العدد 740 - الثلثاء 14 سبتمبر 2004م الموافق 29 رجب 1425هـ

وزارة إعلام... أم وزارة آلام؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تناقضات كثيرة نعيشها يومياً، نضحك على بعضها، ونتألم من الأخرى... ولكن بعض المفارقات لا تؤلمنا فقط وإنما تنحرنا مع الزمن. ومن تلك المفارقات المؤلمة جداً قانون الصحافة البائس الذي من خلاله قامت وزارة الإعلام بإصدار أمرين خلال العامين الماضيين تمنع بموجبهما الصحافة البحرينية من النشر عن قضية من القضايا بأسلوب يذكّر الجميع بأيام قانون أمن الدولة الجائر، وبأسلوب يثير الاشمئزاز لأنه يطبق على فئة دون أخرى، وتقوم الجهة التي أصدرت القرار (وزارة الإعلام) باختراقه متى شاءت، وتتوقع من الآخرين أن يكونوا عبيداً طائعين في زمن انتهت فيه العبودية وانتهى فيه قانون أمن الدولة.

عدت للتو من الصين، من بلد سيكون له قريباً ما سيكون من نفوذ في هذا العالم، وأفكاري كانت تتوسع وأنا في هذا البلد الكبير، ولكني أعود إلى بلدي الصغير لتصغر طموحاتي وأنا أعايش آلام وزارة الآلام التي يطلق عليها مجازاً وزارة الإعلام.

«ممنوع النشر» بشأن قضية محددة... آمنا بالله، ولكن لماذا كل هذه المفارقات؟ النائب العام قال في رسالته إن النشر ممنوع بشأن التحقيقات، ولكن رسالة وزارة الإعلام التي من المفترض أنها تعمم القرار تقوم بتوسيع قرار النشر ليشمل كل شيء، وبعد ذلك تتتابع المفارقات المؤلمة كما يأتي:

- الصحف العربية التي لديها مراسلون في البحرين وتوزع في البحرين مسموح لها أن تنشر الأخبار... تماماً كما كانت أيام قانون أمن الدولة، وما على البحرينيين إلا الحسرة والندامة.

- الوكالة الرسمية (بنا) التابعة إلى وزارة الإعلام تقوم باختراق قرار المنع متى ما شاءت، لأن القانون لا يطبق على الجميع... وما على الصحف إلا كتابة كل حرف تبثه الوكالة التابعة إلى وزارة الإعلام، مع كل ما يحتويه الخبر من تشهير بالناس المستهدفين في هذه الفترة. والوكالة عندما تخترق القانون تعلم أن الذي يوزع القرارات ويمنع أهل البحرين من الحديث عن شئونهم لن يصدر قرارات ضدها ولن يحوّلها إلى النيابة العامة، (لأنها ليست صحيفة «الوسط» والقانون يطبق على صحيفة «الوسط» فقط).

- النيابة العامة، وهي مصدر المنع، أرحم على الصحافة من وزارة الإعلام، التي تضيّق قرار المنع ثم تخترقه متى شاءت، وعلى رغم أنها هي المعنية بالأمر أساساً، فإنها تصبح ثانوية بفضل تناقضات الوزارة.

- بما أن وزارة الإعلام تود منع الأخبار، فإن الخبر ينتشر في كل مكان... في وكالات الأنباء التي يتسلمها ملايين البشر، في المحطات الفضائية، في الإذاعات، في المواقع الإلكترونية، ويتحقق ما يتوقعه الجميع، وهو انتشار الممنوع... لأنه ممنوع.

بين كل هذه المتناقضات والآلام، تعيش «الوسط» آلاماً أخرى خاصة بها... فلدينا قضية نُجرجَر بسببها منذ عام ونصف العام لقيامنا بنشر خبر العام الماضي نشرته وكالة الأنباء الفرنسية من البحرين، ووكالة الأنباء الألمانية من البحرين، وصحيفة «الشرق الأوسط» من البحرين... وسلسلة من الجلسات في المحكمة الجنائية الكبرى (لاحظ انها جناية كبرى)، والمحكمة الدستورية ومحكمة الاستئناف العليا... ولدينا جلسة مقبلة في 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، كل ذلك عقاب لـ «الوسط» (دون غيرها)، وعقاب لكل من كان يحلم ببحرين تملأها العدالة والحرية...

هذا يجري، بينما يتقدم العالم من حولنا من كل جانب، وتوجّه الطاقات إلى خير الشعوب والبلدان، بينما تُوجّه طاقاتنا إلى زيادة الآلام وقمع الأحلام

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 740 - الثلثاء 14 سبتمبر 2004م الموافق 29 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً