العدد 2785 - الأربعاء 21 أبريل 2010م الموافق 06 جمادى الأولى 1431هـ

عوض هاشم يحاضر حول الإعلاميين واللغة

ضمن محاضرة ثقافية بمركز كانو الثقافي

ضمن برنامجه الثقافي أقام مركز كانو الثقافي محاضرة للإعلامي والمذيع وأستاذ الإعلام بجامعة البحرين عوض هاشم تحدث فيها حول الإعلاميين واللغة وذلك في مقر المركز بحضور مجموعة من المثقفين والمهتمين ورواد المركز.

في البداية تحدث هاشم حول الاتصال في المجال الإعلامي فأشار إلى أنه العملية الاجتماعية التي يتم بمقتضاها تبادل المعلومات والآراء والأفكار في رموز دالة بين الأفراد أو الجماعات لتحقيق أهداف معينة. وهو العملية التي يتفاعل بمقتضاها متلقي ومرسل الرسالة في مضامين اجتماعية معينة، حيث يتم نقل الأفكار والمعلومات بين الأفراد عن قضية أو معنى معين، فالاتصال هو المشاركة بالتفاعل في المعلومات والصور الذهنية والآراء.

وأشار هاشم إلى أنه هناك نوعان من الاتصال الإعلامي، «الأول على أساس اللغة والثاني على أساس مستوى الاتصال، فنوع الاتصال من حيث اللغة المستخدمة يركز فيه على أن اللغة لا تقتصر على الألفاظ فقط: فكل نسق منظم ثابت يعبر به الإنسان عن أفكاره ومشاعره يعتبر لغة قائمة بذاتها ولذلك تدخل ضمن ذلك (الإشارات والصور والموسيقى والحركة واللون) كنوع من اللغة المرئية.

وهناك الاتصال اللفظي Verbal Communication والذي يجمع بين الألفاظ المنطوقة والرموز الصوتية. حيث يتغير مدلول الكلمه أو العبارة أو الجملة بتغير نغمة الصوت، وهناك الاتصال غير اللفظي: وهو كل اتصال يتم عن طريق اللغة غير اللفظية أو ما يسمى باللغة الصامتة Silent Language وهي ثلاثة أنواع: لغة الإشارة، ولغة الحركة أو الأفعال Action Language: وهي الحركات التي يقصد بها نقل معاني أو مشاعر. ولغة الأشياء Object Language مثل: الملابس، الديكور، كارتداء اللون الأسود في المناسبات، تعبيرات الوجه، الأزياء... وغير ذلك».

ثم توقف هاشم مع اللغة كظاهرة اجتماعية، فأشار إلى أن «اللغة نتاج اجتماعي لا يصنعها فرد واحد فكل فرد ينشأ فيجد بين يديه نظاما لغويا يتلقاه تلقايا بالتعليم والتقليد كما يتلقى سار النظم الاجتماعية الأخرى، بحسب تعريف الباحث اللغوي علي عبدالواحد وافي في كتابه (اللغة والمجتمع)».

وأضاف أن اللغة والقومية متلازمتان، «فالذين يتكلمون لغة واحدة يؤلفون من أنفسهم كتلة موحدة ربطت الطبيعة بين أجزاها بروابط متينة بحسب الفيلسوف الألماني فيخته من القرن التاسع عشر، وأنه باللغة يتلقى الفرد بالتراث الفكري والشعوري والأخلاقي والاجتماعي وبها يندمج في الأمة كما هي مقولة ماكس نورادو، وأن اللغة أساس الوحدة كما يقول د.عثمان أمين في كتابه «فلسفة اللغة العربية»، وأن ألمانيا أقامت وحدتها على أساس اللغة بعد أن كانت مجزأة لدويلات كثيرة. وأن إيطاليا توحدت على أساس اللغة. وأن بولندا واليونان وبلغاريا وألبانيا ويوغسلافيا والمجر... كلها توحدت على قومية لغوية، وكما يقول العالم اللغوي (سابيرSapir) إن اللغة أعظم قوة تجعل الفرد كائنا اجتماعيا لسببين: أنها أداة الاتصال الاجتماعي وأن وجود اللغة المشتركة يمثل رمزا للتضامن بين أفراد المجتمع».

وأضاف هاشم مستشهدا بمقولة الباحث عثمان أمين: «إن من لم ينشأ على أن يحب لغة قومه استخف بتراث أمته، واستهان بخصائص قوميته، ومن لم يبذل الجهد في بلوغ درجة الإتقان في أمر من الأمور الجوهرية، اتسمت حياته بتبلد الشعور، وانحلال الشخصية، والقعود عن العمل، وأصبح ديدنه التهاون في سائر الأمور».

ثم تحدث هاشم عن التنمية ووسائل الاتصال فأشار إلى مقولة ليرنر من أن المضاعف المحرك للتنمية هو: وسائل الاتصال إذ تستخدم لغة جديدة خاصة بها، وتبني شخصيات متحركة Mobile characters، ويتفاعل التحضر مع القراءة والكتابة ويتم التقارب بين الفصحى والعامية. وهذا يؤدي إلى قوة تجديدية لغوية تلائم النهضة الاجتماعية؛ فاللغة ظاهرة اجتماعية تقتضيها حاجة الإنسان ونموه.

وأضاف هاشم أن «اللغة تتأثر في تطورها بمجموعة من العوامل منها انتقالها من جيل إلى جيل، وأنها تتأثر بلغات أخرى، وكذلك بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية، وبالمستوى اللغوي لأهل هذه اللغة ومتحدثيها في كل مرحلة، وبمستويات التعبير اللغوي على المستوى الإعلامي، وأن اللغة تنمو بطريقتين: إما بالكسب الخارجي من اللغات الأخرى أو بالتوالد الداخلي طبقا للحاجة دون تكلف (مثلا: استخدام فنان للماهر بالفنون، الإعدام بقصد الموت والأصل (فقد المال)، القطار (صف من الإبل) إذ نلاحظ أنه ثمة اشتقاقات جديدة لصيغ من الأسماء مثل: قنّن: من القانون، موّل: من المال، قيّم: القيمة، استجواب: الجواب. وثمة أيضا: اشتقاقات من أسماء المدن والبلدان والأمم تمصّر: من الجنسية المصرية، تجنّس: من الجنسية، تفرنس: من الفرنسية. كما يلاحظ انتشار استخدام المصادر في جملة واحدة، وهذا لم يكن منتشرا في الماضي. وأنه ثمة اتساعا ودلالات جديدة لكلمات قديمة مثل الكفر: معناها الأصلي «التغطية» المعنى الجديد: الإلحاد والإنكار، والتوقيع: معناها الأصلي «التأثير» المعنى الجديد: وضع الاسم على ما نكتبه. والدوْله: معناها الأصلي «تقلب الزمان» المعنى الجديد: الملك – السلطة الحاكمة. والقطار: معناها الأصلي «صف من الجمال». والسّجادة: معناها الأصلي «ما يسجد عليه وقت الصلاة» المعنى الجديد: البساط عموما».

ثم توقف هاشم مع بعض مظاهر الخطأ اللغوي في وسائل الإعلام الجماهيري وأهمية أن تتم مراعاة الدقة اللغوية وخصوصا أن سعة الاستعمال اللغوي عبر أجهزة الإعلام تتحقق بسرعة مذهلة فما أسرع ما يشيع الخبر، ويذيع بواسطة وسائل الإعلام في العصر الحاضر.

وتوقف مع مفهوم اللغة الإعلامية، فأشار إلى أنها فصحى «ميسرة ذات تراكيب سليمة بخصائص معينة». وتوقف مع رؤية الشيخ جلال الدين السيوطي من أن «الكلمة الفصيحة هي الكلمة التي كثر استعمالها في بيئاتها الفصحى»، فأجهزة الإعلام تزيد الاستعمال اللغوي من خلال نقل الأخبار والمواد الإعلامية بسرعة فائقة. وأشار إلى قول الرسول ص «رحم الله امرأ أصلح من لسانه» وقد ورد في الأثر: «تعلموا النحو كما تتعلمون السنن والفرائض» ويقال: «النحو في العلم بمنزلة الملح في القدر» أي أنه إذا كان الصلاح الطعام بما يوضع فيه من ملح فإن صلاح الكلام، وجماله وزينته في جودة نطقه، وحسن ضبطه. وأضاف أن «اللحن في اللغة قضية قديمة» واستشهد بمجموعة من الطرائف اللغوية في مجال اللحن.

وأكد هاشم على أن أهم مخاطر الأخطاء اللغوية في وسائل الإعلام المساهَمة في نشر الخطأ، فتكون القدوة المخطئة، وأشار إلى مطالبة الباحث اللغوي كمال بشر برفع دعوى قضائية على أجهزة الإعلام التي لا تلتزم بالصحة اللغوية، فطبقا للدستور إن اللغة العربية هي اللغة الرسمية ولا بد أن تلتزم أجهزة الإعلام بذلك وعدم الترويج للغات أخرى أو تهمل في الاستخدام اللغوي.

وتطرق هاشم إلى مجموعة من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الإعلاميون والتي أشار إلى أن مردها ناتج من أخطاء صوتية حيث الخلط بين مخارج الحروف، فمن ذلك الخلط بسبب السرعة أو التماثل والتقارب الصوتي، أو الخلط بين همزتي الوصل والقطع بنطق الأولى على أنها همزة قطع، أو الخلط بين أل الشمسية، وأل القمرية، أو التسكين؛ وهي ظاهرة غير مرغوبة في الفصحى الإعلامية وخاصة في الأخبار والأحاديث والدراما بالفصحى، أو التأثر بالعامية في نطق بعض الأصوات، أو تأثيث المكان: تأسيس المكان، أو عدم الاهتمام بفنيات التلوين الصوتي المتمثلة في النبر/ التركيز Stress التنغيم Intonation (استخدامات النغمات الصاعدة والهابطة أو المنحنية) الوقف والسكنات Stops هذه الفنيات تتنج نسبة كبيرة من الرسالة اللغوية وعدم الاهتمام بها يعد ضعفا في الأداء اللغوي. مثال ذلك: الوقف الخاطئ (القبيح). وتوقف مع الأخطاء الصوتية التي تغير الدلالة ومع مجموعة من الأخطاء الصرفية والنحوية وحتى المعجمية، وأخطاء الترجمة، وأكد على أن «التعبيرات الخاطئة توصل رسائل إعلامية خاطئة».

وفي نهاية المحاضرة خلص هاشم إلى مجموعة من الاقتراحات والحلول لمشكلة الضعف اللغوي في وسائل الإعلام العربية، منها اعتماد الاستخدام اللغوي الفصيح في وسائل الإعلام وأن يكون استخدام العامية هو الاستثناء والضرورات القصوى. وكذلك قصر وظائف المذيعين والمراسلين والصحافيين والإعلاميين عموما على النابهين من خريجي الإعلام واللغة العربية بشرط إتقانهم للغة العربية مع انخراطهم في دورات مستمرة ترسخ الاستخدام اللغوي السليم وتحقق القدوة اللغوية السليمة.

وأشار إلى ضرورة «وضع آليات لضبط الاستخدام اللغوي، والتدقيق المستمر للمادة الإعلامية من خلال لجان ومتخصصين دائمين ضمن طواقم العمل الإعلامي. مثال ذلك: إنشاء لجنة متابعة للأخطاء اللغوية في الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، والإعلانات ولافتات الطرق والمحلات التجارية وغيرها، واختيار المترجمين الأكفاء في اللغة العربية وخاصة عند الترجمة الفورية، وأن يتعامل علماء اللغة مع واقع التطور الاجتماعي بحيث يؤخذ بالآراء المبسطة في علم النحو حتى لو كانت من أقوال الأقلية من المجتهدين تيسيرا وتبسيطا، ومن هذه الآراء:

- الأخذ برأي الأقلية من القدماء في بعض القضايا مثل رأي «أبي زيد» عن مضارع الأفعال: كتم – رسم – قطف – درس... وغيرها إن كانت بالضم أو بالكسر.

- التخلص مما يسمى بالمؤنث المجازي إذا كان خاليا من علامة التأنيث ويعامل معاملة المذكر أخذا برأي «المبرّد» الذي كان يقول: ما لم يكن فيه علامة التأنيث وكان غير حقيقي التأنيث فلك تذكيره مثل: «هذا نار»، وبهذا يُرفع الحرج عن الخطأ في كلمات مثل: إصبع – سِن – كف – عين – يمين – بئر – أذن – وغير ذلك.

- الاهتمام بتدريس ما يطلق عليه «النحو الوظيفي» المرتبط بالاستخدامات اللغوية المعاصرة المرتبطة بمواقف الحياة الطبيعية. تنشيط دور إصدارات مجامع اللغة العربية وتعميمها على أقسام وكليات الإعلام واللغة العربية في الجامعات و

العدد 2785 - الأربعاء 21 أبريل 2010م الموافق 06 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً