العدد 884 - السبت 05 فبراير 2005م الموافق 25 ذي الحجة 1425هـ

الحكم الصالح ضرورة حياتية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تبدأ اليوم في العاصمة الأردنية لقاءات على مستوى الوزراء بين عدد من دول المنطقة "بما فيها البحرين" وممثلين عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "ECD" لتدشين مبادرة ذات شقين، أحدهما يتعلق بالإدارة الرشيدة "وهي إحدى متطلبات الحكم الصالح" والثاني يتعلق بتحسين البيئة الاقتصادية بهدف اجتذاب أموال القطاع الخاص المحلي والدولي لتنشيط الاستثمار في القطاعات الاقتصادية ذات المردود الإيجابي على المدى البعيد.

الحوارات التي تبدأ رسميا في عمان ربما هي الحوارات ذاتها التي جرت في منتدى دافوس وهي ذاتها التي جرت في منتدى المستقبل، وهي ذاتها التي تجري كل يوم في عالمنا العربي والإسلامي.

المشكلة ستتكرر، كل مسئول من دولنا العربية سيقف أمام الحضور ليخطب خطبة عصماء تتحدث عن "الإنجازات العظيمة" التي تتحقق في بلاده، وهكذا ستتوالى الخطب التي تتحدث عن خيالات وأوهام لا يصدقها حتى الشخص الذي يكررها في كل المحافل. وهذا هو ما وصفه أحد البحرينيين الذين حضروا منتدى دافوس بحوار "الأموات"... حوار من ماتوا منذ زمن بعيد وليس لهم علاقة بالواقع لا من قريب ولا بعيد.

الواقع يقول إننا في بلادنا العربية نفتقد الإدارة الرشيدة ونفتقد الرؤية الاقتصادية ونفتقد السعي الجاد إلى خلق الإدارة الرشيدة أو اعتماد رؤية اقتصادية واضحة المعالم تتناسب مع واقع حالنا.

الإدارة العامة في البحرين "مثلا" تتصف بصفات متناقضة... فهي من جانب تشبه الدول الاشتراكية التي انهارت إذ كانت تلك الدول تعتمد على بيروقراطية متضخمة توظف الأعداد الهائلة من الناس في القطاع العام من دون حاجة حقيقية لهم. وهذا يؤدي إلى خسارة كبيرة في المصروفات التي يجب توفيرها لإدارة "بيروقراطية" مترهلة لسنا بحاجة إليها من الأساس. كما يؤدي هذا الأمر إلى انخفاض الإنتاجية وتتأصل حالات الكسل والإحباط في القطاع العام الذي يتحول إلى عبء ثقيل على اقتصاد البلاد.

الترهل البيروقراطي يتسبب في تعطيل المعاملات، لأن المواطن الاعتيادي تنهال عليه عشرات وربما مئات القوانين والإجراءات والاستمارات المطلوب توقيعها وختمها من قبل عدة دوائر وعدد كبير من المسئولين الذين ليس لهم عمل سوى توقيع الاستمارات والأوراق لتبرير عملهم الذي لا تحتاجه البلاد أساسا.

وهذا الترهل البيروقراطي يؤدي إلى انتشار الفساد والرشوة، لأن الذين يعملون في وظائف القطاع العام بمعاش شهري قدره 300 أو 400 أو 500 دينار يمكنه أن يحصل على عشرة أضعاف هذا المعاش من خلال ممارسات الفساد الإداري.

هذا يؤدي أيضا إلى هروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية التي تبحث عن البيئة الصالحة والحكم الصالح لكي لا تضيع تلك الأموال في الرشا والعمولات وغيرها من الممارسات الفاسدة.

لدينا كل مظاهر النظم الاشتراكية التي انهارت بسبب ترهل بيروقراطيتها، ولدينا كل مظاهر التسيب الرأسمالي الذي يضمن للمتنفذ ومن لف حوله أرباحا طائلة حتى لو كان ذلك على حساب إفقار الوطن والمواطنين.

إن الحكم الصالح ضرورة حياتية، وآن الأوان أن نتوقف عن إهدار الوقت في الكلام والبدء في العمل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 884 - السبت 05 فبراير 2005م الموافق 25 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً