لم يشر وزير التربية والتعليم مـاجد النعيمي إلى صعوبات مالية تعوق عـمل وزارته. وأوضح في لقـاء مع «الوسط» أن موازنة الوزارة بلغت نحو 122 مليوناً و 697 ألف دينار بنسبة مقدارها 14,8 في المئة من إجمالي موازنة المملكة للمصروفات المتكررة لعام 2003.
ونفى النعيمي أن تكون التربية منعزلة عن المجتمع، وقال «لا يمكنها أن تكون منغلقة على نفسها حتى وإن أرادت لأنها وزارة خدمية تتعامل مع الجميع، (...) وهناك اليوم شراكة حقيقية بين الوزارة والمجتمع والمؤسسات والشركات الأهلية في كثير من الجوانب، فمناهج التعليم الصناعي الجديدة تم إعدادها بعد أخذ رأي كبريات الشركات الصناعية في البلاد».
وهنا الحلقة الثالثة والأخيرة من الحوار مع وزير التربية الذي نشرت حلقتاه الأولى والثانية أمس وأمس الأول.
ما نسبة الموازنة التي تمنحها الدولة للوزارة؟ وما هي مجالات الصرف في كل عام؟ وهل الموازنة كافية أم أنها تقف عائقا أمام تحقيق عدد من المشروعات؟
- بلغت الموازنة التي منحتها المملكة للوزارة نحو 122 مليوناً و697 ألف دينار بنسبة مقدارها 14,8 في المئة من إجمالي موازنة المملكة للمصروفات المتكررة للعام 2003. كما بلغت موازنتها الإنشائية مبلغاً قدره 6 ملايين و810 دنانير بنسبة مقدارها 2 في المئة من إجمالي موازنة المملكة للمصروفات غير المتكررة للعام نفسه.
كما بلغت الموازنة الممنوحة للوزارة للعام 2004 مبلغاً قدره 126مليوناً و911 ألف دينار بنسبة مقدارها 14,7 في المئة من إجمالي موازنة المملكة للمصروفات المتكررة. كما بلغت موازنتها الإنشائية 5 ملايين و321 ديناراً بنسبة مقدارها 1,6 في المئة من إجمالي موازنة المملكة للمصروفات غير المتكررة للعام نفسه.
وتقوم الوزارة بإنفاق هذه الموازنة على نفقات القوى العاملة والخدمات والمشتريات والصيانة والإعانة، بالإضافة إلى مصروفات المشروعات.
تؤكد الوزراة على تفعيل قيم الانتماء والمواطنة، فإلى أي مدى قامت الوزارة بذلك؟
- كان ذلك من خلال تشكيل اللجان المختصة التي مازالت تعمل على إعداد وثيقة التربية للمواطنة التي ستشكل وثيقة مرجعية تشمل مختلف المراحل الدراسية.
وستتعزز هذه الخطوة بتدريس النظام السياسي لمملكة البحرين لطلبة المرحلة الثانوية.
كما أن الوزارة، وفي سياق تنمية القيم الديمقراطية على مختلف المستويات النظرية والعملية، قامت بتطوير فكرة المجالس المدرسية بمختلف حلقاتها التي ترسخ قيم الحوار والتعاون، مثل مجالس إدارات المدارس المنتخبة التي باتت تلعب دورا مهما في رسم البرامج والخطط وتحقيق الإنجازات وتقديم المشورة ورفع التوصيات والمساعدة في إدارة دورة الحياة اليومية للمدرسة، ومجالس الآباء التي توسعت الوزارة فيها بشكل تدريجي وملموس لتحقق تلك الشراكة الواسعة والواقعية بين المدرسة والبيت، بحيث أصبح صوت أولياء الأمور واضحا ومشاركتهم أكيدة ليس في معالجة المشكلات والمساعدة على إيجاد الحلول لها فقط، بل حتى في تنظيم الفعاليات والأنشطة والبرامج التي تجعل المدرسة تنفتح على محيطها الاجتماعي والثقافي والبيئي وتتفاعل معه بشكل إيجابي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مجالس الطلبة كإطار مكمل لمنطق التعاون والحوار والمشاركة وتدريب الطلبة على تحمل المسئولية.
لماذا لم توافق الوزارة على تدريس حقوق الإنسان ضمن مقررات الدراسة فيها؟ وهل وجدت تدريس مقرر المواطنة بديلا عنه؟ ماذا عن آلية تطبيق مقرر المواطنة؟ ومتى سيتم تطبيقه؟ وهل سيطبق على جميع المراحل؟
- وزارة التربية تسلمت اقتراحا بهذا المعنى، ومن منطلق التقيد بأصول العملية الدستورية أبدت رأيها بهذا الخصوص إلى الجهة المختصة والقائم على أسس تربوية، وبالشكل الذي ينسجم مع الاحتياجات التربوية للطلبة من منظور الوزارة، ونظرا إلى كون التربية الوطنية - التي جاء تأكيد واضح عليها في الدستور - ستكفل تغطية هذا الجانب بالشكل التربوي المناسب، فقد أرسلت الوزارة رؤيتها إلى مجلس النواب الموقر الموضحة لاهتمامها بمفاهيم حقوق الإنسان وبطرق تدريسها للناشئة وبالشكل الذي ينسجم مع المفاهيم التربوية.
يقول البعض إن مدارسنا الحكومية مازالت ذات طابع تقليدي من حيث المناهج والتدريس من جهة، ومن حيث طبيعة العلاقة بين الطالب والمعلم والإدارة من جهة أخرى، أضف إلى ذلك العلاقة بين الإدارات المدرسية ووزارة التربية، فما تعليقكم على ذلك؟
- عندما يكون هناك توافق بين الأهل والمدرسة، بما فيها من معلمين، مع الأهداف المرجوة من تعلم الأبناء تخف صعوبة العلاقة بين المعلم والطالب، وما قد ينتابها من مشكلات عادية من أية علاقة يكون أطرافها من البشر، والعكس صحيح، أي كلما قل التعاون بين المدرسة والأسرة كلما أصبحت العلاقة بين المعلم والطالب أقل انسجاما.
وإذا سلمنا أن جميع الأطراف تسعى إلى صالح المتعلم عندها تصبح الأمور على مايرام والعلاقة في أحسن أحوالها كما أن هذه العلاقة تتأثر من جهة أخرى بوضع الطالب ومستوى تحصيله المدرسي فتزداد العلاقة وتكون إيجابية كلما انخفض التحصيل من دون الدخول في الأسباب، بالإضافة إلى ذلك فإن ثقافة المعلم وتمهنه في مجال عمله تنعكس إيجابا أو سلبا على العلاقة بين المدرس والطالب.
فإذا تضافرت جميع الجهود نحو بناء طالب أفضل بعلمه وأخلاقه ومواقفه وقيمه وسائر مكونات شخصيته المتكاملة، وإذا أدرك المعلم ذلك وسعى إلى تحقيقه... عندها يركز الطالب جل اهتمامه على تعليمه وتعلمه ويساعد المجتمع في تحسين صورة المعلم ورفع شأنه فتكون العلاقة بين المعلم والطالب في قمة اهتماماته، وبطبيعة الحال فإن لكل قاعدة استثناء يتمثل في توتر هذه العلاقة في بعض الأحيان وفقا للمؤثرات التي أوضحناها. كما نرى أن ما يثار من قضايا ومشكلات بين المعلم والطالب لا يتعدى حالات فردية محددة لا تعكس الوضع القائم في المدارس، إذ إن مهنة التعليم ومن يشتغل بها تحتم على المعلمين الالتزام بنظم وقوانين وأخلاقيات المهنة والتي نرى أن المعلمين ملتزمون بها إجمالا وإن اختلفوا في درجة هذا الالتزام بها لأسباب متعددة تعود إلى الخبرة والمعرفة والثقافة والمزاج الشخصي، وجميعها عناصر مؤثرة بشكل أو آخر في العمل كأية مهنة أخرى.
إلا أن معولنا الأساسي في هذا المجال هو التربية والثقافة التربوية للمعلم، فهو إنسان محترف ومدرب على التعامل مع الطلبة، وإذا ما حدثت بعض المشكلات - وهذا أمر طبيعي - فإنه لابد من معالجتها في سياق العلاقة التربوية التي تربط الطالب بالمعلم، وفي إطار احترام القوانين والاحترام المتبادل وحفظ كرامة كل طرف.
ماذا عن آليات ترقية المديرين والمديرات؟ فالكثير من الاتهامات وردت بشأن عدم الالتزام بالضوابط والمعايير من قبل الوزارة في هذا المجال؟
- تعتمد الوزارة على آليات واضحة ومحددة للترشيح لوظيفة مدير ومديرة مدرسة بموجب القرار الوزاري الذي ينظم هذه العمـلية، وتشمل هذه المعايير تقويم الإدارة المدرسية والتعليمية والمقابلة الشخصية بالإضافة إلى سنوات الخبرة (كمدير مساعد) وبموجب هذه المعايير يتم الإعلان في جميع المدارس لجميع الراغبين للترشيح لهذه الوظيفة. وعند التأكد من انطباق هذه الشروط يسمح للمرشحين بدخول المسابقة فيطلب من كل مرشح تقديم ملف يحتوي على إنجازاته ومبادراته وابتكاراته ومحاولاته في مجال رفع الكفاءة الإنتاجية للمدرسة بالإضافة إلى الدراسات والبحوث الميدانية التي أعدها أو شارك في إعدادها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ويتم تقييم هذا الملف من قبل رؤساء التعليم بعد زيارة المرشح في مدرسته ومقابلته.
وتشمل عملية التقييم كذلك إجراء مقابلة شخصية لجميع المرشحين من قبل لجنة يترأسها وكيل وزارة مساعد وتضم مديري الإدارات التعليمية وشئون الموظفين والمناهج والتدريب ويتم تقييم المرشحين من ناحية القدرة على حل المشكلات والإلمام المعرفي بالإضافة إلى المظهر العام والاستعداد والرغبة. ويعطي كل مقيم درجة مستقلة عن الآخر وتؤخذ نتيجة المقابلة بمتوسط درجات المقيمين، كما يمنح المرشحون الحاصلون على الماجستير أو الدكتوراه درجة محددة تضاف على نتائج التقييم.
وبعد الانتهاء من عملية التقييم يتم ترتيب درجات المقيمين، بحسب درجات التقييم كافة من الأعلى إلى الأقل ويتم التعيين في وظائف مديري المدارس وفقا لتسلسل الدرجات الأعلى فالأقل ولا يجوز تجاوز مرشح وفقا لهذه النتائج إلا أن عدد الشواغر في الوظائف يكون دائما أقل من المتقدمين، فعلى سبيل المثال تقدم لوظيفة مديرة مدرسة لهذا العام (39) مرشحة وكان عدد من تم تعيينهن وفق أعلى الدرجات والشواغر(16) مرشحة كما تقدم (23) مرشحاً من البنين وكان عدد من تم تعيينهم وفقا لأعلى الدرجات والشواغر (10) مرشحين ولا يعني عدم تعيين الآخرين أنهم لـم يجتازوا المسابقة بنجاح وإنما هذه طبيعة المسابقات التنافسية، وطبعا لا دخل للمحسوبية أو في تعيين هؤلاء المديرين، وإنما يرجع الأمر إلى ما حققوه من نتائج في التقييم التي أوضحناها، وبإمكان الجميع مراجعة النتائج.
ما طبيعة العلاقة بينكم وبين أطراف المجتمع المدني، إذ لم يذكر في السابق أن وجيها مثلا تبرع للوزارة لتمويل إنشاء أية مرافق مدرسية؟ هل لذلك صلة بما يقال إنه انغلاق الوزارة على ذاتها وعدم تفاعلها مع المجتمع؟
- إن الوزارة منفتحة على المجتمع بالضرورة، ولا يمكنها أن تكون مغلقة على نفسها حتى وإن أرادت لأنها وزارة خدمية تتعامل مع الجميع، ولذلك تعمل الوزارة على إحكام التواصل مع الميدان التربوي ومع المجتمع ومؤسساته الرسمية والمجالس ومؤسسات المجتمع المدني، وإشراكها في الحوار والاستشراف وإبداء الرأي في القضايا التعليمية الاستراتيجية.
وهنالك اليوم شراكة حقيقية بين الوزارة والمجتمع والمؤسسات والشركات الأهلية في كثير من الجوانب، سواء منها للاستشارة، فمناهج التعليم الصناعي الجديدة تم إعدادها بعد التشاور وأخذ رأي كبريات الشركات الصناعية في البلاد، كما يتم عبر هذه الشراكة إعداد الطلبة وتدريبهم في مواقع العمل في هذه الشركات، ففي العام الماضي تم تدريب أكثر من 800 طالب من التعليم الصناعي بعدد من الشركات، على سبيل المثال.
كما أن هذه الشراكة موجودة من خلال الحوار الفعال والجدي في القضايا التي تهم مستقبل التعليم وتطويره، فهناك لجان مشتركة مع الكثير من الجهات المهمة ذات الصلة، مثل وزارة العمل والشئون الاجتماعية، فيما يتعلق بالتوظيف والتدريب وتأهيل الخريجين من الباحثين عن عمل، كما أن هناك تعاوناً مع جامعة البحرين فيما يتعلق بإعداد الطلبة والتخصصات المطلوبة في التعليم، وتدريب الكوادر وإعدادهم للعمل، وتوجد أيضا علاقة مهمة مع الكثير من الشركاء المهمين في تنفيذ ودعم بعض المشروعات التي تنفذها الوزارة، ومنها مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، إذ إن هناك دعماً لهذا المشروع من قبل شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو).
كما أن هناك تواصلاً مع الكثير من المؤسسات سواء من خلال اللقاء، ويتم ذلك كله لصالح التربية والتعليم من خلال إشراك الكثير من الأطراف المهمة في البلد في الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي تنظمها الوزارة، وعلى سبيل المثال المؤتمر التربوي الذي عقدته الوزارة عندما رغبت في تطبيق مشروعها التربوي الحديث (المسار الشامل)، إذ شارك في هذا المؤتمر ولمدة 3 أيام الكثير من مختلف القطاعات لدعم التوصل إلى توصيات ستسهم في خدمة المسيرة التعليمية، وعليه وعودة إلى سؤالكم لا يمكن القول بعد ذلك بانعزالية الوزارة عن المجتمع.
ما أوجه التعاون بين الوزارة والجهات الأهلية المعنية بشئون المعلمين (جمعية المعلمين، وهيئة دعم المدرسين العاطلين عن العمل)؟
- أشرت في الجواب السابق إلى أوجه التعاون والتواصل مع الجميع، وهي الأسس والمبادئ نفسها التي ننطلق منها في التعاون مع جمعية المعلمين والهيئة الوطنية وغيرهما، فالوزارة على اتصال معهم كلما دعت الحاجة إلى ذلك، في إطار ما من شأنه تحقيق المصلحة العامة
العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ