العدد 3196 - الثلثاء 07 يونيو 2011م الموافق 06 رجب 1432هـ

خروج صالح يمنح اليمن فرصة تجنب وقوع حرب أهلية

تمنح مغادرة الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح للسعودية للعلاج فرصة ثمينة لليمن لوقف انزلاقه نحو حرب أهلية وبدء انتقال سلمي للسلطة. ولكن قد يواجه الكثير من المشاكل. ورحب محتجون من الشبان حريصون على إضافة اسم صالح لقائمة الزعماء العرب الذين أطيح بهم بخروجه بحماسة ولكن يخشون عودة الرئيس الماكر الذي أصيب وعدد من كبار المسئولين في هجوم على قصره يوم الجمعة الماضي.

ونقلت وكالة انباء «سبأ» عن نائب الرئيس اليمني والقائم بأعمال الرئيس حالياً، عبد ربه منصور هادي قوله إن صحة صالح تتحسن وأنه سيعود لليمن في غضون أيام. وتحيط الشكوك بمستقبل اليمن. وتجاور اليمن السعودية وممرات ملاحية حيوية لنقل النفط ويوجد على أراضيها تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» ويستغل ضعف سيطرة الدولة التي تموج بصراعات بين قادة العشائر والعسكريين والساسة.

وقال الخبير في الشئون اليمنية، جريجوري جونسن «إذا بقي صالح خارج البلاد ولم يقم أبناؤه أو أقاربه بالتحريض أو أعمال استفزازية يمكن لليمن أن يتجنب حرباً شاملة. في الوقت ذاته اقتربنا بشكل خطير في الأسبوعين الأخيرين لما يمكن توصيفه بسهولة بحرب أهلية. لذا من السابق لأوانه الحكم. الاحتمالان قائمان». وسيكون موقف السعودية التي تلعب دوراً تقليدياً في السياسة اليمنية حاسماً.

وقال خبير الشئون اليمنية، خالد فتاح «سينتهز السعوديون الفرصة ... ليتحول التعافي الطبي إلى استراحة سياسية»، مضيفاً أن خطر انزلاق اليمن لحالة من الفوضى على غرار الصومال كان «كابوساً للأمن القومي السعودي».

ونقل صالح لتلقي علاج عاجل في مستشفى في السعودية فيما وصفه مسئول سعودي بأنه تحرك إنساني، وقال المسئول إن السعودية لن تتدخل في قرار صالح البقاء في السعودية أو العودة لليمن. وربما يكون هذا موقف الرياض العلني ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يضغطون سراً على السعودية لضمان أن يصبح غياب صالح عن اليمن دائماً.

وقالت الحكومة السعودية أمس الأول إن دول الخليج ستواصل مسعاها للتوصل لاتفاق لنقل السلطة. وقال دبلوماسي غربي «لا أعتقد أن السعودية أو شعبه يريدون عودته. إنه لا يتمتع بتأييد في المنطقة. ستدهشني عودته وهو مخرج جيد للغاية له». وقال مصدر حكومي يمني إن صالح أجل سفره في بداية الأمر ليحصل على تأكيدات من العاهل السعودي، الملك عبدالله بأنه سيتمكن من العودة بعد علاجه. والسعودية الدولة الرئيسية المانحة للمعونة لليمن وتقدم أموالاً للقبائل اليمنية منذ فترة طويلة لضمان التمتع بأقصى نفوذ ممكن ولكنها وجدت صعوبة في علاج الأزمة في البلاد بعدما فشلت في إقناع صالح بالتوقيع على خطة لتخليه عن السلطة أعدت بوساطة خليجية. وبعد أن أمضى 33 عاماً في الحكم ترك صالح أفقر دولة عربية في وضع أقرب للفوضى والانهيار الاقتصادي. وساهمت هدنة هشة في إعادة الهدوء إلى صنعاء بعد أسبوعين من القتال بين قوات صالح واتحاد قبائل حاشد القوي ما أسفر عن سقوط 200 قتيل وإرغام الآلاف على النزوح. وربما يكون الرئيس سلم السلطة لنائبه غير المعروف، ولكن عدداً من أبنائه وأقاربه مازالوا يسيطرون على وحدات الجيش والأمن جيدة التسليح. وهم يملكون قوة عسكرية لتحدي اللواء محسن علي وهو قريب لصالح انضم بقواته للمعارضة أو للتصدي لقبائل حاشد التي قاتلت ضد أنصار صالح.

ومن القوى الأخرى التي ستطالب بدور إسلاميون وأحزاب يسارية فضلاً عن محتجين شبان يريدون «يمناً جديداً» دولة مدنية يسودها حكم ديمقراطي وليس سياسة حماية الفساد التي وصمت حكم صالح. وقال فتاح «لا توجد مؤسسة وحيدة أو فرد واحد في اليمن قادر على الإمساك بزمام الأمور». ويضيف «المؤسسات الرسمية في اليمن مثل الأحزاب السياسية والمؤسسات الحكومية ليست في وضع يتيح لها أن تبلور الأحداث. وعلى الجانب الآخر يعد الجيش المنقسم انعكاساً لتحالفات قبلية وصراع الصفوة وليس سلطة الدولة».

وتشمل خريطة الطريق المحتملة لنقل السلطة تشكيل مجلس وطني من زعماء القبائل وقادة الجيش ورجال الدين وساسة معارضين من بينهم ممثلون للمتمردين في الشمال والجنوب فضلاً عن الحركة الشبابية الوليدة. وأيد ائتلاف المعارضة تولي نائب الرئيس السلطة كخطوة أولى نحو نقل السلطة قبل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. وتزيد الاضطرابات التي اندلعت في يناير/ كانون الثاني معاناة كثيرين من اليمنيين من أجل البقاء في بلد يشهد نمواً سريعاً للسكان ما يمثل ضغطاً متزايداً على الموارد المائية القليلة والمواد الغذائية والموارد الأخرى. وقال فتاح «على المدى القصير جداً ستكون الأولوية لنزع سلاح المواطنين وعودة وحدات الجيش لثكناتها وسحب المليشيات القبلية من شوارع صنعاء». وربما يحتاج كثيرون من بينهم نازحون مساعدات إغاثة إنسانية حتى تستأنف الخدمات الأساسية.

وستواجه أي حكومة جديدة صعوبة لإنقاذ اليمن من كارثة اقتصادية أو إرضاء 23 مليون نسمة يريدون من يعينهم على الفقر والفساد وتداعي الخدمات العامة. وقال جونسن «الأولوية لتوفير الوظائف. سيكون أمراً صعباً للغاية. تواجه الحكومة مهمة صعبة. سيتعين عليها أن تتخذ قرارات صعبة ما يغضب قطاعات كبيرة من السكان». ومن المفارقة أن تكون الوسيلة الوحيدة الأكثر فعالية لخفض نسبة البطالة في اليمن فتح السعودية ودول الخليج الأخرى المنتجة للنفط الباب أمام عمالة يمنية وافدة.

وذكر جونسن أن الولايات المتحدة و أوروبا قد يحاولان إقناع دول الخليج التي تخشى حالة من عدم الاستقرار في اليمن بأن هذا الإجراء سيخدم مصالحها ومصالح الغرب. وقال «ستكون مهمة إدارة أوباما صعبة في ظل المخاوف السعودية التاريخية من السماح بدخول يمنيين لأراضيها»

العدد 3196 - الثلثاء 07 يونيو 2011م الموافق 06 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً