تحصل اليمنية فيروز على مساعدات غذائية ثلاث مرات شهرياً من الطحين والزيت والسكر لتصنع العصيدة لإطعام أطفالها الخمسة، لكن هذه المساعدات لا تكفي حتى لسد رمق الصغار. ولكن بحلول سبتمبر/ أيلول المقبل ربما تتوقف هذه المساعدات.
وفيروز البالغة من العمر 36 عاماً واحدة من نصف مليون يمني تقريباً يحصلون على مساعدات من برنامج الأغذية العالمي في اليمن إذ تتعقد جهود مكافحة الجوع بسبب الصراع المسلح وضعف الإدارة المركزية. لكن برنامج الأغذية العالمي يقول إن انخفاض مساعدات المانحين قد يجبره على وقف جميع عملياته باليمن بنهاية أغسطس/ آب المقبل في خطوة يحذر من أنها قد تهدد الاستقرار. وخفض البرنامج بالفعل إلى النصف حصص أولئك الذين شردوا بسبب قتال في الشمال في محاولة لإطالة أمد مخزونات المعونات.
وذكر ممثل البرنامج في اليمن، جيان كارلو سيري أنه «في ظل أوضاع التمويل الراهنة سنضطر إلى وقف العمليات بنهاية أغسطس... الوضع خطير للغاية». ويقدر برنامج الأغذية انه في حاجة إلى 75 مليون دولار ليواصل عملياته خلال العام 2010 في اليمن الفقير الذي يسعى إلى تعزيز هدنة مع متمردين في الشمال والقضاء على نزعة انفصالية في الجنوب ومواجهة ذراع تنظيم القاعدة في نفس الوقت وحيث يعاني واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من الجوع المزمن.
ويمثل عدم الاستقرار المتزايد في اليمن هاجساً أمنياً عالمياً رئيسياً بعدما أعلن ذراع تنظيم «القاعدة» في المنطقة والذي يتخذ من اليمن مقراً له المسئولية عن محاولة فاشلة لتفجير طائرة متوجهة للولايات المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ويخشى الحلفاء الغربيون والمملكة العربية السعودية المجاورة من أن يستغل تنظيم «القاعدة» الفقر والفوضى في اليمن لاستخدامه كقاعدة لهجمات لزعزعة الاستقرار في المنطقة وغيرها. ويريدون من اليمن أن يحل صراعاته الداخلية ويوطد دعائم سلطاته.
بيد أن اليمن الذي يتاخم أكبر مصدر للنفط في العالم يسعى أيضاً لتجنب كارثة اقتصادية قد تحل بكثيرين من بينهم نحو 350 ألف شخص شردتهم الحرب في الشمال ويحصل غالبيتهم على مساعدات من برنامج الأغذية العالمي. ويضيف سيري أنه في الوقت ذاته تراجعت المنح المقدمة إلى البرنامج بشدة إذ لا يزال الكثير من الدول المانحة يعاني من تداعيات الأزمة المالية.
علاوة على ذلك تم تحويل الكثير من الأموال إلى هايتي بعد أن ضرب زلزال مدمر الدولة الواقعة في الكاريبي في يناير/ كانون الثاني الماضي. وأدى هذا إلى تراجع المعونات المقدمة لليمن. ويستطرد سيري «بالنظر إلى المتطلبات الإنسانية الكلية لليمن... فإن شراء الاستقرار رخيص جداً». وقالت الحكومة اليمنية إن التهديد للاستقرار هو من قبيل المبالغة.
يقول نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي، هشام شرف عبد الله عن المخاوف بشأن عدم الاستقرار: «برأيي... هو للضغط على الحكومة وعلى المانحين للإيفاء بمتطلبات البرنامج. لكن ليس هناك قيادة أو أي نظام بالعالم يمكن له أن يقبل بعدم استقرار الأوضاع». وتقع قرى محافظة حجة اليمنية على قمم أو منحدرات جبال صخرية يأخذ جمالها بالألباب أو تتناثر في وديان مثيرة مما يجعلها معزولة عادة أو يصعب الوصول إليها لاسيما من دون استخدام سيارات.
ولا تصل مساعدات برنامج الأغذية بالفعل إلا للخمس من بين 3.1 ملايين يمني يقدر أنهم بحاجة للمساعدة. وبالنسبة لسكان حجة لا تبشر أنباء عن احتمال أن يوقف البرنامج مساعداته لمنطقتهم بالخير. ويعاني اليمن من أحد أسوأ معدلات سوء التغذية في العالم ولا ينافسه في ذلك سوى دول مثل أفغانستان وبنغلادش والهند. ويعيش أكثر من 40 في المئة من عدد السكان البالغ عددهم 23 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم وتتزايد معدلات الفقر بسرعة.
ويربي سكان حجة الماشية ويحرثون الحقول المدرجة المزروعة عادة بالقات وهو نبات مخدر معتدل يحتاج إلى كميات كبيرة من الماء لريه في بلد يعاني شحاً هائلاً في موارد المياه. ولدى اليمن برامج للتوعية من القات لكن خبراء التنمية يقولون إنه من الصعب إقناع المزارعين بالتخلي عن هذا المحصول المربح إذ أنه ضروري لدخلهم.
يقول مسئول برنامج الأغذية العالمي في محافظة حجة، صالح أحمد ناصر: «هذه منطقة فقيرة ومواردها قليلة». وذكر محافظ حجة أن انسحاب برنامج الأغذية الوشيك يأتي بينما تتزايد الاحتياجات كما أنه يخشى من التأثيرات المحتملة على محافظته التي تعتبر إحدى أفقر المحافظات اليمنية. ويحذر برنامج الأغذية من أن انسحابه سيرفع معدلات عدم الأمن الغذائي ووفيات الأطفال وسيدفع الناس إلى الهجرة.
لكن الحكومة اليمنية تقول إن الحالة الإنسانية الطارئة الرئيسية في البلاد تتركز حول المشردين بسبب الصراع الذي انتهي حديثاً في محافظة صعدة الشمالية.
يقول نائب وزير التخطيط «الطارئ الوحيد كان... اللاجئين في صعدة... عندما بدأ موضوع اللاجئين في صعدة تحرك المجتمع الدولي وتحركت الحكومة اليمنية وتم إعطاء هذا الموضوع أهمية كبيرة». وذكر سيري أن برنامج الأغذية يجري محادثات مع صنعاء والمانحين كي يتمكن من الحصول على 4.7 مليار دولار من المساعدات المالية التي تم التعهد بتقديمها منذ العام 2006، وأضاف أن الجزء الأكبر منها لم يوزع بعد.
وأردف أن البرنامج استخدم بالفعل أي أموال كان يدخرها من أجل اليمن وأنه لم يعد هناك أي خيار الآن سوى أن يتحرك المانحون. وتابع «أريد أن أصدق أن مجتمع المانحين سيدرك أن الأمر يستحق (تقديم المساعدة) وأنه إن لم يفعل فقد يتدهور الأمر أكثر حقاً».
العدد 2843 - الجمعة 18 يونيو 2010م الموافق 05 رجب 1431هـ
اخبار اليمن في الصدارة
لما لليمن من اهمية في البحرين