العدد 996 - السبت 28 مايو 2005م الموافق 19 ربيع الثاني 1426هـ

الحملة على مجلس إدارة "منتدى الأتاسي"!

دمشق أرادت توجيه ثلاث رسائل

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

مازالت قضية معتقلي "منتدى جمال الاتاسي للحوار الديمقراطي" في دمشق تتفاعل في مستوياتها الداخلية والخارجية. ففي الوقت الذي مازالت فيه السلطات السورية تتكتم على أية معلومات تتصل باعتقال اعضاء مجلس ادارة المنتدى التسعة، فلا توضح أين يجري اعتقالهم، او سبب اعتقالهم، ولاتفصح عن التهم الموجهة لهم، فان اهالي المعتقلين وبعض اصدقائهم، اعتصموا ليومين متتاليين في ساحة المدفع قريبا من مكتب نائب الرئيس عبدالحليم خدام في شارع أبو رمانة، وعلى رغم الاعتداء بالضرب على المعتصمين لكسر اعتصامهم، فقد أعلنت جماعات سياسية ومدنية وحقوقية سورية، انها ستنظم اعتصاما كبيرا في وسط دمشق ضد استمرار اعتقال مجلس ادارة "منتدى الاتاسي" مطالبة باطلاق سراحهم وسراح كل معتقلي الرأي ومن أجل وضع حد نهائي لملف الاعتقال السياسي في سورية.

وارتباطا بالتطورات السورية الداخلية في موضوع "منتدى الاتاسي" جرت تطورات خارجية موازية، كان الاهم فيها مواقف استنكار لحملة الاعتقالات اطلقتها شخصيات وفعاليات وجماعات حقوقية واجتماعية وسياسية عربية واجنبية، طالبت باطلاق سراح المعتقلين ووقف سياسة الاعتقال السياسي، كما ذهبت في الاتجاه نفسه مواقف حكومات استنكرت ما تم القيام به من خطوات في سياق منع السوريين والمثقفين من التعبير عن آرائهم ومواقفهم واحتجازهم.

ان الاسباب التي أدت الى قيام السلطات باعتقال مجلس ادارة منتدى الاتاسي مازالت غير معلنة، لكن تسريبات امنية، اشارت الى ان سبب هذه العملية يكمن، في ان المنتدى اتاح للاخوان المسلمين ايصال ورقة المراقب العام علي البيانوني الى قطاع من النخبة السياسية والثقافية عن رأي الاخوان في الاصلاح السوري عبر احدى ندوات المنتدى، وعلي رغم ان هذا السبب ملتبس وفيه كثير من التجني، فقد يكون بين الاسباب التي ادت الى عملية الاعتقال، اما الاهم في هذه الاسباب، فقد يكون رغبة السلطة في ارسال رسائل قوية عشية المؤتمر المقبل لحزب البعث الحاكم، وهي رسائل يمكن القول انها في ثلاثة اتجاهات، اولها رسالة موجهة الى مؤتمر البعث، خلاصتها النظام قوي، وان عليكم ان تضعوا ثقتكم بالقيادة، التي تستطيع معالجة الاوضاع المختلفة، بما في ذلك قمع المعارضين بمن فيهم نخبة المثقفين المطالبة بالاصلاح ولو متدرجا.

والرسالة الثانية، التي تبعثها السلطات للمجتمع والنشطاء سواء في القطاع الثقافي او السياسي، تتمثل بالقول، ان السلطة مازالت قوية، وهي قادرة على مواجهة التحركات والمطالب السياسية وغيرها، وخصوصا ان الاعتقالات جاءت بعد مطالب هيئات مدنية وجماعات سياسية بضرورة فتح أبواب الحوار الوطني على مصراعيه، ليشمل التيار الاسلامي ومنه جماعة الاخوان المسلمين المحظورة، والتي يتعرض المنتمون اليها الى عقوبة الاعدام بموجب القانون رقم 79 للعام ،1980 وصدرت مطالبات واسعة في سورية من أجل الغائه.

والرسالة الثالثة، التي تبعثها السلطة من خلال اعتقال مجلس ادارة "منتدى الاتاسي"، هي للخارج، ومؤلفة من شقين، الاول، ان السلطة تبين ان معارضيها في سورية في ادنى درجات الضعف، وهذا يكمل حقيقة ان المعارضة في الخارج هي ضعيفة ايضا، وبالتالي فانه ليس لدى الخارج من طرف سوري، يمكن التعاطي معه الا السلطة الحاكمة في دمشق، وعنوانها معروف، اما الشق الثاني، فان عملية الاعتقال، تفتح بوابة حوار بين السلطات في سورية والدول او المنظمات التي يكون لها موقف من عمليات الاعتقال، وهذا قد ينقل الحوار بين السلطة السورية مع هذه الدول باتجاهات تتجاوز عملية الاعتقال.

والحق، فان سياسة السلطة في موضوع الاعتقالات التي تمت، ويمكن ان تستمر تكاد تتماثل مع سياستها في الموضوع اللبناني عندما قررت التمديد للرئيس اميل لحود لاظهار مدى قوتها في لبنان وضعف الآخرين، والحالتان تعبير بارز الى نظرية السياسية السورية التي اتبعت في الثمانينات والمعروفة بـ "حافة الهاوية"، وهي نظرية حققت في أوقات سابقة نجاحات، لكنها في الحال اللبنانية، قادت الى خسارة كبيرة، وثمة مخاوف حقيقية، من ان تؤدي حملات الاعتقال الحالية الى نتائج مماثلة

العدد 996 - السبت 28 مايو 2005م الموافق 19 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً