العدد 883 - الجمعة 04 فبراير 2005م الموافق 24 ذي الحجة 1425هـ

الفصل بين الحكم والتجارة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الفصل بين الحكم والتجارة يعتبر أحد مظاهر الدول الديمقراطية العريقة، وهو أيضا مطلب للحركة المطلبية البحرينية، وهو كذلك أمر ينص عليه دستور مملكة البحرين، كما أنه أمر معمول به في كل مؤسسة حكم تسعى إلى إقامة شرعيتها على أسس سليمة.

وهذا المبدأ "الفصل بين الحكم والتجارة" هو السبب وراء المشكلة الحالية في الأمم المتحدة هذه الأيام. فقد وجد تقرير أصدرته لجنة تقصي مزاعم الفساد في برنامج "النفط مقابل الغذاء في العراق" تورط رئيس البرنامج "بينون سيفان" في انتقاء عقود شراء النفط بصورة وضعته في "تعارض مصالح مع معايير الثقة والاستقامة". وأشارت التحقيقات إلى أن "سيفان قريب جدا من التورط شخصيا" وأنه تلقى مبالغ مالية نتيجة طلب تحويل العقود إلى إحدى الشركات، وإلى شركات كانت تلعب دور "الواجهة" لشركات أخرى... وعلى هذا الأساس فقد يتم رفع الحصانة عن "سيفان" لكي يمثل أمام محكمة جنائية.

في ابريل / نيسان 2001 كان الابن الثالث لملكة بريطانيا الأمير ادوارد في زيارة للبحرين مع زوجته "الأميرة صوفي". ولكن وأثناء وجودهما في البحرين نشرت إحدى الصحف البريطانية خبرا، أشار إلى أن الأميرة صوفي لديها "شركة علاقات عامة" تستفيد من هذه الزيارة الرسمية "التي تمولها الحكومة البريطانية" من أجل الترويج لنشاطها التجاري. وبمجرد انتشار هذا الخبر تدخلت وزارة الخارجية البريطانية وطلبت اجراء تحقيق والاستفسار من الأمير ادوارد وزوجته. ولدى عودته حقق القصر الملكي "بقيادة والدته الملكة اليزابيث الثانية" في الأمر، وقيل لاحقا انه تم تخييره وزوجته بين القيام بأعمالهما الخاصة، وبالتالي فإن كلف الرحلات والجولات والسفر واللقاءات تقع عليهما شخصيا، أو انهما يلتزمان بالقيام بمهمات لخدمة بريطانيا والبريطانيين لقاء المعاش الشهري الذي يحصلان عليه من موازنة القصر الملكي، وبالتالي فلا يحق لهما الترويج لنشاط خاص يعود عليهما بالمردودات التجارية.

العائلة المالكة البريطانية تلتزم بضوابط وقيود تعود إلى أوائل عهد تسلمها سيادة البلاد منذ مطلع القرن الثامن عشر - عندما كان اسمها "آل هانوفر" قبل أن يتغير الاسم في القرن الماضي إلى "آل ويندسور" - وفي منتصف القرن الثامن عشر "استرجعت" أراض شاسعة كانت باسم أفراد من العائلة المالكة مقابل تسلم العائلة مخصصاتها من موازنة الدولة البريطانية، ولولا ذلك لما تمكن أحد من زيارة أهم مناطق لندن وحدائقها العامة.

بريطانيا تعتبر نفسها "ديمقراطية عريقة" والأمل الذي ننشده في البحرين هو الاتجاه نحو الديمقراطيات العريقة، ولذلك فإن دستور مملكة البحرين الصادر في 14 فبراير/ شباط 2002 احتوى مادة مهمة جدا نطالب بتنفيذها فعليا لأنها إلى الآن لا يلتزم بها أحد. ففي دستور البحرين المادة "48" تنص الفقرة "ب" على انه "لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة ان يتولى أية وظيفة عامة أخرى، أو أن يزاول ولو بطريق غير مباشر مهنة حرة أو عملا صناعيا أو تجاريا أو ماليا، كما لا يجوز أن يسهم في التزامات تعقدها الحكومة أو المؤسسات العامة أو أن يجمع بين الوزارة والعضوية في مجلس إدارة أية شركة، إلا كممثل للحكومة ودون أن يؤول إليه مقابل لذلك، ولا يجوز له خلال تلك المدة كذلك ان يشتري أو يستأجر مالا من أموال الدولة ولو بطريق المزاد العلني أو ان يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو يقايضها عليه".

اننا نطالب بتشكيل هيئة عليا من مستقلين تحت رئاسة البرلمان لتنفيذ هذه المادة الدستورية ونطالب بالفصل التام بين الحكم والتجارة... لكي نسير على طريق الديمقراطيات العريقة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 883 - الجمعة 04 فبراير 2005م الموافق 24 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً