العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ

المعارضة والموالاة: انتخابات مصر تعكس تقدما نحو الأفضل

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

كيف يمكن تلخيص نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية في مصر. كان هذا أحد الأسئلة التي شغلتني وأنا أتابع الانتخابات في القاهرة، والتي تقول نتائجها الظاهرة حتى الآن، ان نصف المقاعد ستكون من نصيب مرشحي حزب الحكومة الحزب الوطني، والربع من نصيب الاخوان المسلمين، فيما يتقاسم الربع الآخير المنتمون الى أحزاب المعارضة الأخرى والمستقلون، وهو تطور اذا استمر في اتجاهه العام، أو تعدل قليلا لصالح الاخوان، فإنه يعني تبدلا في طبيعة تمثيل الجماعات السياسية في البرلمان المصري، إذ يخسر الحزب الحاكم بعضا من مقاعده، ويكسب الاخوان مقاعد جديدة، تجعلهم مع ما يمكن ان يتحالفوا معهم من نواب في أحزاب المعارضة أو المستقلين كتلة برلمانية مهمة في خلال أكثر من خمسة عقود من الحياة السياسية في مصر. وصعود الاخوان المسلمين في مصر، هو ناتج ثلاثة عوامل أساسية، أولها عجز النظام الحاكم وحزبه الحزب الوطني عن معالجة الأوضاع المتفاقمة في الواقع المصري، إذ لا حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تهم الأكثرية الشعبية في مصر، وفيما يعجز النظام عن المضي عمليا في أجندة الاصلاح، يتهمه خصومه بإعادة ترتيب أوراقه نحو تأمين سيطرة كاملة داخل النظام والحزب لنجل الرئيس جمال مبارك في المرحلة المقبلة، بعد ان استطاع الرئيس مبارك تجديد رئاسته لفترة الرئاسة الحالية. والعامل الثاني، تمثله عدم قدرة جماعات المعارضة السياسية على تحقيق خرق قوي وفعال في الواقع السياسي المصري، إذ أكثرية الأحزاب تراوح في مكانها، فتتقدم ثم تتراجع في حركة نوسان، لا يظهر مخرج منها، فيما يحقق الاخوان المسلمون تقدما ملموسا على أكثر من صعيد نتيجة اشتغالهم السياسي والاجتماعي الواسع في الوسط الشعبي، وهو ما تأكد في مجريات العملية الانتخابية في المرحلتين الأولى والثانية وفي أكثر من واحدة في محافظات الجمهورية، وهو العامل الثالث من عوامل التغيير في التشكيل السياسي لمجلس الشعب المصري. غير ان الوصول الى النتيجة الظاهرة للانتخابات البرلمانية المصرية، ترافق مع كون كل فترة الانتخابات محط شكاوى واتهامات من اطراف مختلفة معنية بالانتخابات. فالحزب الوطني ووزارة الداخلية اتهما الاخوان بتنظيم اعمال شغب واعتداء رافقت الانتخابات، فيما اتهمت المعارضة ومنها جماعات الاخوان الحزب الوطني والحكومة ليس فقط بتنظيم اعمال "البلطجية"، وانما بالتدخل في تزوير الانتخابات في أكثر من مكان، وباغلاق مقار انتخابية أمام الناخبين، وهو ما دعمته تقارير منظمات المجتمع المدني والجماعات الحقوقية التي تراقب الانتخابات في مصر، إذ أيدت ما قالته جماعات المعارضة ومرشحوها، ولعل الحادثة الأوضح في هذا الجانب، ما قيل عن عمليات تزوير في النتائج لصالح مرشح الحزب الوطني مصطفى الفقي في مواجهة مرشح الاخوان جمال حشمت في دمنهور، اذ قيل ان حشمت حصل على اصوات تفوق كثيرا ما حصل عليه الفقي، وهو امر بوشر بالتحقيق فيه. وترافقت الاتهامات المتبادلة مع قيام السلطات باجراءات احترازية أدت الى اعتقال أكثر من ستمئة من أعضاء الاخوان المسلمين في ظل اتهامات من جانب الداخلية المصرية باعدادهم مليشيات للقيام بأعمال شغب واعتداء للتأثير على نتائج العمليات الانتخابية، وعزز القضاء المصري من حضوره في العملية الانتخابية. اذ انه وبالإضافة الى مراقبة القضاة للانتخابات، فقد تدخل القضاة فأوقفوا الاقتراع في بعض المراكز حفاظا على حياتهم وعلى سير العملية الانتخابية بصورة طبيعية، واستعان بعضهم للمساعدة بالمحافظين أو المنظمات الحقوقية أو رجال الأمن، واصدر نادي القضاة بيانا طالب فيه بحماية القضاة المشرفين على الانتخابات ووقف التجاوزات. وعلى رغم كل المشكلات التي تحيط بالانتخابات البرلمانية، فإن أوساطا في السلطة والمعارضة تتفق على قول، ان الانتخابات البرلمانية الحالية في مصر، هي الأهم في تاريخ مصر المعاصر، لانها تعكس حيوية أفضل بالنسبة إلى الشارع المصري من حيث مشاركته واهتمامه بعد ان استكان لعقود لعمليات انتخابية محسوبة النتائج بصورة مسبقة، كما ان الانتخابات تعكس جوا من التنافس الذي على رغم حدته فإنه محكوم بالتوافق بين كل القوى في اطار نظام، تطور على مراحل في اتجاه ديمقراطية تعددية، يسعى المصريون للوصول اليها.

العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً