العدد 3186 - السبت 28 مايو 2011م الموافق 25 جمادى الآخرة 1432هـ

محاذير الحوار المحتمل

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من جديد بدأ البعض يعزف لحن «الحوار الوطني»، ومن جديد وجد المواطن البحريني نفسه أمام سيل متدفق من الشائعات التي تتحدث جميعها عن «الحوار، وتروج له، مبرزة ضرورته الملحة لانتشال البلاد مما هي فيه». بل ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك فراح يستبق الأحداث فيهيئ نفسه لهذا الحوار، الذي من المتوقع، والطبيعي، أن تقف السلطة خلفه، كخطوة مبادرة منها علها تنتشل البلاد من أزمتها الخانقة.

أخطر ما يحيط بهذا الحوار المحتمل مسألتان، الأولى: أن يقع اختيار السلطة التنفيذية على فئة محددة، وتستثني، تحت أوهام كثيرة، فئات أخرى، فتستحوذ تلك الفئة على طاولة الحوار، وتقع، وهو أمر طبيعي، فريسة الأنانية التنظيمية، فتستمرئ الفوز بالغنائم، وتقصي، هي قبل السلطة، القوى الأخرى، من أية مكاسب مشتركة، الأمر الذي من شأنه، ليس تخويل تلك الفئة بشكل مطلق، وتنصيبها بديلاً للمواطن، ومن ثم تجريد الفئات الأخرى من أدنى حقوقها السياسية فحسب؛ وإنما تنصيب قوة واحدة، وتحويلها إلى لاعب فريد محتكر في الشارع السياسي البحريني. خطورة مثل هذه الخطوة، أنها تهمش مجموعة من القوى السياسية، لصالح قوة واحدة فقط.

أما المسألة الثانية، وهي الأكثر خطورة، فهي، وبفضل ذلك التمييز غير المبرر، احتمال كبير باندلاع صراع داخلي في صفوف القوى المعارضة بين محتكر لحق التمثيل، ومطالب بحصة منه. ما يمكن أن يزيد الطين بلة، هو تحول الخلاف من تنافس سياسي، إلى تناحر طائفي، يحوِّل النضال من اصطفاف بموجب خلافات سياسية، إلى احتقان وراء تخندقات طائفية.

من هنا يناشد المواطن البحريني، ومن منطلق شعوره بالمسئولية الوطنية، وتحاشياً لأية إخفاقات شبيهة بتلك التي عصفت بـ «حوار دوار مجلس التعاون»، أن يستفاد من العفوية التي رافقت دعوة ذلك الحوار، وصفات الاستعجال التي سيطرت عليه، والتي قادت في نهاية المطاف إلى حديث عن «حوار هلامي»، لم يستطع أن ينجم عنه شيء ملموس، أو أن يكرس قيماً واضحة على الأرض.

تكتنف الحوار القادم المحتمل مجموعة من المخاطر الأخرى التي لا تقل تأثيراً عن هاتين الاثنتين اللتين نرى أنهما أكثر حضوراً واحتمالاً. ومن هنا ينبغي الانتباه لهما من أجل تحاشيهما، والعمل، بصدق لضمان عدم بروزهما، كي لا يتحولا إلى عقبتين يمكن أن يجهزا على الحوار ويئدانه وهو لايزال في مراحل جنينية من حياته.

نحن في أمس الحاجة إلى حوار، لكنه حوار من شكل مختلف، وبمواصفات أخرى

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3186 - السبت 28 مايو 2011م الموافق 25 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً