العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ

أحمد العجمي: ليلى السيد تؤثث فضـاءاتها بهدوء وطمأنينة

خلال أمسية شعرية بدار البارح

ضمن برنامجها الثقافي استضافت دار البارح الشاعرة ليلى السيد لتقرأ مجموعة من نصوصها وذلك بحضور مجموعة من المثقفين والأصدقاء والمهتمين.

وتطرق الشاعر أحمد العجمي لتجربة ليلى السيد خلال تقديمه للأمسية بمقاربة سريعة أشار فيها إلى أنه من الجميل أن يتمكن الصمت من أسرنا... من ترك حفيف الضوء يتسلل إلى ذاكرة الليل حيث يعيش قلب الحرية!!

العدلية - محرر فضاءات

ضمن برنامجها الثقافي استضافت دار البارح الشاعرة ليلى السيد لتقرأ مجموعة من نصوصها وذلك بحضور مجموعة من المثقفين والأصدقاء والمهتمين.

وتطرق الشاعر أحمد العجمي لتجربة ليلى السيد خلال تقديمه للأمسية بمقاربة سريعة أشار فيها إلى أنه من الجميل أن يتمكن الصمت من أسرنا... من ترك حفيف الضوء يتسلل إلى ذاكرة الليل حيث يعيش قلب الحرية!!

«مررنا هناك»، «من يرث ابتسامتي»، «مذاق العزلة»، «أطرق بوابات البحر... أدخل برج الغزالة».

أربعة دواوين ترسم قوساً متنوعاً لتجربة شعرية في قصيدة النثر، تجربة لها مذاقاتها الخاصة، وظلالها المتأبية على الذوبان، كونها تؤثث فضاءاتها بهدوء وطمأنينة ووقار يقيها من أن تتبع صوتاً آخر، ويبيح لها بحرية شاسعة أن تترك أثرها على جدران الحياة.

فالقصيدة لدى ليلى السيد تخاف من تكرار شهيقها ولهذا تكون مثابرة جداً على ألا تتحرك في دوائر ثابتة وإنما تبني أمكنتها وأزمنتها بمراوغات مختلفة ومكر شديد مغرٍ.

ولكن مع كل هذا المكر، يمكن أن نلتقط من فضاءاتها وأطيافها خيوطاً شفافة وقوية تسمح لنا بكشف لملامح هذا القوس، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

أولاً: إن تجربة ليلى السيد مخلصة لقصيدة النثر من حيث ماهيتها وقوانينها، فهي تجربة واعية بقوانين وآليات بناء هذه القصيدة وإيقاعاتها وفراغاتها التي تتركها لسرقة القارئ من وعيه.

ثانياً: تظهر تجربة الشاعرة كثافة واقتصاداً أسلوبياً شعرياً لا يقبل الترهلات التي تطيل القصيدة وتحولها إلى عدد من القصائد، فالقصيدة مثقلة بذاتها الشعرية ولا مكان لغير ذلك!

ثالثاً: تظهر قصائد التجربة أن القصيدة تعرف من أين ومتى تبدأ، وكيف ومتى تنتهي، وهذه ميزة تفتقدها الكثير من التجارب.

رابعاً: إن التجربة قد تمكنت من أن تكون صوتها وصمتها الخاص بها، خارج السرب، وبعيداً عن مظلات الأبوية والطاعة. فقد استطاعت شاعرية ليلى السيد أن تحمل رائحتها الخاصة!

خامساً: تمازج التجربة في أسلوبيتها بين السردية بمزاجها الشعري وبين الومضة التي لا تمهل المتلقي كي ينتبه إلى ثبات وجوده، بل تباغته لتفقده فرحته المناورة.

سادساً: تشتغل التجربة على شبكة الأحاسيس الفردية والجمعية في فنائها الإنساني، حيث تعمل الذات كإبرة تخيط تفاصيل الحياة اليومية، وحياة الذاكرة والظلال الإنسانية. فإذا كانت الذات يعبر عنها عنوان ديوانها مذاق العزلة، فإن المرور هناك ناحية الحب والجسد تحاول أن تشعل السرّ، سرّ السؤال الوجودي الذي يتعلق بالحب وسرادقه، وتتوسع الأطياف الإنسانية عبر بوابات البحر حيث يسكن الإنسان الآخر، إنسان تلتقي به وبأحاسيسه ومشاعره في الحب والخوف والأحلام.

سابعاً: إن التجربة تسلك طريقاً تصاعدياً في الانحياز إلى الشعر، ويتمثل ذلك بوضوح في ديوانها الأخير (أطرق بوابات البحر... أدخل برج الغزالة)، فالقصيدة هنا «تكتفي بنبض صمتها» حيث قصائد الديوان قصيرة وعارية من الكلام الذي بلا أجنحة!

ثامناً: تمتلك الشاعرة مشروعاً واضحاً هو مشروع الشعر الذي لا يقبل الغفلة والكسل والسكون، وإنما يتطلب عناصره اللغوية، والفنية، والثقافية، والمثابرة ضمن شروطه الخاصة، وهذا ما ترك الشاعرة في قلق مستمر، قلق يستوجبه الإخلاص للشعر الصافي الخالي من العبودية والطغيان!

بعد هذة المقاربة التي قدمها العجمي ألقت الشاعرة ليلى السيد مجموعة من نصوصها مضاعفة ذاكرتها بين سرد ذاتي وكثافة شعرية خاصة.

1

أُضاعفُ ذاكرتي

في كومةِ الإسمنت

تُخرجُ من زرقةِ قلبكَ

قلبيَ الفارغَ

من طريق طفلة.

2

أيُّ حلمٍ أخلّفُ ورائي

استغاثةُ بطئك

من ليلٍ بوحشية المزبلة

أيُّ يُتمٍ خلفتَ وتنتظرُ أماً

تحنو على أزرقك.

منبوذٌ في عتمتك

برغم مصابيحِ النيونِ البعيدة

كأنك خارجُ بهو ِحضارتها

ظِلُّ المصباحِ يبتعدُ

تُسْعدُك ارتعاشةُ ضوئِه

طائرُك تُحوله المصابيحُ

صوتاً مجنوناً...

هل سربت لكَ الريحُ

طعمَ البيتزا من سائق التوصيل

لمنازلِ قريتِك الناحلة

رافضاً سمكك؟

3

الريحُ تلعبُ بأكياسِ القمامةِ كرنفالا

4

قريتي تسامحتَ معها

تابت إليكَ فأسميتُها «توبلي»

بات وجهُها يمسح عن عينيك

بهجةَ الشِّعرِ بسورةِ ياسين

5

نهارُها حارقٌ لابتسامتِك

وليلُها رطبٌ ببشر الحَكَايا

تُطّلقُها خضرةُ ثوبِك

وتلك (الغرافة)

6

وراء ظلّك سعادةٌ

تمرحُ في طينِها

أقدامٌ تركضُ خلف نورك

تُلصقُ جسدَها بشفتيك

تهربُ في أحلامِها

أبحثُ عن جسدي

محبوساً في جثتك

يا نور يا سور يا منور على الديرة

خلي ليلك يطول ويسوي حلمي ضفيره

باجر نكبر نجيك ونبحر في سما الديره

يا نور يا سور نورك على ليول

7

أيُّها المالحُ

البيوتُ تهذي برائحتِك

تتلمسُ نجومَك

فتلمسَ أكتافَ نسوتِهن

9

أيُّها المالحُ

الحبُّ قطرتُك يوم هم رحلوا

لا يمسكَ الفرحُ

لا يمسك الأملُ

(أسقيتني يا حبيبي كاس بغدادي

كاس مليح بلا كنز بقى غادي

والكاس لا عاب ما تكسيه لجوادي...)

10

أيُّها المالحُ

تقتلعُ مني أوردتي

حين تغشاني

فتهضمُ أنوثتي

في كينونتِك

لدن أزرقُك

من أين أجيءُ بطفلةٍ

حلمت

فجئتَها ببهاءٍ وافر

العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً