العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ

صدام و«الفئران» درس لمن يعتبر!

أذكر موضوع لكاتب لا يحضرني اسمه الآن وقد بعث لي عن طريق الإيميل بعد سقوط نظام صدام حسين الفاسد وهذا الموضوع عبارة عن قصة تتعلق بصدام يقول إنها حقيقية، إذ كان الكاتب يروي لنا الدرس الأول في سياسة الحكم وإدارة شئون البلاد الذي علمه صدام حسين لولديه قصي وعدي، عندما أستفرد بهما في غرفة من غرف القصر وأمر خادمه بإحضار علبة (كارتون) كبيرة وبها الكثير من (الفئران) مشبها تلك الفئران بالشعب وأمر خادمه أن يفتح علبة الكارتون ويطلق الفئران تنتشر في الغرفة. وقال لولديه اصطادا الفئران وضعاها في علبة الكارتون، ما أثار استغرابهما لكنهما نفذا أمر صدام وراحا يركضان خلف تلك الفئران ولم يستطيعا إلا الإمساك بواحد فقط وذلك بعد جهد كبير.

وهنا أمر صدام جميع خدم القصر باصطياد الفئران وإعادتها إلى علبة الكارتون، واخذ هو يهز العلبة لفترة من الزمن ثم أطلق الفئران وقال لولديه أعيداها إلى العلبة من جديد... ولم تمض دقائق معدودة حتى انتهى قصي وعدي من جمعها وبكل سهولة وذلك لأن صدام دوخ الفئران بهز العلبة بقوة، وهكذا كان الدرس الأول في إدارة شئون البلاد والإمساك بزمام الأمور وهو (تدويخ الشعب كالفئران) ليتم اصطيادهم بكل سهولة ويسر بحسب العقلية الدكتاتورية والمستبدة وضمان عدم الثورة من شعب يظل دائما (دايخ) وفي دوران مستمر!

لا أعرف مدى صحة هذه القصة التي كتبها الكاتب لكن أكثرنا في العالم العربي يحس (بالدوخة) والدوران وهو مكبل وغارق في بحر من الديون بسبب انعدام الراتب وتدني مستوى الدخل؟! وكم عدد القضايا التي ينشرها المواطنون في الصحف المحلية وفئة كبيرة منهم تناشد المسئولين بطلب وظيفة ما، وآخرون فقراء يناشدون لطلب المال، وغيرهم مرضى يناشدون لطلب العلاج الخارجي... وقصص لا حصر لها ولا عد!

أعتقد أن على أكثر المسئولين في الدول العربية مراجعة حساباتهم بشأن المواطن فإن الدول لا ترتقي إلا بشعوبها، حتى وان كانت هذه القصة التي ذكرت غير صحيحة إلا أن فيها من العبر ما يمكن أن تبقى لنا نورا أو درسا تنير لنا الطريق، فهل نجد اليوم مسئولاً يعتبر لمجرد أنه قرأ أو سمع قصة ما مثل هذه القصة التي ذكرت؟وهل نحن أمة نتعلم من أخطائها؟! أم أن المناصب تجعل من الإنسان وحشاً لا يرى إلا الدنيا ولا يعتقد إلا بوجود الناس كالفئران أو العبيد مسخرين له؟!

سامي العنيسي

العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً