"حسين مني وأنا من حسين"، حديث دوى بجنباته صدى الإباء، وانفصمت بهديره عرى الظلم وانبثقت في الأفق رايات الخلود تزلزل عروش الطغاة جيلا بعد جيل، وتتقد به أفئدة حرة تتوهج بساح الوغى، وترشق الأصفاد برعدها، وترشف عبق الحرية غضا جنيا بكيان الأمة والعقيدة.

سندس الأحرار ما أعظمك... تكالبت عليك قوى البغي، وتمخضت ضغائنها عن قطع أوداجك، ولكنك باق ببقاء لا إله إلا الله، فتلتحم أوداجك المخضبة، ويجثو الخلود وينحني إجلالا دون ألويتك.

سقتك العناية الإلهية إكليلها وزمجر العشق الإلهي، وتقطعت بدويه سبل الطغاة، وتزينت أملاك السماء بحلة الشهادة، مستبشرة تزف رياحين الجنان، وتلملم أوصالها الدامية.

كل يستبق الخلود "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" "المطففين: 26" فلتخسأ تلك الحثالة على أن تطالك بضلالها، فثباتك مؤيد ومرامك مسدد "لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" "آل عمران: 169".

تجارة لن تبور هي التي مع الله، أقسمت أن تنتصر بإحدى الحسنيين، وأحرزت أثقلها في كفة الميزان وأوسمتها باشراقتك، وكسوتها حلتك المعطاءة المتفانية، شمخت في عنفوانك وأبيت إلا أن يحصحص الحق، وأن تتدارسه الأحرار بملحمتك، وأقمت صرح الدين وحفظته بصيحتك المدوية "هيهات منا الذلة"... سيدي لايزال ذكرك صومعة يأنسها التالون، ومظلوميتك تشع خلال الصمت الحالك بالظلم المهيمن على جميع الأقطار، فيقوى عمدها وتستقيم سبلها ويشتد ساعدها وتهتف يا حسين... يا حسين.

أتراه يستكين إعصار المحرومين وأنت منارهم؟ أيصمت البتار في غمده؟ أتستضعف الكرامة؟ أينطفئ شعاع الأمل؟ لا وربك... سرعان ما تنتفض تلك القيود، ويعصف شلال دمك وينحدر كالسيل المجلجل، لتطهر الأرض من الدنس، وتسوى ثغرات المآسي وينتصر الدم.

حسين أيا وطنا يتفيأ بظلك عشاق الكرامة، يسترسل معينها النابض بسلسبيل الفداء، ترنوك بطرفها وتبحر بعظمتك، متميمة بقدسك، عنوانها انتماؤك، وديدنها شعارك. تلتحف المنايا وتخط شجن الموت الزاكي بأنملك، وتنسج أهازيج الكبرياء، وتستجديك العطاء الأرجواني.

ما بالها نشبت بحياضك ضغائنها، أوما علمت تلكم الأحقاد أنها بدمك سطرت تراتيل الجلال، وأينعت ثمار الحرية... فنعم السلسبيل كوثرك، تجدف خمائله السؤدد، وينسج فيضه القاني محط الكمال، فحقا علينا سيدي طحن هوانا برحاك وبذر أحشائنا بسنبلك.

نهاية الحواج