العدد 2858 - السبت 03 يوليو 2010م الموافق 20 رجب 1431هـ

هل تغلبت الرياضة على السياسة في كأس العالم؟

لم يحدث أن شهدت بطولة لكأس العالم هذا العدد من السياسيين الذين يعودون إلى بلادهم ويطالبون بتغييرات أو إجراءات عندما تخرج منتخباتهم الوطنية من المنافسة مثلما يحدث الآن مع بطولة كأس العالم 2010 المقامة في جنوب افريقيا. لقد تحول كأس العالم إلى شأن من شئون سياسة الدولة.

وكما جرت العادة كان هناك تدخل من حكومات الدول مثل نيجيريا، لكن سياسيين من دول قوية مثل فرنسا وإيطاليا وانجلترا أدلوا أيضا بدلوهم هذه المرة. وبدأ تشكيل لجان برلمانية في هذه الدول لتحليل الأسباب وراء الأداء السيئ لمنتخباتها في جنوب افريقيا. لم تشهد دولة حالة من الفوضى مثل فرنسا إذ تدخل الرئيس نيكولا ساركوزي وعقد لقاء مع مهاجم الفريق الفرنسي تيري هنري، بل إن الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» حذر السياسيين الفرنسيين من التدخل في شئون كرة القدم. لكن هذا التحذير لم يمنع وزراء فرنسيين من الإعراب عن قلقهم بشأن مستقبل الفريق الفرنسي الذي خرج بشكل محرج من دور المجموعات.

وقالت وزيرة الرياضة الفرنسية روزلين باشلو إن اللاعبين «شوهوا صورة فرنسا، لم يعد من الممكن أن يكونوا أبطالا لأطفالنا». ووجه سياسيون من دول أخرى أيضا انتقادات لاذعة لفرقها التي شاركت في البطولة.

وقال رئيس تحرير صحيفة «كيب تايمز» الجنوب افريقية تايرون اوجست: «لم يعد يتبق شيء من جمال كرة القدم بعد أن أصبح الملعب ساحة معركة». وأضاف بأن كأس العالم تمثل «مؤشرا رئيسيا على الشجاعة الوطنية والفخر الوطني، وهو شكل جديد من أشكال الحرب».

وبدأت بطولة كأس العالم لعام 2010 وسط توقعات كبيرة إذ وعد رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما بأنها ستكون «خطوة هامة في بناء الدولة والتغلب على حالات التطرف العنصري». وكانت صورة القارة الأفريقية بأسرها من المفترض أن تستفيد من كأس العالم.

وفي أوروبا، كان الأمر أشبه بمعجزة حينما لم يحدث قطع للعلاقات الدبلوماسية بين أيرلندا وفرنسا بعد أن أحرز هنري هدفا بيده صعد به المنتخب الفرنسي للنهائيات وحرم أيرلندا من التأهل. وكانت بطولات كأس العالم دائما أكثر من كونها الحدث الرياضي الأكبر في العالم.

بالنسبة لألمانيا، كان لقب كأس العام 1954 خطوة هامة في العودة إلى حظيرة الدول المتحضرة عقب كوابيس الحقبة النازية. وشنت هندوراس والسلفادور حربا بسبب مباراة تأهيلية لكأس العالم العام 1969 في حين اعتبرت الانتصارات الأولى لدول آسيا وأفريقيا في كأس العالم دليلا على دورها المتزايد. وكان وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبله أشاد بقوة في العام 2006 بأن بطولة كأس العالم التي استضافتها بلاده هي «أفضل قمة للاندماج».

ولا يزال وزن وأهمية الحدث العالمي تتزايد، ويبرز دور البطولة كعامل لتأكيد الهوية في ظل العولمة التي يشهدها العالم وهو ما يساعد على تشجيع الشعور بالهوية الوطنية. ويتجمع ملايين من مشجعي كرة القدم حول العالم لمتابعة مباريات كأس العالم في الأماكن العامة، ولا يفترض أن يكون مثيرا للعجب أن يسرع رؤساء الدول إلى «ساحة المعركة» المعروفة بكأس العالم للإعراب عن «دعمهم» المعنوي للقوات في الملعب، أو أنهم قد يتخذون إجراء صارما للإعراب عن عدم رضاهم عن الأداء السيئ لفرق بلادهم. وقال السياسي الفرنسي جاك رميليه لصحيفة «كيب تايمز»: «هذا الأمر ليس فقط كرة قدم، إنه يتعلق بفرنسا. إن مكانتنا على المحك وتتهددها المخاطر»

العدد 2858 - السبت 03 يوليو 2010م الموافق 20 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً