العدد 2816 - السبت 22 مايو 2010م الموافق 08 جمادى الآخرة 1431هـ

الصحافة الخليجية وشراء التقارير الوهمية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد فضائح الاستثمارات الوهمية، والشهادات الوهمية، والرتب العلمية الوهمية، التي شاعت في مجتمعنا الخليجي، يبدو أن ساعة الحقيقة قد أزفت لكشف التقارير الوهمية للرأي العام.

في الاستثمارات الوهمية، تبيّن للجميع وجود مخادعين متمرسين، وزبائن مضلّلين، وبينهما وسطاء يجمعون الخادع بالمخدوع. وفي الشهادات الوهمية، كشفت صحف إحدى الدول الخليجية وجود مئات من الأطباء والممرضين والصيادلة من جنسياتٍ مختلفةٍ يعملون في القطاع الصحي بشهادات مزوّرة. وفي العام الماضي كشفت الصحافة الأميركية قائمةً بأسماء خليجيين اشتروا الشهادات الجامعية بالدولار، من بينهم عشرة بحرينيين. وفي هذا العام تفجّرت قضية الجامعات «التجارية» التي أغرقت السوق بأعدادٍ كبيرةٍ من الخريجين والخريجات، ممن تم تخريجهم على طريقة السلق السريع. وما كانت الماكينة لتتوقف أو تتباطأ لو لم يأتِ الاحتجاج عالياً من دولة الكويت الشقيقة.

أما القضية الأخيرة فقد فجّرها اتحاد الصحافة الخليجية، الأسبوع الماضي، في اجتماع جمعيته العمومية، حين حذّر من الاعتماد على بعض مكاتب الدراسات والأبحاث لإصدار تقارير سنوية عن أرقام التوزيع والتصنيف للصحف الخليجية. ولم يصدر هذا التحذير إلا بعدما فاحت الروائح وزاد الماء على الطحين!

وإذا كان البعض يعتبر التحذير متأخراً، إلا انه يكشف عمّا وصله الحال من الاستهانة بالأرقام، وتزوير الحقائق، وخلق هالة كاذبة حول المؤسسات التي ينخرها الفساد، وذلك لأهدافٍ تجاريةٍ بحتة، لا تختلف في محصلتها عن شراء الشهادات المشكوك فيها، أو الاستثمارات الوهمية. وإذا كان خسائر عمليات التزوير تقتصر غالباً على الناحية المادية، إلا أن ضحاياها في الصحافة نوعان: القراء المخدوعون معنوياً، وشركات الإعلان المتضررة مادياً، التي تعرضت للتضليل كونها الفئة المستهدفة أساساً وراء هذه التقارير الوهمية.

البيان الختامي دعا المؤسسات الصحافية الخليجية على استحياء، إلى عدم الاعتماد على مثل هذه المؤسسات والمكاتب والشركات التي تهدف إلى الاستغلال والربح المادي على حساب الصدقية والمهنية. واعترف البيان بأن بعض هذه المكاتب مارس هذه الأعمال غير المهنية في عدد من دول الخليج... وهو أمرٌ معروفٌ في الأوساط الصحافية كالمسلّمات.

كما أن طالب العلم الناجح لا يحتاج إلى شهادةٍ مزوّرةٍ، فإن الصحف الناجحة لا تحتاج إلى شراء تقارير مزوّرة، تعتمد على عينةٍ مختارةٍ من بعض المناطق فقط، وليست عشوائية كما تقتضي أسس الإحصاء الحديث. كما أن هذه العيّنة تكون من الصغر بحيث لا تمثّل عينة معيارية سليمة، لأنها لا تتجاوز 250 شخصاً، ويعرف طلاب الإحصاء أن مثل هذه الإحصائية لا يعتد بها علمياً، ولكن البعض مايزال يراهن عليها.

المعادلة التي تحكم الوسيط بالمستثمر الوهمي، هي نفسها التي تحكم الصحف المتضعضعة بشركات ومكاتب «سلق التقارير»، فهناك مصلحة مشتركة: ادفع نقداً واستلم التقرير جاهزاً. وهي عملية باتت مكشوفة، وبقليلٍ من الصدق واحترام ذكاء القارئ، ستختفي هذه الظاهرة، فلا يمكن الاعتداد بهكذا أرقام حتى ولو كانت للسنة العاشرة أو العشرين، فمبدأ التبادل واحد، والشركة المرتشية واحدة، والدفع بالعمولة واحد ومستمر.

لقد أحسن اتحاد الصحافة الخليجية صنعاً بدعوته إلى عدم الاعتماد على تلك المؤسسات والمكاتب التي تهدف للاستغلال المادي على حساب الصدقية والمهنية. لقد سقطت الشهادات والاستثمارات الوهمية، وآن الوقت لتنظيف الساحة الصحافية من التقارير المزورة وألاعيب المرتشين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2816 - السبت 22 مايو 2010م الموافق 08 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:05 ص

      الايام صارت تمنح اشتراك مجاني لمدة 6 شهور!!!

      الايام صارت تمنح اشتراك مجاني لمدة 6 شهور!!!لانها ما محصلة احد يشتريهافي المدرسة ولا وحده منا تشتري الايام لاننا شبعنا كذب وتصفيق وتهليل وصرنا نبي جريدة تمسح على اجروحنا رحمك الله يا شيخنا الجمري صدق الي خلف ما مات

    • زائر 8 | 3:30 ص

      وقريبا" شركات تدقيق وهمية والقائمة تطول...

      بل ويوجد شركات مساهمة خاسرة والتقارير التي تصدرها مكاتب التدقيق المالي تضلل الجقائق أو في أحسن الأحوال تلمّعها.. لابد أن ننتظر كارثة تظهر حتة تكشف المستور.. فنحن متوعودون على المفاجآت وحلول الترقيع..

    • زائر 7 | 2:33 ص

      طوبي للغرباء

      راح تظلون غرباء ياسيد في هذه السوق. السوق قائمة على التزوير والكذب والخداع والغش، والكل عارف اللعبة، الراشي والمرتشي. وكما يحدث في العقار والجامعات التجارية وبيع الشهادات، يحدث في الصحافة للأسف الشديد. مع ذلك ستبقون شهداء عليهم وعلى كل من يزور الحقائق ويكذب على الناس. وستبقى رايتكم بيضاء لأنكم آثرتم الصدق وقوق الحقيقة.

    • زائر 6 | 2:21 ص

      لاتوجد صحافة بل يوجد اعلان

      توجد دعاية واعلان وترويج وخداع وقلب للحقائق وتزوير

    • زائر 5 | 1:37 ص

      مهنة لا تحتمل التزوير

      الصحافة مهنة يفترض ان تكون خالية من التزوير لانها تتعامل مع تنوير الناس ونشر الحقائق، لا أن تكون هي متورطة في التزوير والرشوة وشراء التقارير المزورة. الله يصلح وضع الصحافة ويبعدها عما يسيء إلى سمعتها ومصداقيتها.

    • زائر 4 | 12:54 ص

      كلمة حق يراد بها باطل

      كلمة حق يراد بها باطل و لكن حبل الكذب قصيير

    • زائر 3 | 12:36 ص

      هاني

      تقصد (( الصحيفة الأولى في البحرين للعام السادس على التوالي ؟؟)) من صدقهم يا سيد !

    • زائر 2 | 12:28 ص

      القراء يدركون انهم يكذبون

      هذه المرة قالوا انهم الجريدة الاولى في البحرين للعام السادس على التوالي، وسوف يكررون الكذبة كل عام، فليس المطلوب غير دفع المبلغ واستلام الشهادة المزورة. هم يكذبون ويعرف الناس انهم يكذبون، والحياء نقطة لما تسقط خلاص.

    • زائر 1 | 11:42 م

      الرسالة واضحة

      الرسالة واضحة فهل هناك من يعتبر !! و الله الأيام واضحة في هذا الشأن !

اقرأ ايضاً