العدد 3030 - الأربعاء 22 ديسمبر 2010م الموافق 16 محرم 1432هـ

إبراهيم سند: التكريم يعطي المبدع حافزاً لمواصلة جهده

ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010

ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010 كرم مهرجان وملتقى الرواد والمبدعين العرب في دورته الخامسة الكاتب البحريني في أدب الطفل إبراهيم سـند، وعبر سند لـ»الوسط» عن اعتزازه بهذا التكريم الذي يعطي المبدع حافزاً ودافعاً كبيراً لمواصلة جهده الإبداعي، فالتكريم جزء من الإشادة والاحتفاء بما يكتبه المبدع حيث يجد نفسه موضع احترام وتقدير من قبل المؤسسات الثقافية على مستوى الوطن العربي، فالتكريم فرصة لأن يلتقي مع الرواد والمبدعين وفرصة لانتشار مطبوعاته والتعريف بإبداعه الكتابي.

أقيم التكريم تحت رعاية وزير الثقافة والفنون والتراث القطري حمد بن عبد العزيز الكواري. ومن البحرين تم تكريم كل من المسرحي محمد عـواد والفنان التشـكيلي محمود الملا. والكاتب إبراهيم سند مع وكوكبة من الرواد المبدعين العرب بمنحهم الدروع والشـهادات التقديرية.

لك جهد إبداعي أسهمت من خلاله بإثراء أدب الطفل، كيف ترى صدى ما تكتبه على مستوى الطفل والمؤسسات المهنية المهتمة بالطفولة سواء على مستوى تلقي الطفل أو الانتشار؟.

- وجدت تجاوباً كبيراً مع ما يكتب من خلال القصة والعرض المسرحي أو عبر مشاركتي في الندوات أو الورش التي نعملها للصغار والمهتمين بالطفولة، هناك تجاوب كبير يزداد سنة بعد سنة، والكاتب يطور من أسلوبه وأدواته، ويعمق فهمه للطفولة، لأنها ليست مرحلة واحدة بمعنى أن جمهور الصغار متعدد هناك طفل ما قبل المدرسة وطفل المرحلة الابتدائية والإعدادية، أنت لديك جمهور متعدد الخصائص ومختلف من الناحية العمرية، فأنت يجب أن تنوع الكتابة وتعرف الخصائص النفسية والقاموس اللغوي الخاص بكل مرحلة عمرية، جمهور الصغار واسع، وهو عادة يعبئ ثلثي المجتمع وجمهور المجتمع البحريني أو الخليجي أو العربي هم من الصغار، وهذه الفئة هي أكثر فئة إقبالاً على القراءة والاطلاع ولو ألقينا نظرة لأي معرض كتاب يقام اليوم سوف نجد أن أكبر عدد من الكتب التي تباع في هذه المعارض هو ما يخص أدب الصغار، وتحتاج هذه الشريحة العمرية المتسعة إلى كاتب متخصص يلامس الجانب والوجداني والخيالي الذي يمتلكه الصغار.

يتسم بعض ما يكتب للطفل بالأبوية وتمثل سلطة الكبار، كيف يستطيع المبدع الانفلات من هذه الأطر ومخاطبة الطفل بلغته؟

- هناك اختلاف بين أدب الصغار وأدب الكبار كما أنه هناك نقاط التقاء، يجب أن يحسن الكاتب اختياره للمواضيع والأفكار واللغة المستخدمة والشكل وكل هذه المواصفات الفنية مطلوبة فيه كأدب، هناك نقاط اشتراك واختلاف بين أدب الكبار وأدب الصغار، فالطفل يحتاج إلى مادة فيها الخيال الواسع، واللغة المستخدمة مهمة جدا لأنك تخاطب مجاميع واسعة وفيها مختلف التوجهات والاحتياجات النفسية، والطفل في الروضة يختلف عن طفل المرحلة الابتدائية والإعدادية، هناك قاموس خاص لكل مرحلة عمرية يجب الاعتناء به، الكاتب للكبار ربما لا يجد صعوبة في مخاطبة جمهور المتلقين لأنه يكتب حسب رؤيته للعالم، ولكن كاتب الصغار عليه مهمة تربوية لأن الطفل يتأثر بالمادة المكتوبة، وكاتب الأطفال كاتب ومربٍّ لأنه يغيّر في سلوك الصغار وهو محاسب على كل كلمة وهناك معايير خاصة وضعت لمن يكتب لأدب الصغار في الدول المتقدمة وخاصة أوروبا هناك شروط تربوية وأخلاقية أن لا تكون عليه جرائم وليس له سوابق وهي معايير كثيرة، لأن الطفل إذا أعجب بالمادة أعجب بالشخص، الكاتب للصغار يمثل قدوة، لأن الطفل يقلد الشخصيات الموجودة في هذا الأدب ويقلد الكاتب لذلك فإن كاتب الطفل محاسب أكثر من الآخرين.

للأدب الشعبي دور في إثراء أدب الطفل ولذلك يلجأ الكاتب إلى الاستنهال من قصص وحكايات الأدب الشعبي - من خلال اشتغالك بهذين المجالين- كيف تجد دور الأدب الشعبي في إثراء أدب الطفل سواء عند المبدع أو في صياغة عقلية الطفل؟

- يكاد يكون أغلب الذين كتبوا في أدب الطفل على مستوى العالم منذ بداية تأسيس هذا الأدب كانت لهم جذور وطيدة بالتراث الشعبي، من أول ما تم جمع الحكايات الشعبية من الأخوين جريم على صعيد ألمانيا إلى أندرسون، أحد أهم رواد أدب الطفل في العالم إلى الأدب الروسي بيكاسو ومكسيم هوسيا او تولستوي أو بوشكين، كل هؤلاء من المهتمين بأدب الطفل كانوا على علاقة وطيدة ووثيقة بالأدب الشعبي، وهو نافذة فتحتهم على العالم الرحب الواسع الذي تمتلكه الحكاية الشعبية، وأخذوا الشيء الكثير ثم عادوا إلى كتابة الحكايات بصياغة تناسب العصر والزمان والمكان.

الأدب الشعبي في البحرين والوطن العربي لا يختلف كثيراً عن الأدب الشعبي العالمي بالذات، لأن الكاتب يجد من خلاله مساحة واسعة عبر الشخصيات أو الصراع أو الحبكة القصصية وكيف كانت تكتب، أهم ما يميز الأدب الشعبي هو عنصر البساطة والتلقائية والخيال الواسع الرحب وكل ما يتمناه المرء ويصعب عليه تحقيقه تجده في الحكاية فهي تمثل أمنيات الإنسان، وتجد في ألف ليلة وليلة الجني المارد الذي يخرج من الفانوس ويحقق أحلام الإنسان المحروم، هذا هو الجانب الخيالي الجميل، هناك الكثير من التمنيات فهذا الإنسان الذي يطمح أن يتحول من الفقر إلى درجة الغنى والثراء فإن الحكاية الشعبية تحقق له ما يريد، هذا الإنسان الفقير المتواضع المحروم يستطيع أن يتزوج من ابنة الملك بعد دخول عدة مصاعب يتخطاها وينال المراد والمبتغى، إذاً الحكاية هي المدخل الرئيسي، ولا يمكن أن نتصور كاتباً في أدب الصغار إلا وله علاقة بالأدب الشعبي.

ما جديدك من الكتابة الإبداعية للطفل.

كتبت للفئة العمرية من 6 إلى 8 سنوات وللأطفال من 9 إلى 14 سنة، والفئة العمرية التي لم أكتب لها هي فئة ما قبل المدرسة من 3 إلى 5 سنوات وهذه هي أصعب مرحلة عمرية من حيث المخاطبة ، ومن النادر أن تجد على مستوى الوطن العربي من اهتم بهذه الفئة وهي فعلاً أصعب المراحل، وقصة الغترة الطائرة هي لهذه المرحلة.

كيف وجدت نفسك تكتب لأدب الطفل وهل ما تصورته، هو ما انتهيت إليه من الكتابة لأدب الطفل؟

- وجدت نفسي صدفة وأنا أتوجه لأدب الأطفال، وكوني رئيس قسم الدراسات والبحوث المختصة بالتراث الشعبي وخلال احتكاكي بمن نسميهم الكنوز البشرية الرواة الشعبيين والقصاصين في مختلف مناطق البحرين، جعلني أحب هذه المادة ووجدت شغفاً كبيراً برواية هذه الحكايات وإعادة كتابتها من جديد وهذا الانتقال كان مصادفة وبشكل طبيعي لأنني أحببت مادة التراث الشعبي والحكاية الشعبية التي تحوي كل الفنون من فن القول والأغنية والمواويل والألغاز والحكمة، وقمت بإعادة إنتاجها بشكل جديد بحيث تتواكب مع الثقافة العصرية وثقافة الطفل، وحين تعيدها بأسلوب مختلف تجد لها التجاوب من الطفل. في البداية قمت بإعادة الصياغة للحكاية الشعبية، وتساءلت لماذا لا أقوم بتأليف الحكاية من الأساس فقمت بذلك مستنداً على الحبكة القصصية الشعبية وعلى الخيال الموجود بهذه الحكايات، وتجاوزت حالياً الكثير من المحطات ووصلت إلى قصة عصرية، لأن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس، فهو ذكي جدا ويتأثر بالصورة أكثر، ففي الماضي كان يستمع فقط وليست أمامه كل هذه الصور التي يراها عن طريق التلفاز والسينما وأجهزة الكمبيوتر.

هل استطاع أدب الطفل في هذا العصر بعد كل هذه المتغيرات المتلاحقة أن يحاكي عقلية هذا الطفل واهتماماته؟

- استطاع أدب الطفل أن يجد متنفساً، ولكن ذلك يعتمد على المطبوعة الزاخرة بالصور وفنون الإخراج، وللأسف أن كتب الأطفال المترجمة أكثر من الكتب العربية، لكننا نطمح أن ينافس الكتاب العربي ما هو موجود، لأن الطفل اليوم يتأثر بهذه الكتب التي تسهم في تغيير السلوك التفكير أو توجيهه لاتجاه معين يتناسب مع ثقافة المجتمع، الكتاب له حضوره القوي، وهناك المسرح والأغاني والأناشيد التي تخاطب الطفل وتنمي خياله ووعيه، ولو قارنا ما يكتب اليوم للصغار نجد أن حظهم قليل جداً بما يكتب وينتج للكبار ونأخذ على سبيل المثال الأغاني الخاصة بالصغار نادرة وعلى مستوى المجتمع البحريني لا تجد فنانا متوجها لأدب الأطفال وهناك حالات استثنائية قليلة.

هل فكرت أن تطور ما تكتبه للطفل كمطبوع إلى أن يكون مرئياً أو ممثلاً أو مقدماً على وسائل الميديا المختلفة، هل هناك مشاريع لإيصال رسالة ما تكتبه للطفل في شكل آخر إلى حالة من حالات الميديا الحديثة؟.

- كانت لي تجربة على صعيد المسرح ووجدته أكثر تأثيراً من باقي الفنون لأن الطفل يتفاعل بطريقة مباشرة مع القصة والمسرحية والشخوص ويبدي وجهة نظره بطريقة مباشرة وتلقائية.

- بالنسبة للميديا واستخدام الإنترنت والوسائل الحديثة، عُرض علي ذلك لكني مازالت متردداً في خوض هذه التجربة لأن استخدام التكنولوجيا المتطورة يحتاج لإمكانية على مستوى الشكل والإخراج لأنك ستدخل في المنافسة مع شركات عالمية استطاعت أن تدخل التقنية الحديثة والإبهار والامتاع ومازلت أدرس هذه التجربة لأنه لابد أن تتوافر لها الشروط لتحصل على النجاح، والميديا الحديثة لا تعتمد على الكاتب نفسه بل هناك متخصصون لابد أن يدخلوا معه حتى يستطيع مخاطبة جمهور الأطفال.

كلمة أخيرة

- بما أن البحرين من أول الدول السباقة للإبداع في أدب الأطفال على مستوى دول الخليج ولدينا كتاب يشار إليهم بالبنان مثل خلف أحمد خلف، وعبد القادر عقيل، وعلي الشرقاوي، وإبراهيم بشمي وكتاب آخرين، فنحن اليوم محتاجون إلى جهاز متخصص للمبدعين في أدب الطفل، وهذا الجهاز من الممكن أن يتواجد فيه المخرج والرسام والباحث ومجموعة من المشتغلين بأدب الطفل، لأننا من المفترض أن نكون تجاوزنا مرحلة الجهود الفردية، ونحتاج في البحرين أن تكون هناك جوائز تشجيعية وتقديرية سنوية لأدب الطفل، وأن تخصص مساحات في الصحف أو ملاحق تعنى بأدب الطفل ومخاطبته، لماذا هذا الترفع، لماذا لا تعتني الصحف بأدب الطفل، لحد الآن لم أجد صحيفة من الممكن أن تنشر للصغار، القصة ليست معنية للصغار فقط من الممكن أن يستمتع الكبير بالقصة تماماً كما يستمتع بأفلام الكارتون.

نحن نحتاج إلى مساحة واسعة من الصحافة المحلية وتكاتف الجهود المبعثرة، في يوم الطفل العربي في البحرين نرى كل مؤسسة تحتفل به لوحدها لماذا لا توحّد الجهود على المؤسسات أن تتواضع قليلا وتشترك مع الآخرين وتقدم خدمة متميزة وليس حفيلات تقام هنا وهناك، الاهتمام بالطفولة اهتمام بالثقافة والحضارة، نحن لا نريد أن نكون دولاً متخلفة تضع الطفل في آخر أولوياتها، هذه كلها أمنيات نتمنى أن تتحقق.

أشكر صحيفة «الوسط» فهي الوحيدة في البحرين التي تعاملت معها وتلمست اهتمامها بالثقافة والمبدعين واهتمامها بالطفولة ولا أنسى اليوم الذي تم تخصيصه للطفل واشتركوا في جائزة خاصة للطفولة بالتعاون مع المؤسسة العامة للرياضة والشباب، وصادف أنني أخذت الجائزة الأولى، كل التقدير لكل من يعمل في هذه الصحيفة أنا أمدحها ليس لأجل المدح ولكن هناك بالفعل توجّه واستراتيجية مدروسة من أجل الرقي بالثقافة على الصعيد البحريني.

العدد 3030 - الأربعاء 22 ديسمبر 2010م الموافق 16 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً