العدد 781 - الإثنين 25 أكتوبر 2004م الموافق 11 رمضان 1425هـ

تعددية مخلصة للأحادية

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

تعتبر الانتخابات التونسية من الناحية القانونية، انتخابات تعددية، إذ تنافس فيها رسميا أمس الأول، سبعة أحزاب سياسية وعدد من اللوائح المستقلة على الفوز بمقاعد مجلس النواب، في حين تسابق على اعتلاء منصب رئيس الجمهورية أربعة مرشحين، يمثلون أربعة أحزاب سياسية مرخص لها قانونيا. غير أن الانتخابات التونسية التعددية اختلفت عن أية انتخابات تعددية في العالم، من حيث أن نتائجها عرفت وحسمت سلفا، ونسبة المفاجأة فيها تساوي الصفر، فالفائز على مستوى الانتخابات التشريعية كان حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، بنسبة 100 في المئة من المقاعد المطروحة، أما الفائز على مستوى الانتخابات الرئاسية فهو الرئيس زين العابدين بن علي، بنسبة 100 في المئة من الأصوات أيضا، جرى تلطيفها بإنقاص نسبة طفيفة منها لن تنزع من بريقها وطبيعتها الساحقة شيئا.

ومن مميزات الانتخابات أيضا، أن أحزاب المعارضة القانونية، مسلمة بشكل مسبق بأن اقتراع الدوائر الانتخابية الجهوية بشأن 80 في المئة من مقاعد مجلس النواب التونسي، الذي يمنح فيه الفوز للائحة التي أحرزت أكثر من 50 في المئة من الأصوات، لا يعنيها بالمرة، إذ لا أمل ولا قدرة لها على المنافسة، وإنما كل مطامحها منصبة على الـ20 في المئة من المقاعد التي حجزها القانون الانتخابي للأحزاب الخاسرة في الانتخابات. فلم يحرم التجمع من حقه في الفوز بالـ 100 في المئة، مادامت إرادة الشعب التونسي «الحرة والنزيهة والشفافة» اتجهت إلى ذلك.

ويفسر متابعون للشئون السياسية التونسية، الموقع الريادي الخارق للحزب الحاكم في تونس، بأن التونسيين - خلافا لشعوب العالم - يعشقون «الاستقرار» ويكرهون «التغيير»، وينبذون أهل الأحزاب والفتنة، ولا يميلون بفطرتهم «السليمة» إلى كثرة النقاش والجدل، ويرون في الخوض في أمور السياسة مضيعة للجهد والمال والوقت. فلئن كانت القيادة التونسية على ثقة بأنها تفعل الصواب دائما، فلِمَ اخترعت التعددية وهي تعلم أن شعبها مخلص للأحادية، ولمَ يتساءل التونسيون العقلاء عن سبب حشر وزير الخارجية الأميركي أنفه في الانتخابات وبأي حق يشترط النزاهة والحرية والشفافية؟

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 781 - الإثنين 25 أكتوبر 2004م الموافق 11 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً