العدد 2935 - السبت 18 سبتمبر 2010م الموافق 09 شوال 1431هـ

شرودر يطالب الاتحاد الأوروبي بتنفيذ إصلاحات تنقذ دوله اقتصادياً

أبرزها عقد شراكات مع تركيا وروسيا وجهاز إنذار للمخاطر

استعرض المستشار الألماني السابق، غرهارد شرودر، خلال محاضرته في برلين، نقاطاً مهمة تتعلق بالأزمة المالية العالمية والعلاقات مع تركيا وروسيا؛ إذ وضع إصبعه على جوانب حساسة منها ومؤلمة.

في ما يتعلق بالأزمة اليونانية، قال شرودر: «علينا الاعتراف إننا تعاملنا بشكل خاطئ مع الأزمة العالمية، إن في الاتحاد الأوروبي أو في ألمانيا، وكل القرارات التي اتخذت كان يجب أن تتخذ منذ أشهر طويلة؛ ما جعل بلدان الاتحاد الأوروبي وحكوماتها رهينة المضاربات في الأسواق المالية، والعنوان العريض للصحف الصفراء».

وتساءل شرودر «ماذا تعني الأزمة بالنسبة إلى أوروبا ومستقبلها؟»، وأضاف «ما يمكن قوله إن على الاتحاد الأوروبي الآن وبعد إلحاح، وضع خطط جديدة لإحداث تغييرات مهمة، ليتمكن من دخول المرحلة الجديدة للتغييرات العالمية الحاصلة، فالصين بعد الولايات المتحدة أصبحت المركز العالمي الثاني سياسياً واقتصادياً. فهي أكبر بلد مصدر في العالم، وتملك احتياطاً نقدياً ضخماً جدًا، وتشكل 30 في المئة من اقتصاد العالم، وتعتبر أكبر سوق استهلاكية، لذا تقف الصين حالياً الند للند مع الولايات المتحدة، مؤكداً في الوقت نفسه أن أوروبا تملك الإمكانات والقدرات لتكون على المستوى نفسه مع البلدين.

شرودر طالب الاتحاد الأوروبي بإدخال إصلاحات، ورأى أنه إذا ما بقي على حاله فستكون أوروبا من الخاسرين سياسياً واقتصادياً، وإذا أراد أن يكون له مكانة في الاقتصاد العالمي فإنه بحاجة إلى شركاء كي يرفع أيضاً قدراته التنافسية. كما وأن عليه جمع قواه فهذا يوفر له الفرص ليكون في المرتبة نفسها مع الولايات المتحدة والصين.

أما الشروط المطلوبة برأيه فهي وضع سياسة مالية واضحة تتفاعل مع التطورات العالمية، وجهاز إنذار لإدراك مخاطر الأزمات في المستقبل، لكن إضافة إلى ذلك طالب بوضع معايير جديدة للتعامل مع شركاء مهمين، وعلى رأسهم تركيا، وبناء تعاون وثيق مع روسيا، وإذا لم يحدث ذلك حتى العام 2020، فيرى أن المجموعة الأوروبية ستعاني لوقت طويل الأمد من الارتهان، وستكون المريض الأوروبي والقزم في الاقتصاد العالمي.

ومن التغييرات الجوهرية التي يراها شرودر مهمة للوصول إلى هذا الهدف إقرار الاتحاد الأوروبي معاهدات شراكة أعمق مع روسيا، وتوسيع حدوده بشمل تركيا؛ إذ إن روسيا بالنسبة إلى ألمانيا ولكل أوروبا مهمة استراتيجياً، وذلك لاعتبارين، الأول حاجة الأوروبيين لمنافذ إلى مصادر المواد الخام، وهي متوافرة بكثرة في روسيا، فهذا يوفر لهم الاستقرار الاقتصادي ومراكز العمل والحياة الرغيدة بشكل دائم، والثاني أنه لا يمكن توفير الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية إلا عبر تعاون متين مع روسيا.

وأشار شرودر إلى أن الشروط من أجل بناء شراكة عميقة أصبحت أفضل لأن روسيا غيّرت أسس سياستها حيال الولايات المتحدة الأميركية. كما أن العلاقات الروسية البولندية تسير في الطريق الصحيح اليوم؛ ما جعل كل الكتل داخل أوروبا تنحل، معتبراً أن سياسة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، تحجيم قوة روسيا وفرض طوق عليها قد فشلت.

ويعتبر شرودر تركيا الشريك الثاني الأهم بالنسبة إلى أوروبا، ودخولها الاتحاد الأوروبي يشكل للطرفين مكسباً سياسياً واقتصادياً وثقافياً. فتركيا على قائمة البلدان العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم، ونموها الاقتصادي سريع الوتيرة، وخلال 20 وحتى 25 سنة، سيكون هذا البلد رابع أو خامس أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، وعلى مستوى واحد مع إيطاليا وفرنسا، لذا يجب على الأوروبيين، بحسب شرودر، استغلال الفرص المتوافرة لدمج هذا الاقتصاد بالكامل في الاتحاد الأوروبي.

وبرأي شرودر أيضاً أن الشروط التي وضعها الاتحاد الأوروبي من أجل عضوية تركيا تتضمن المعاير والقوانين التي يتمسك بها، وإذا ما وفرتها فلا يجب أن يكون هناك أي عائق لعدم انضمامها، وخصوصاً ما يتعلق بتحديث مؤسساتها ودولة القانون واعتماد الأسس الديمقراطية. وعند منح هذا البلد عضوية، فسيكون ذلك برهاناً على عدم وجود تعارض بين الديمقراطية والمجتمع الذي يسوده المعتقد الإسلامي. وعلى الأوروبيين أن يساندوا مثل هذا التطور المهم بالنسبة إلى العالم، لأن ذلك سيقود إلى توفير السلام بالنسبة إليهم.

وأكد شرودر أن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سيحتاج سنوات لكي تصبح جاهزة بشكل كامل، لكنها حققت حتى الآن الكثير من الخطوات لها تأثير. كما حققت تركيا بقيادة رئيس الحكومة أردوغان تغييرات ملموسة لم يتوقعها أحد قبل عشر سنوات، وهذه التغييرات لها صفات تاريخية، فسياسة تركيا حيال الأكراد يمكن اعتبارها أنها قد وضعت نهاية للصراع الدموي والخطوات التي خطتها تفتح مجالاً لإحلال سلام في منطقة القوقاز، إضافة إلى تعامله مع مسألة الأرمن. ولقد نُصح الاتحاد الأوروبي أن يأخذ هذه التطورات بالاعتبار لدفع عجلة انضمام تركيا، وإذا ما حدثت انتكاسة في مسألة العضوية فإن ذلك سيكون خطوة غير مسئولة، لأنها ستؤدي إلى تشدد السياسة الداخلية في تركيا، وجعلها بلداً غريباً عن أوروبا

العدد 2935 - السبت 18 سبتمبر 2010م الموافق 09 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً