من أعظم المصائب: المصيبة في الدين، فهي من أعظم مصائب الدنيا والآخرة، وهي نهاية الخسران الذي لا ربح فيه، والحرمان الذي لا طمع معه.
وقد حكى ابن أبي الدنيا عن شريح أنه قال: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات وأشكره، إذ لم تكن أعظم مما هي، وإذ رزقني الصبر عليها، وإذ وفقني الاسترجاع، لما أرجوه فيه من الثواب، وإذ لم يجعلها في ديني.
ومن أعظم المصائب في الدين: موت النبي "ص"، لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم، لأن بموته "ص" انقطع الوحي من السماء إلى يوم القيامة، وانقطعت النبوات، وكان موته أول ظهور الشر والفساد، بارتداد العرب عن الدين، فهو أول انقطاع عرى الدين ونقصانه، وفيها غاية التسلية عن كل مصيبة تصيب العبد.
قال أنس بن مالك "رض": "ما نفضنا أيدينا من التراب من قبر رسول الله "ص" حتى أنكرنا قلوبنا" رواه ابن ماجة، وإسناده حسن.
وإذا أردت أن تعلم أن المصيبة به "ص" أعظم من كل مصيبة حدثت في الدين، فانظر إلى ما روي عن عائشة "رض": أن رسول الله "ص" قال: "أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فيلتعزى بمصبيته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي". الصحيحة "1106".
والمصائب تتفاوت، فأعظمها المصيبة في الدين - نعوذ بالله من ذلك - هي أعظم من كل مصيبة يصاب بها الانسان، يؤيد ذلك أنه قد جاء في بعض الآثار أن النبي "ص" قال: "المسلوب من سلب دينه، والمحروم من حرم الأجر". ثم بعد مصيبة الدين المصيبة في النفس، ثم في المال، أما المال فيخلفه الله تعالى وهو فداء الأنفس، والنفس فداء الدين، والدين لا فداء له. قال تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير" "الحديد: 22".
عبدالله القلاف
العدد 906 - الأحد 27 فبراير 2005م الموافق 18 محرم 1426هـ