يعتبر ميثاق العمل الوطني، كما يرى صاحب الأعمال الوجيه خالد كانو، عضو لجنة إعداد الميثاق في العام 2000، وثيقة سياسية لمشروع دولة حديثة مبنية على سيادة القانون، وقد صدّق شعب البحرين على هذا العهد بنسبة فاقت كل التوقعات حيث بلغت 98.4 % بنسبة مشاركة شعبية قياسية جاوزت 90 في المئة، وتعد هذه النسبة من النسب العالية جداً على مستوى الدول الديمقراطية العريقة.
وشهدت البحرين منذ تدشين الميثاق في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2000 والتصديق عليه في 14 فبراير/ شباط من العام 2001، تحولات كبيرة في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية... تلك التحولات شكلت علامة فارقة في التاريخ السياسي لمملكة البحرين، والتي اثنى عليها الكثير من الخبراء والمراقبين الدوليين بهذه التجربة الرائدة التي طالت مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويقدم كانو وصفاً جميلاً بقوله إن «الميثاق» هو مولود مبارك في سنته العاشرة، وهو مولود نال كل الرعاية والاهتمام من جانب الأسرة البحرينية المتآلفة المتحابة، الملتفة حول قيادتها، وهو يكبر ويكبر لتكبر معه التحولات الإيجابية في العهد الزاهر لجلالة الملك... وفي هذا الحوار، سنعبر العديد من المحطات:
مثل التصويت على ميثاق العمل الوطني بنسبة 98.4 في المئة مدخلاً كبيراً للتحولات في العهد الإصلاحي لجلالة العاهل المفدى، ماذا تعني لكم مرحلة الميثاق ونحن نعيش ذكراها العاشرة؟
- فتح ميثاق العمل الوطني صفحة جديدة للبلاد، وكان بمثابة نظرة ثاقبة للقائد الكبير المحب لشعبه فهذه المبادرة من جلالة العاهل المفدى يستحقها شعبه المحب لهذه الأرض الطيبة، فالميثاق حقق نقلة نوعية وحضارية كبيرة رفعت بدورها مستوى البحرين فى كل المجالات.
وبإمكاني القول إن أهداف الميثاق كبيرة وطويلة الأمد وسيجني الشعب البحريني الكثير من مكتسبات هذا المشروع العظيم على مر السنين، والمسيرة الديمقراطية في المملكة بصفة عامة مستمرة، وفي تطور دؤوب بفضل الرعاية الكريمة لجلالة الملك للمشروع الاصلاحي الذي أطلقه بعد التصديق الشعبي الواسع على الميثاق، وخلال السنوات العشر الماضية، تحققت الكثير من المكتسبات والإنجازات على صعيد حماية الحريات وحقوق الإنسان وخصوصاً الحرية الصحافية، كما برزت العديد من مؤسسات المجتمع المدني التي ساهمت في زيادة نشاطه ودعم المشروع الاصلاحي الذي كان أساسه ميثاق العمل الوطني، وأنا متفائل بأن تشهد المسيرة الديمقراطية المزيد من النمو والتطور عبر تأكيد المشاركة الشعبية وتعزيزها من خلال الانتخابات النيابية والبلدية.
قد يكون من المهم أن نتحدث عن الجانب الاقتصادي، فما الذي أضافته مرحلة الميثاق للنشاط الاقتصادي والاستثماري؟
- من المهم التحدث عن النمو الاقتصادي، فلقد تميزت البحرين منذ البدء بتنفيذ الميثاق على أرض الواقع بحراك من التطور الكبير في مجال البنية التحتية، والتي تؤسس لقاعدة اقتصادية متينة قادرة على استقطاب الاستثمارات الخارجية وزيادة وتيرة الاستثمارات الداخلية، وخصوصاً أن التطور في التشريعات أشاع جوّاً من المناخ الاستثماري المنفتح ساهم في زيادة وتيرة الاستثمارات الأجنبية والتي كان لها الأثر البالغ في زيادة النمو الاقتصادي، فهناك تشريعات تتضمن العديد من التسهيلات لفتح الأبواب للأسواق الخارجية بشكل أكبر وأن تكون هناك تسهيلات في أمور ترفع من شأن المواطن البحريني.
وعلى وجه العموم، فإن إنجازات كبيرة تحققت خلال السنوات العشر الماضية، إلا أنه مازال هناك الكثير من الطموحات والآمال الكثيرة التي تنتظر جني ثمارها من هذا المشروع العظيم الذي أرساه جلالة الملك وعلى رأسها القضية الإسكانية.
ويمكنني أن أضيف أيضاً، بأن الميثاق كان من الضروريات اللازمة في البلاد، حيث ولد في مرحلة مناسبة سبقتها مرحلة من عدم الاستقرار السياسي، وجاء الميثاق والمشروع الاصلاحي الكبير الذي أرساه جلالة الملك ليشيد حياة جديدة تمثلت في الحريات وتعزيزها في جميع الجوانب، وساهم في تغيير المفاهيم السياسية والتي تضمنت إطلاق الحياة النيابية والبلدية والتي تشهد مشاركة شعبية واسعة... كذلك حرية التعبير والتي تضمنها أحد بنود الميثاق، بالإضافة إلى تأسيس الجمعيات السياسية التي جعلت البحرين الوحيدة في المنطقة فيها جمعيات سياسية تمارس العمل السياسي بكل حرية.
ثمار الميثاق... رؤية 2030
نذهب إلى ما شملته المرحلة الإصلاحية من مبادرات دفعت بالخطى إلى الأمام، فمن أي زاوية تنظرون إليها؟
- إن مبادرات جلالة الملك، وأهمها مشروع ميثاق العمل الوطني، والذي كان له عظيم الأثر فيما شهدته البحرين من خطوات إصلاحية في السنوات الأخيرة، أتبعها جلالته بالمشروع الإصلاحي والرؤية 2030، وفي هذا دليل واضح على توجهات جلالة الملك نحو بناء دولة حديثة يحكمها القانون ومبدؤها الفصل بين السلطات وكفالة حرية التعبير، ورفع المستوى المعيشي للمواطن عبر تعزيز الاقتصاد، ولا غرو لو قلنا بأن الميثاق كان ولا يزال، بمثابة ذروة التطور الديمقراطي في البحرين، وحدثاً مهماً في تاريخ هذا البلد، حيث تضمن العديد من المبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أسهمت في نقل البحرين إلى الحياة العصرية والمتقدمة منها بالطبع تفعيل الحياة الحضارية المتمثلة فى تحديث النظم وادارات المؤسسات الدستورية، والأخذ بيد المواطنين في المساهمة بتطور البلاد في جميع المجالات.
أضف إلى ذلك، أن الميثاق هو اتفاقية بين القائد وشعبه، وقد تمكن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، من خلال هذا المشروع، أن يخرج مملكة البحرين من عنق الزجاجة بعودة الحياة النيابية مرة أخرى، وإنشاء المجلس الوطني بغرفتيه (الشورى والنواب)، والمجالس البلدية وتبييض السجون وتعزيز مبادئ وممارسة حقوق الإنسان.
بصفتك عضو في اللجنة العليا لإعداد مشروع الميثاق، هل من مرئيات معينة كنت تنظر إليها وأنت تشارك في هذه المسئولية الوطنية؟
- مملكة البحرين أصبحت الآن دولة مؤسسات وقانون، وبعد مرور 10 سنوات على تنفيذ الميثاق، نجد أن مردوداته السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعد إيجابيةً جداً على الوطن والمواطن الذي مازال يتطلع إلى المزيد، وكلنا ثقة في حكمة جلالة الملك وحكومته الرشيدة على تحقيق تلك الطموحات من خلال المبادرات والبرامج الحكومية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، ودور مجلس التنمية الاقتصادية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى الهادفة إلى تحقيق أفضل مستويات المعيشة للمواطن.
ويسعدني أن أكرر، أن الميثاق أسس لعلاقة وثيقة بين المواطن والحكومة، فالمواطنون أصبحوا على دراية بحقوقهم وواجباتهم، والحكومة أكدت على التزامها بواجباتها تجاه الشعب، وهذه العلاقة الوثيقة هي التي ترتبت على تحديد حقوق وواجبات كل طرف بوضوح بما يصب في مصلحة الوطن.
وبعد مضي عشر سنوات على الميثاق، باتت المسيرة الديمقراطية في البحرين أكثر تطوراً، وأن عاهل البلاد يولي المشروع الإصلاحي كل اهتمامه ويدعمه بكل الوسائل.
حنكة سمو الشيخ عبدالله بن خالد
ما هي أهم المراحل صعوبة في أعمال اللجنة آنذاك، وهل كنتم تنظرون إلى أن هذه مسئوليتكم الوطنية ستكون بمثابة مسئولية تاريخية لتحقيق التحول الديمقراطي الذي ستشهده البلاد بعد التصويت؟
- واجهت اللجنة العديد من التحديات إلا أن رئيسها سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة كان على قدر كبير من الحنكة والهدوء؛ ما ساهم في قيادته للجنة التي كانت تضم شخصيات متنوعة وأمزجة وتوجهات سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة وهو الأمر الذي سهّل عمل اللجنة، ثم أن التنوع داخل اللجنة عزز من قدرتها على الخروج بوثيقة العهد «ميثاق العمل الوطني» في المدة المحددة لعمل اللجنة، وهذا أيضاً كان تحدياً كبيراً، إلا أن رغبة الجميع في الوصول إلى هذه الوثيقة المهمة مكن اللجنة من الانتهاء منها في 23 يوماً.
ومن بين التحديات أيضاً، موضوع الاستفتاء والآلية التي ستعتمد من أجل ذلك، وحينها كان القرار متمثلاً في عرض الميثاق على مؤتمر عام مكون من ممثلين لجميع المؤسسات في البلد، حيث تم اختيار قاعة جامعة البحرين كمكان مناسب لعقد المؤتمر، إلا أن جلالة الملك قرر أن يعرض الميثاق على الشعب لإجراء استفتاء عام خلال اجتماع اللجنة مع جلالته، وآنذاك، قال جلالته إن الميثاق سيعرض للاستفتاء الشعبي العام، فإما أن يقبل به الشعب فنطوّر الدولة على الأصعدة كافة، أو يرفضه فنبقى على ما نحن عليه.
وبالنسبة إلى ما تحقق من إنجازات، وردّاً على سؤالكم في شأن ما كنت راضياً أم لا، أستطيع القول إنني راض بما تحقق من تطلعات جلالة الملك، ورؤاه قد تحققت على أرض الواقع، والفضل في ذلك يعود إلى جلالته الذي أرسى مبادئ الديمقراطية المتميزة لمملكة البحرين، والتي هي في الحقيقة مازالت وليدة وتحتاج إلى سنوات لتعميق هذه التجربة عبر تراكم الخبرات، لكن جلالته يرعاها لتنضج أكثر وتترسخ كتجربة فريدة من نوعها في المنطقة وذلك يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد والعمل.
وما هي وجهة نظركم بشأن مسار الممارسة الديمقراطية؟
- مسيرة الديمقراطية في المملكة تسير بشكل طيب إلا أنها تحتاج إلى المزيد من التراكم والمزيد من التركيز على قضايا المواطن المعيشية للمواطن، والانتباه بشكل أكبر إلى تحقيق مبادئ الميثاق في مواجهة الفساد وتعزيز الشفافية، وأن يتم البحث بشفافية في القضايا الوطنية كافة، والعمل على تحقيق الآمال المستقبلية لشعب البحرين... أقول ذلك لأن أهداف ميثاق العمل الوطني هي أهداف كبيرة وطويلة الأمد وسيجني الشعب البحريني الكثير من مكتسبات هذا المشروع العظيم على مر السنين، والمسيرة الديمقراطية في المملكة بصفة عامة هي عملية مستمرة ومتواصلة، وجلالة العاهل هو الحامي الأول للتجربة في أية مواقف ومنعطفات تمر بها، وهو ما يتضح من أسبقية جلالته في القيام بالتغييرات الوزارية قبل أن يقدم النواب على عملية الاستجواب أو طرح الثقة، وهو ما يُعبّر عن تفاعل عالي المستوى من جلالة الملك مع الأحداث.
ومن الجوانب المهمة التي أود التطرق إليها هي أن الميثاق أكد على ما هو قائم في حاضر البلاد السياسي باعتبارها دولة مكتملة السيادة، ذات نظام ملكي وراثي دستوري، وإدارة حكومية منظمة، وسلطة قضائية مستقلة بسيادة القانون... إن هذه الوثيقة الوطنية تتمثل في تحديث السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ضمن خطة متكاملة ومتوازنة، وعلى الأخص السلطة التشريعية، وذلك بتطبيق نظام المجلسين مجلس نيابي منتخب انتخاباً حراً مباشراً، إلى جانب مجلس الشورى الذي يضم أهل الاختصاص والخبرة، وفقاً لما تم التوافق عليه بين رؤية جلالة الملك وتطلعات شعبه عبر الموافقة على الميثاق في استفتاء شعبي بنسبة 98.4 في المئة.
إذاً، الميثاق هو محور التواصل الدائم بين الشعب والحاكم والذي ساهم في رسم طريق البحرين السياسي والاقتصادي في صورة ديمقراطية منبثقة من كل ما تمثله حضارة البحرين من تراث وقيم عربية أصيلة، ومن هذا المنطلق، فإن القطاع الخاص يتطلع إلى تفعيل توجهات جلالة العاهل الخاصة بدعم ومساندة دوره في بناء الدولة العصرية وتعزيز دوره الريادي في مسيرة التنمية الاقتصادية، وجلالته يؤمن بتحديث وتطوير الأنظمة والقوانين والتشريعات، وانتهاج الشفافية في القرارات كافة وتسهيل الإجراءات الرسمية، وهذه العناصر مجتمعة ستعزز الانفتاح الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات المحلية العربية والأجنبية، وستخلق فرص عمل واستثمار مناسب لأبناء هذا الوطن المعطاء التي تتماشى وتوجهات القيادة الرشيدة نحو تعزيز عملية التنمية الاقتصادية التي يتطلع الجميع لتحقيقها، وبذلك يشكل ميثاق العمل الوطني وثيقة للعهد، وبيعة للتجديد ومرجعية لعقد اجتماعي جديد تبدأ به انطلاقة البحرين في الألفية الجديدة في عهدها الجديد الميمون بقيادة عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي فتح برؤيته المتقدمة للبلاد آفاق التحديث الشامل.
وبالنسبة إلى تجربتي في اللجنة العليا لإعداد الميثاق بمشاركة 46 من خيرة رجالات البحرين مثلوا جميع القطاعات الشعبية والاقتصادية، فهي تجربة مثيرة وفريدة استفدنا منها بشكل كبير وخاصةً أنني دخلتها كرجل اقتصاد، ثم تمّت التجربة لأكتسب صفة رجل اقتصاد وسياسة نظراً إلى الاحتكاك برجال من أصحاب الخبرات السياسية والعمالية ما أسهم في زيادة التواصل بأعضاء اللجنة وخصوصاً في المجالات السياسية.
العدد 3083 - الأحد 13 فبراير 2011م الموافق 10 ربيع الاول 1432هـ
اي والله طويلة الأمد
الشعر شاب والظهر احدودب والاجسام بوليت واعمار انقرضت اصبرو على موتكم حتى تموتوا