسيس الألم والأسى حول فقد الأمة العربية لهذا المبدع الكبير.

وفي حديث لنائب السفير السوداني في البحرين عبدالرحيم سر الختم، ذكر بالقول إن «حقيقة رحيل عبقري الرواية العربية الطيب الصالح وما يمثله للشعوب العربية والإسلامية سيترك فراغا عريضا في جدار الرواية العربية، فهو الذي نقل الرواية السودانية للعالمية من خلال روايته موسم الهجرة إلى الشمال، التي صور بها بصدق وبلغة عالية ورقيقة وسهلة ما يدور داخل قرية من المجتمع السوداني، فهو بذلك أول كاتب سوداني يعرف القارئ بعادات وتقاليد راسخة في المجتمع السوداني، وتلمس بشجاعة شديدة يحسد عليها بعض ما يتجنبه كُتّاب الرواية الآخرون».

وحول مراسيم العزاء التي أقيمت في السفارة السودانية بالمنامة، ذكر نائب السفير أن السفارة «فتحت دفتر عزاء لفقيد البلاد وفقيد الرواية العربية في السفارة، وذلك ليعبر الكل عن إحساسه بالمصاب الجلل، إذ إن الطيب ليس فقدا للسودان خالصا، وإنما فقد رقي عام، تأثر به كل مواطن ومثقف وحامل قلم في طول العالم العربي وعرضه».

وكان الطيب الصالح قد ولد في مركز مروى، المديرية الشمالية في السودان في العام 1929، حيث تلقى تعليمه في وادي سيدنا وفي كلية العلوم في الخرطوم، ومارس التدريس، حتى عمل في الإذاعة البريطانية في لندن.

كما نال شهادة في الشئون الدولية في إنجلترا، وشغل منصب ممثل اليونسكو في دول الخليج ومقره قطر في الفترة 1984 - 1989.

وكان صدور رواته «موسم الهجرة إلى الشمال» العام 1971، والنجاح الذي حققته سببا مباشراَ في تعريفه وجعله في متناول القارئ العربي في كل مكان، إذ تمتاز هذه الرواية بتجسيد ثنائية التقاليد الشرقية والغربية واعتماد صورة البطل الإشكالي الملتبس على خلاف صورته الواضحة، سلبا أو إيجابا، الشائعة في أعمال روائية كثيرة قبله.

وذكر حول ذلك تاج الختم بالقول «رأينا من إقامة مجلس العزاء إفساح المجال للأخوة للتعبير عن مشاعرهم تجاه الأديب ورحيله، فجاء العزاء الكثيرون، وكانوا أيضا من غير الناطقين بالعربية، وذلك ليعبروا عن فقدهم للطيب الصالح، فامتزج دفتر التعازي بلغات عدة معبرة عن هذا الفقد، ومتألمة لهذا الفراغ العظيم»، مضيفا «كانت صدمة عظيمة عبّر عنها غير السودانيين قبلهم بما يدل على أن الطيب الصالح يعيش بقلمه داخل الوجدان العربي، ما قرأناه في الصحف البحرينية التي اهتمت بالطيب والقنوات التي أعطت جزءا من برامجها للحديث عن الطيب قد أثبت بحق أنه يتربع على وجدان الجميع».

ونقل جثمان الطيب الصالح من حيث كان يتلقى العلاج في لندن إلى الخرطوم في اليوم الثاني لوفاته، «كان في استقباله رئيس الجمهورية السودانية وأعمدة الدولة وزعماء الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع الوطني والجمعيات الوطنية وجمع غفير من الشعب السوداني العاشق للطيب» كما قال عبدالرحيم، الذي أضاف «امتلأت ساحة المقبرة وامتلأت جنباتها على الرغم من اتساع رقعتها».

ويمتاز الفن الروائي للطيب صالح بالالتصاق بالأجواء والمشاهد المحلية ورفعها إلى مستوى العالمية من خلال لغة تلامس الواقع خالية من الرتوش والاستعارات، منجزا في هذا مساهمة جدية في تطور بناء الرواية العربية ودفعها إلى آفاق جديدة.

وكان عدد من الأدباء يتحدثون عن الروائي السوداني الطيب الصالح بإصدار حمل عنوان «الطيب الصالح عبقري الرواية العربية» لمجموعة مؤلفين، دوّن نقدا ومدحا وتفسيرا واحتفاء بالروائي الطيب صالح، على لسان عدد من الأدباء، الذين ذكروا بعضا من أجمل ما كتب بحق هذا الروائي مثل أحمد سعيد محمدية، محيي الدين صبحي، رجاء النقاش، علي الراعي، عبد الجلاب، جلال الشعري، عثمان حسن أحمد، سيد الفرغلي، هدى الحسيني.

وهنا أكد نائب السفير السوداني عبدالرحيم تاج الختم أنه ستكون حتما منتديات تتحدث عن الطيب الصالح وما قدمه للرواية، معلقا بالقول «قد لا يكون هناك خطة واضحة اليوم، ولكن هناك الكثير من الجهات التي ستقدم شيئا في هذا السياق، فالطيب الصالح خلد ذكراه بقلمه وبساطته وسعة أفقه وقدرته على التفاعل مع الجميع»

العدد 2365 - الأربعاء 25 فبراير 2009م الموافق 29 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً