العدد 1313 - الإثنين 10 أبريل 2006م الموافق 11 ربيع الاول 1427هـ

اليسار الجديد... انقلاب على «الأحمر»

«اليسار الجديد» مصطلح استعمل حديثاً للإشارة إلى الحركات اليسارية المتجذرة من الستينات حتى اليوم. واختلفت هذه الحركات عن الحركات اليسارية السابقة، والتي كانت متركزة على مفهوم العمل والعمال، وبدلاً مِن ذلك طرحت هذه المجموعات نفسها في بعد أوسع يشمل «النشاط السياسي» و«النشاط الاجتماعي» عموماً.

يمكننا اعتبار «اليسار الجديد» حركة سياسية ذات طابع ثقافي حاولت تصحيح الأخطاء التاريخية لليسار القديم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. فقد أعاقت الحرب العالمية الثانية عمليات الاتصال السياسي للأحزاب الشيوعية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. وكان القمع السياسي لهذه الأحزاب هو المسبب الرئيس في ظهور ما يسمى باليسار الجديد.

عمل المثقفون الماركسيون على تطوير نظرة أكثر فردية إلى السياسة اليساريةِ، وظهرت قوى اليسار الجديد في بريطانيا وأميركا من الجامعات، وبدأت في الانتشار من دون عائق، إذ استطاعت هذه القوى الجديدة أن تبرهن استطاعتها على التعايش السلمي مع باقي التيارات السياسية الفاعلة.

أميركا، كان أول ظهور لليسار الجديد مرتبطاً بالحرم الجامعي عبر رسالة مفتوحة كُتبت في 1960 من قبل عالمِ الاجتماع الأميركي «سي. رايت» وعنونت باليسار الجديد، ودافعت عن العقيدة اليسارية الجديدة، وأكدت على الابتعاد عن اليسار التقليدي والمنظومة الشيوعية ككل.

عارضَ «اليسار الجديد» هياكل السلطة السائدة في المجتمعِ، وتجنب مفاهيم تجنيد العمال «الصناعيينِ»، وركز على «النشاط الاجتماعي» ومعارف «التنظيم». وبات مقتنعاً بإمكان تحقيقه منجزات عدة بعيدا عن ما يسميه اليسار التقليدي بالثورة الاجتماعية. ويذكر أن اليسار الجديد الأميركي تأثر بشدة بالمعطيات الخاصة بحزب النمر الأسود، وهو حزب اهتم بالدفاع عن «الزنوج» السكان الأصليين للولايات المتحدة الأميركية.

يحمل «اليسار الجديد» عدائيات مباشرة مع بعض المفاهيم السياسية التقليدية، خصوصاً الرأسمالية منها، إلا أنه يتميز بعقد تحالفات سياسية استراتيجية، هذه التحالفات أفضت إلى إعطاء النظم الحزبية معايير تنظيمية أكثر حداثة وانفتاحاً على الآخر.

تمثل حركة حريةِ كلام «بيركيلي» 1964، واضطرابات «واتس» في 1965. المشهد التأسيسي الظهور الكلاسيكي الأول لحركات «اليسار الجديد»، وتشكل رؤية «الديمقراطية التشاركية» العقيدة الأهم في خدمة «اليسار الجديد»، ويمثل هذا الاتجاه أعلى مستويات الواقعية في المعطيات السياسية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ونجح اليسار الجديد الأميركي في السيطرة حديثاً على مجمل النظم الإدارية والتنظيمية في كبرى الشركات المتعددة الجنسيات، وكان اختراقها الأقوى ضمن معارف العلاقات العامة الحديثة.

أخيراً، يعتقد أن «اليسار الجديد» هو ذلك الشكل السهل للارتباط ببيروقراطية العالم الثالث على وجه الخصوص، لذلك تزداد الدعوات من قبل الكثير من النظم السياسية اليسارية إلى تفعيل هذه الرؤية السياسية واستثمارها بالشكل الأفضل.

(ترجمة خاصة بـ «الوسط» عن عدة مواقع

العدد 1313 - الإثنين 10 أبريل 2006م الموافق 11 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً