العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ

التحديات البيئية في غزة

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

الحصار الإسرائيلي الظالم على قطاع غزة لعدة سنوات ألقى بظلاله القاتمة على العديد من أوجه الحياة الحضرية في تلك البقعة التي تحتضن إحدى أعلى معدلات الكثافة السكانية في العالم. هذا المقال يلقي بعض الضوء على العديد من التحديات البيئية التي يواجهها السكان، والتي قد تؤدي إلى تأثر الأجيال المستقبلية بسبب نقص القدرات المادية والخبرات المهنية لمواجهتها بسبب سياسة الحصار، ولكن في اتجاه مواز سنرى أن الفلسطينيين يتبعون حكمة «الحاجة أمّ الاختراع» لمحاولة علاج العديد من هذه التحديات.

يُعتبر تدوير المواد البلاستيكية، والألمنيوم، والخردة، والورق، والجلود، وبطاريات السيارات أهم الصناعات البيئية في قطاع غزة حيث يعكف صغار السن في البحث وتجميع القناني والأدوات الكهربائية والخردة لبيعها لقاء مبالغ زهيدة إلى تجار التدوير الذين بدورهم يبيعونهم إلى مصانع التدوير التي تقوم بمعالجتها وإعادة بث الحياة لها لتكمل دورة أخرى من حياة المنتج. سياسة التدوير امتدت إلى النظام التعليمي فقامت إدارات المدارس بإعادة استخدام الكتب المدرسية لعدة سنوات بدلاً من إلقاء آلاف من أطنان الورق في سلال المهملات.

دفن المخلفات يُعتبر أحد التحديات المهمة لسلطات معظم الدول ذات المساحة الجغرافية المحدودة. فهي إن قامت بطمرها فمن الضروري ألا تتسرب المواد السامة إلى المياه الجوفية والأراضي السكنية المجاورة وألا تنتشر الروائح الكريهة إلى المستوطنات البشرية. أهالي غزة يقومون بإعادة استخدام المواد العضوية في المخلفات كأسمدة في حقولهم الزراعية ويتم حرق جزء من هذه المخلفات، لكن هذا الخيار غير بيئي لعدم استخدام المحارق الصناعية والتي تتم معالجة غازاتها الضارة.

منظمات المعونة الأجنبية والأمم المتحدة تساهمان في مد يد الخبرة إلى الفلسطينيين وتُعتبر معالجة المخلفات الصلبة أحد الأمثلة المهمة حيث يتم جمع مخلفات المنازل المدمرة بسبب المدافع الإسرائيلية لإعادة استخدامها كمواد أولية في صناعة الأسمنت.

شريط بحر الأبيض المتوسط الغزي يواجه مشاكل التلوث بسبب عدم معالجة المياه العادمة بسبب عدم توافر رأس المال لبناء محطات جديدة أو استيراد قطع غيار المحطات القائمة؛ ما زاد من تلوث مياه البحر، وزيادة تركيز البكتيريا المسببة لأمراض جلدية لهواة السباحة، وتسمم الحياة البحرية والأسماك.

هناك نوعان من الكوارث البيئية من الممكن تبسيطهما بأمثلة نوعية: تسرب مئات الآلاف من البراميل النفطية من أنبوب شركة بريتيش بتروليوم في خليج المكسيك أو إحراق صدام حسين لعشرات من الحقول النفطية الكويتية. في هذه الحالة، تلقى هذه الحوادث اهتماماً عالمياً متزايداً سواء من قبل الإعلام أو الرأي العام بسبب ضخامة الحدث. في اتجاه آخر، هناك الكوارث البيئية الأصغر من ناحية الحجم لكن ليس بالضرورة الأخف من ناحية الضرر مثل التحديات البيئية في قطاع غزة واستخدام اليورانيوم غير المنضب في حرب الكويت.

لاشك أن تراكم التحديات البيئية لمدة طويلة من الزمن ومن دون تقديم حلول ناجعة سيؤدي إلى تضخم الصعوبات الملقاة على عاتق الأجيال القادمة لمواجهة الآثار الصحية... وإن شاء الله سيتم كشف غمة الحصار عن أهالي غزة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً