العدد 995 - الجمعة 27 مايو 2005م الموافق 18 ربيع الثاني 1426هـ

حاجة القروض الشخصية

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

لا يلام المواطن البحريني إن هو فكر في يوم من الايام باللجوء إلى القروض، فهو حتما بحاجة ماسة إليها. صحيح أن هناك من هو مصاب بداء الاستهلاك وبثقافة الاستهلاك، ولكن هؤلاء لا يمثلون نسبة كبيرة بحيث يمكن الركون لها، إلا أن ذلك لا يعني بطبيعة الحال أن كل من يلجأ إلى القروض مصاب بهذا الداء، ولو أنه لم تكن هناك حاجة شديدة وأكيدة لما اضطرت غالبية الناس إلى اللجوء إلى هذا الملجأ. وهؤلاء يمثلون شريحة عريضة وكبيرة جدا لا يمكن تجاهلها.

وفي الحقيقة ان المستفيد الأول والأخير من وراء تدني الوضع المعيشي للفرد في البحرين هو المصارف، إذ إنها الملاذ الوحيد بعد أن يستنفد الفرد كل حيله واساليبه، لابد له أن يطرق بابها، وكما عودتنا هذه المصارف فإنها لا ترجع من يرتمي في حضنها بل بالعكس تعامله معاملة حسنة لضمان الحصول على زبائن، إذ نجد هذه النوعية من المؤسسات أول ما توظف الأشخاص في المؤسسة ذاتها تقدم له الكثير من الدورات المتعلقة بالعناية بالزبون، بحيث تعطيه كل ما يطلبه وتأخذ منه حقها وزيادة من خلال الفوائد والارباح، ولو اضطر الفرد لذلك لما وضع نفسه في معاناة لا تنتهي، إذ إنه لا ينفك من الانتهاء من القرض الأولي الا وتراه فكر في القرض الثاني فيصبح إدمانا، فماذا عساه أن يفعل؟ يريد أن يعيش كما يعيش الآخرون.

ولكم أن تتخيلوا حال المواطن البحريني، الذي وصل به الحال أنه لا يمكن لأي شاب أن يشتري سيارة الا من خلال قرض، كما لا يستطيع أن يخطب الا من خلال قرض، ولا يستطيع أن يتزوج بطبيعة الحال الا من خلال قرض ثالث يستطيع من خلاله أن يؤثث المكان الذي سيعيش فيه سواء كان المكان غرفة أو شقة صغيرة، فالرواتب لا تسمح للفرد أن يعيش بلا ديون أبدا. ويبالغ من يقول إن الفرد البحريني مسرف أو إنه يحب المظاهر، فهذا ليس صحيحا، لأن المواطن البحريني بسيط جدا وحياته بسيطة جدا ويرغب أن يعيش كباقي اخوانه في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي ولكنه ليس بمقدوره، فهو في حركة دائمة كالعجلة من دون توقف يريد أن يوفر لقمة عيشه بأي شكل من الأشكال.

القانون الذي سنته مؤسسة نقد البحرين في الآونة الأخيرة والذي ينص على إعطاء الموظف البحريني قرضا نسبته 22 في المئة من راتبه، قانون قاس لا ينصف المواطن، والسبب يكمن في أن المواطن البحريني إذا كان في يوم من الأيام يحلم ويحقق حلمه بصعوبة بالغة، فإنه من الآن فصاعدا سيحلم ولن يستطيع تحقيق حلمه، فغالبية المواطنين الذين هم بحاجة ماسة إلى قروض لتحسين أوضاعهم المعيشية من أصحاب الرواتب المحدودة، وبالتالي فإن فكرة مثل هذه تجعل الفرد مديونا وغير قادر على تحقيق مطالبه، وبالتالي يلجأ إلى ملجأ ثان وربما ثالث إلى جانب القرض الرئيسي، وهذا لن يتأتى بسهولة إذ إنه ربما يلجأ إلى قرض آخر من خلال شخص قريب منه، وسيصعب عليه الحصول على ذلك القريب لأنه عملة نادرة، فمن منا الآن يعيش من دون قروض أو ديون؟

ليس من السهولة بمكان أن نجد شخصا خاليا من القروض والديون وبالتالي أصبحت بصمة معروفة لدى عامة الناس للحد الذي يتندر الناس فيما بينهم ويقولون: أليس ببحريني؟ فيأتي الجواب: نعم. إذا لابد لك أن تكبل بالديون والقروض إلى أجل غير مسمى، فالديون التي تحيط بالمواطن البحريني كفيلة بأن تشيب الرأس قبل الأوان.

الغريب العجيب في الأمر أنه بدلا من إيجاد الحلول الممكنة لحل أزمة المواطن وتصحيح وضعه المعيشي الصعب من خلال رفع المستوى المعيشي وزيادة الرواتب والتقليل من الضرائب والأرباح، نجد ان التوجه العام إرهاق المواطن بشكل أكبر، بدليل تنصل الحكومة من مسئولية رفع المستوى المعيشي للفرد وعجزها الأكيد عن تصديها للأمور المتعلقة بتحسين الأوضاع المعيشية، على رغم الأموال الطائلة من عائدات النفط. والذي زاد الطين بلة ضعف أداء المجلس النيابي، وبالتالي يبقى أمر مسألة الحكومة من الأدوات غير المستغلة، ضمانا لإرضاء الحكومة ورغبة منهم في الانشغال بتحسين أوضاعهم المعيشية الذاتية، والتي تتصدر الأولويات من تأمين اجتماعي وتأمين صحي... والقائمة تطول. ألم أقل من قبل إنهم نواب آخر زمن؟ والجانب الآخر ان البنوك والمصارف تحاول استغلال الوضع لصالحها فهي كالمنشار "طالع ماكل نازل ماكل"، والضحية هو جيب المواطن الذي لم يترقع بعد... والسالفة ضايعة

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 995 - الجمعة 27 مايو 2005م الموافق 18 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً