يتفق علماء الكرة الأرضية على أن ازدياد الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري بسبب النشاط البشري، يعطل الأنماط المناخية حول العالم. فالأحوال الجوية آخذة في التغير بصورة غير سوية وبوتيرة أسرع مما تستطيع معظم الدول التكيف معها.
في ما يلي حوار المحاضر في جامعة كاليفورنيا بمدينة سانتا باربره ديفيد ليا، وهو أيضا ضليع في علم المحيطات. يقدم موقع أمريكا دوت غوف أجوبة على الأسئلة التي لم يتطرق إليها البرنامج الحي.
إذا لم ُيتّخذ إجراء فعال لتقليص الانبعاثات لدينا من ثاني أكسيد الكربون، متى سنبدأ نلمس العواقب البعيدة المدى؟
لا يعرف العلماء على وجه اليقين متى ستحدث العواقب الوخيمة البعيدة المدى أو متى ستصبح ظاهرة للعيان. ولكن الخبراء يتفقون على أن ارتفاع درجات الحرارة والأحوال الجوية العاتية وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات يرجح أن تحدث إذا لم يُتخذ إجراء فعال لتقليص الانبعاثات لدينا من ثاني أكسيد الكربون. وقد صرح البروفسور ليا لموقع «أمريكا دوت غوف» بأنه يعتقد أننا أصبحنا بالفعل نلمس عواقب ازدياد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والانبعاثات الغازية الأخرى المسببة للاحتباس الحراري. ويرى ليا أن درجات الحرارة المرتفعة في جو الكرة الأرضية والمحيطات وذوبان الأنهار الجليدية واشتداد حموضة مياه البحار، كل ذلك قد يقترن «بثقة عالية» بظاهرة الاحتباس الحراري.
ويقول المحاضر في جامعة كاليفورنيا: «إن الأحوال الجوية العاتية مثل موجة الحرارة في روسيا هذا العام والفيضانات في باكستان يصعب ربطها مباشرة بعوامل بشرية. ولكنها ذلك النوع من الأحداث التي قد نتنبأ بوقوعها في ظل الاحترار الكوني.
وقد يتساءل المرء: هل كان يوم الأربعاء الحار في فصل الشتاء الماضي جزءاً من التفاوت المعهود في الطقس أم بسبب الاحترار الكوني؟ وهل يستحيل على العلماء أن يجزموا أن حالة واحدة شاذة في الطقس مردها الاحترار الكوني؟
العلماء يحاولون احتساب احتمالات تغير الطقس حسب الأنماط الطبيعية المألوفة. ويقول ليا إن العلماء أثبتوا أن فرص حدوث موجة الحر في أوروبا في العام 2003 في ظل تغير مناخي طبيعي هي «أقل من واحد في المئة».
ما هي أخطر عواقب الاحترار الكوني؟
إن نشاط البراكين الحية وعوامل طبيعية أخرى مثل ظاهرة ألنينيو، تؤثر على المناخ لسنوات وعقود من الزمن.
إن ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات هو الأثر الذي يتبادر إلى أذهان العلماء وصناع السياسة قبل غيره حينما يتدارسون ظاهرة الاحترار الكوني.يذكر أن قرابة 40 في المئة من سكان العالم يعيشون على مسافة 100 كيلومتر من أحد السواحل، ويحذر معهد الموارد العالمية من أن ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات ستكون له آثار هائلة على المدى البعيد.
إلا أن، ليا ينبه قائلا: «إن آثاراً أخرى كموجات الحر، حرائق الغابات، الأحوال الجوية العاتية، القحط والجفاف، وشح المياه، قد تكون هي الأخطر على الناس في المدى الأقصر».
ويرى العديد من العلماء أن عبارة «الاحترار الكوني» عبارة مضللة لأن تغير المناخ لا يتعلق فقط بدرجات الحرارة. مدير مكتب العلوم وسياسة التكنولوجيا في البيت الأبيض، جون هولدرن، يفضل عبارة «تعطيل المناخ العالمي». فقد صرح هولدرن في منتدى حول التعاون العلمي الدولي عقد في أوسلو عاصمة النرويج خلال هذه السنة بأن المناخ هو تواتر وتوقيت ومكان ومدى شدة أنماط الأحوال الجوية مثل درجات الحرارة والرطوبة والغمام والمطر والثلج والريح. وعندما تتعطل كل هذه الظواهر فإن المناخ العالمي يتعطل.
وقال مدير مكتب العلوم وسياسة التكنولوجيا في البيت الأبيض، في خطاب ألقاه في جامعة هارفارد في العام 2007: «الاحترار الكوني اسم على غير مسمى لأنه يوحي بحدوث شيء تدريجي ومتسق وحميد. وما نمر به حالياً ليس كذلك إطلاقا».
كيف سيكون تغير المناخ لو لم يكن هناك تدخل بشري؟
سيظل المناخ يتغير. يقول ليا إنه قبل 13000 عام مضت ارتفعت درجات الحرارة في منطقة غرين لاند بواقع 30 درجة فهرنهايت تقريباً (ما يعادل 16 درجة مئوية تقريبا) في غضون بضع عشرات من السنين. فالتغيرات المناخية جزء من تاريخ الكرة الأرضية.
ولا يخفى أن نشاط البراكين الحية وتحولات الطاقة الناجمة عن الشمس وأحداثا مجلجلة مثل ظاهرة النينيو تؤثر على المناخ عبر عقود من السنين. كما أن التغيرات الطبيعية الهادئة في مدار الأرض، تعززها تغيرات طبيعية في انبعاثات الغازات في الجو، تؤثر بدورها على المناخ عبر مئات وآلاف السنين. ويمضي الأستاذ الجامعي الأميركي في حديثه إلى القول: « في غياب التدخل البشري، يرجح أن تدخل الكرة الأرضية عصرا جليديا في وقت ما بعد 10 آلاف سنة من الآن أو نحو ذلك. والتحدي الماثل أمامنا اليوم هو أن التغيرات في مستويات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في الجو غير طبيعية. ولئن تميزت الكرة الأرضية بالمرونة والتكيف فإن الحيوانات والنباتات فيها ليست كذلك بالضرورة. فبعض العضويات تعجز عن التكيف مع تغير المناخ في حين تستطيع عضويات أخرى التكيف ولكن بصعوبة كبيرة.
هل ظاهرتا ألنينيو وألنينيا حدثان مستقلان أم نذيران بتغيرات مناخية؟
يجيب البروفسر ليا على ذلك قائلا: «ليست هناك نماذج محددة أو بيانات تدل على أن النينيو يشتد أو يضعف مع تفاقم الاحترار الكوني. فظاهرتا النينيو والنينيا تؤثران على المناخ إقليميا وعالميا على مدى عدة سنين. مثلا، بين العقود القليلة الماضية، كانت سنة 1998 سنة دافئة بصورة غير عادية وتميزت بموسم نينيو قوي للغاية». ثم يخلص الأستاذ الجامعي الأميركي إلى القول: نحن الآن في خضم النينيو في شرق المحيط الهادي؛ ومن شأن ذلك أن يؤثر على درجات الحرارة العالمية هذه السنة
العدد 2977 - السبت 30 أكتوبر 2010م الموافق 22 ذي القعدة 1431هـ