العدد 2996 - الخميس 18 نوفمبر 2010م الموافق 12 ذي الحجة 1431هـ

قراءة غير نووية في كتاب «الرعب النووي» (1 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء استدعاء الرئيس الأميركي باراك أوباما «وزراء خارجية ودفاع أميركيين سابقين لمساعدة إدارته في جهودها لإقناع الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ بالمصادقة على معاهدة خفض الأسلحة النووية التي تم التوصل إليها بين روسيا والولايات المتحدة والمعروفة باسم (ستارت 2 )». وتحتاج إدارة أوباما إلى «أصوات ثمانية من الشيوخ الجمهوريين لكي يكون لديها الأصوات الـ 67 الضرورية للمصادقة على المعاهدة، ولكن هذا العدد سيزداد إلى 14 حال التئام المجلس الجديد في يناير/ كانون الثاني بسبب فوز الجمهوريين بعدد أكبر من المقاعد في انتخابات التجديد النصفي». وفي مبادرة منه لتطمين الجمهوريين، بصرامة الموقف الأميركي فيما يتعلق بالتسلح النووي، خصص «البيت الأبيض» مبلغ 80 مليار دولار لتحديث الترسانة النووية الاميركية».

جاء بروز برنامج التسلح النووي الأميركي على سطح نقاشات رموز المؤسسة السياسية الأميركية، إثر تحذيرات وزير الخارجية الروسي سيرجي إيفانوف، قبل عدة أيام، من «أن بلاده قد تتراجع عن توقيع المعاهدة الجديدة لنزع الأسلحة النووية في حالة ما إذا شعرت بالتهديد من جانب الولايات المتحدة».

تأتي هذه الأنشطة «النووية» في سياق التصريحات الإيرانية الأخيرة، حيث نقلت وكالة أنباء مهر الإيرانية شبه الرسمية، تصريحات وزير الخارجية الإيرانية منوشهر متكي الذي «حدد موعد 15 نوفمبر/ تشرين الثاني لبدء المحادثات بشأن البرنامج النووي، مقترحاً أن تجرى المحادثات في تركيا، وهي بين إيران من ناحية والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من ناحية أخرى».

وقد سبق كل تلك التصريحات، ما سرّبه تقرير صحافي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في نهاية الشهر الماضي، جاء فيه أن «إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تعد بالتعاون مع شركائها الأوروبيين عرضاً جديداً أقوى لإيران حول برنامجها النووي. وأن هذا العرض الجديد يتضمن شروطاً أكثر تشدداً على طهران، مقارنة بالعرض السابق المقدم العام الماضي، والذي رفضه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي». وأشارت الصحيفة، إلى أن الإدارة الأميركية ستنظر في «الرد الإيراني على العرض المقترح على أن أول اختبار لمعرفة تأثير حزمة الإجراءات العقابية التي فرضها الغرب على إيران، ومدى تأثيرها على برنامجها النووي، على الرغم من أن مسئولين كبار كانوا قد قالوا إنها لن تكون ذات تأثير يذكر عليه بالرغم من قوتها».

يراود هذا الشريط من الأحداث ذهن أي قارئ لكتاب جوزيف سيرينسيوني الموسوم «رعب القنبلة: تاريخ الأسلحة النووية ومستقبلها»، الذي صدرت نسخته العربية الأولى في العام 2009، وقام بترجمة نسخته الإنجليزية «مركز ابن العماد للترجمة والتعريب»، وتولت نشره بشكل مشترك: دار كلمة، ودار ثقافة، في أبوظبي.

يكتسب هذا الملف أهمية خاصة لدى القارئ العربي بعد ارتفاع حرارة هذا الملف، إثر تصاعد التهديدات الغربية لإيران جراء كشفها عن عزمها على بناء خرسانة نووية، لايزال الخلاف بشأن «سلميتها من عدم سلميتها» لم يتوقف بعد، كما أشرنا أعلاه. يمكن قراءة الكتاب من مدخلين مختلفين: الأول هو علمي/ إستراتيجي، حيث يزخر الكتاب بالكثير من التفاصيل التي تناقش أسرار»القنبلة النووية»، التي لا يستغني عنها القارئ المتخصص في الشئون العسكرية والعلمية ذات العلاقة بسباق «التسلح النووي، وتتخلل صفحات الكتاب العديد من الجداول والأشكال التوضيحية التي ترصد بدقة متناهية تطور صناعة السلاح النووي على المستوى العالمي، والتي ربما يصعب فهمها على من لا يمتلك خلفية راسخة في هذا المجال. والثاني، هو ذاك القارئ العادي غير المتخصص الذي يخاطبه المؤلف في سهولة متناهية تعينه على فهم ذلك الموضوع المعقد، حيث تنتشر في صفحات الكتاب أيضاً الكثير من الشروحات التبسيطية التي تساعد ذلك القارئ على استيعاب، بدرجة كافية، ما يجري حوله هذه الأيام من صراعات عالمية بشأن « الملف النووي».

وينجح المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، في الجمع بين هذين النوعين من القراء، حين يقول في الغلاف الأخير من الكتاب أن جوزيف سيرينسيوني قد استنتج بأن «تقليص المخاطر النووية في القرن الحادي والعشرين لا يمكن أن يُحصر في الإستراتيجيات العسكرية، والطاقة النووية فقط، بل يجب علينا أيضاً إيجاد الحلول للصراعات السياسية الرئيسة التي تمثل القوى المحركة للانتشار والتنافس النويين».

يعطي الكتاب مكانه المهم على رفوف المكتبة العربية الخلفية العلمية والعلاقات السياسية التي يملكهما المؤلف، فهو كما يعرفه الناشر «واحد من الشخصيات القريبة من عمليات الإدارة وصناعة القرار في الولايات المتحدة الأميركية، كما إنه عضو في مجلس العلاقات الخارجية، ونائب شئون الأمن القومي في مركز التقدم الأميركي في واشنطن، وأستاذ في كلية الخدمة الخارجية التابعة لجامعة جورج تاون، ويعتبر سيرينسيوني واحداً من أشهر الخبراء الأميركيين المختصين بالأسلحة، وبرز مؤخراً كأحد مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما».

من أبرز محتويات الكتاب، الذي تقع نسخته العربية في ثمانية فصول، يستهلها فصل «بناء القنبلة»، تلك الرسالة التي يجهلها الكثيرون منا، والتي بعث بها في أغسطس/ آب 1939 العالم الألماني إلبرت آينشتاين إلى الرئيس الأميركي حينها، فرانكلين روزفلت، وكان قد كتب مسودتها، كما يروي سيرينسيوني، زميلا آينشتين « العالمان الفيزيائيين الألمانيان ليوزيلارد ويوجين»، يحذره فيها «من أنه في المستقبل القريب واعتماداً على عمل جديد قام به زيلارد والعالم الإيطالي إنريكو فيرمي، قد يصبح من الممكن إجراء تفاعل نووي متسلسل في كتلة ضخمة من مادة اليورانيوم، سيولد كميات كبيرة من الطاقة ومقادير هائلة من العناصر التي تشبه الراديوم».

ويرجع البعض خطوة آينشتين هذه إلى أصوله اليهودية، والكره المتبادل بين اليهود والزعيم الألماني أدولف هتزل، الذي تقول الموسوعة الإلكترونية «وياكابيديا»، أنه «بوصول القائد النازي أدولف هتلر إلى السلطة في العام 1933 تزايدت الكراهية تجاه أينشتاين فاتهمه القوميون الاشتراكيون (النازيون) بتأسيس (الفيزياء اليهودية)، كما حاول بعض العلماء الألمان النيل من حقوق أينشتاين في نظرياته الأمر الذي دفع أينشتاين للهرب إلى الولايات المتحدة الأميركية والتي منحته بدورها إقامة دائمةً، وانخرط في (معهد الدراسات المتقدمة) التابع لجامعة برينستون في ولاية نيو جيرسي».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2996 - الخميس 18 نوفمبر 2010م الموافق 12 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً