العدد 3254 - الخميس 04 أغسطس 2011م الموافق 04 رمضان 1432هـ

محاكمة مبارك تعيد إلى الجيش المصري مصداقيته التي اهتزت

أعادت محاكمة الرئيس المخلوع، حسني مبارك إلى الجيش المصري، الذي يحكم مصر منذ ستة أشهر، مصداقية اهتزت في الأونة الأخيرة مع تنامي الشعور بتباطئه في تطهير البلاد من رموز النظام السابق، غير أن المرحلة الانتقالية التي يديرها مازالت مليئة بالأشواك.

وحتى صباح الأربعاء، كانت الغالبية العظمى من المصريين وخصوصاً الشباب الذين أطلقوا الدعوة إلى «ثورة 25 يناير» يشكون في أن مبارك سيحاكم بالفعل ويعتقدون أن الجيش لن يسمح بأن يجلس قائد عسكري سابق، أي واحد من أبنائه، في قفص الاتهام.

غير أن ظهور مبارك على سرير متحرك خلف القضبان أعاد إلى المصريين الإحساس بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكمهم منذ الحادي عشر من فبراير/ شباط يستجيب لمطالب «الثورة» حتى وإن كان بعضهم مازال مقتنعاً بأنه لا يفعل ذلك إلا تحت الضغط.

ونزل مئات الآلاف من المصريين إلى ميدان التحرير في الثامن من يوليو/ تموز الماضي للمطالبة بالإسراع في تطهير مؤسسات الدولة وخصوصاً وزارة الداخلية من رموز النظام السابق وبالإصلاح ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وبمحاكمة شفافة لمبارك تشفي غليل أسر ضحايا قمع الثورة.

واعتبر الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، سعد الكتاني المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، أكثر القوى السياسية تنظيماً في مصر، أن محاكمة مبارك «بثت الطمأنينة في نفوس الشعب المصري بأن العدالة تأخذ مجراها وأنه لن يفلت مجرم بجريمته مهما كان منصبه».

وأضاف أن «الاستمرار في هذا النهج كفيل بمد جسور قوية من الثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة (الجيش) في مصر خلال هذه الفترة، وهي ثقة يجب الدفع في اتجاه ترسيخها لأنها ستكون بوابة للبدء بمرحلة البناء والتنمية».

ولكن محاكمة مبارك لم تزل مخاوف القوى الليبرالية واليسارية ـ التي بات يطلق عليها «القوى المدنية» ـ من قيام الجيش بالاعتماد على القوى الإسلامية من أجل تمرير سيناريو انتقال السلطة الذي يروقه.

وعكست افتتاحيات الصحف المصرية الخميس هذا القلق.

وكتب إبراهيم عيسى في صحيفة «التحرير» المستقلة «يفخر هذا الشعب أنه الذي فعلها وأجلس مبارك في قفص ولكني أخشى أن ندفع ثمن وقوف مبارك في هذه المحكمة غالياً» وأن «يمرر مديرو شئون البلاد قوانين سيئة وقرارات ليست محل إجماع وأن يردوا على أي نقد أو هجوم بالقول: ماذا تريدون منا أكثر من ذلك ألم نحاكم لكم حسني مبارك وأجلسناه أمامكم في القفص».

وقال الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عماد جاد إن «المحاكمة هي أول إشارة إلى أن المجلس العسكري يتعامل مع ما حدث في مصر على أنه ثورة» معتبراً أن هذا المجلس «ظل يتعامل حتى الآن مع الثورة على أنها مجرد حركة إصلاح أوقفت سيناريو توريث الحكم» من مبارك إلى نجله جمال الذي أعلن الجيش أنه كان يعارضه بشدة.

وأضاف المحلل السياسي «هذه خطوة مهمة تعطي ثقة وثقلاً للقوى المدنية في مواجهة القوى الإسلامية التي حاولوا (المجلس العسكري) توظيفها لدعم المجلس في توجهه نحو تجنيب مبارك المحاكمة».

واعتبر جاد أن «المجلس العسكري بات الآن في وضع حرج لأنه أطلق الحرية للقوى الإسلامية التي أراد الاعتماد عليها ولكنها عارضته بشدة عندما أعلن موافقته على وضع مبادئ دستورية حاكمة» قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.

ونظم الإسلاميون يوم الجمعة الماضي تظاهرة حاشدة، هي الأكبر منذ سقوط مبارك، استهدفت أساساً الاعتراض على وضع مبادئ دستورية قبل الانتخابات البرلمانية خلافاً للخطة التي تبناها الجيش من قبل وهي إجراء الانتخابات البرلمانية وتكليف مجلس الشعب الجديد بانتخاب لجنة تأسيسية لكتابة دستور البلاد الجديد.

ويعتقد الإسلاميون أنهم سيفوزون بحصة الأسد في الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في الخريف وأنه سيكون بوسعهم بالتالي الهيمنة على اللجنة التي ستضع الدستور.

وقال المحلل السياسي، عمرو الشبكي «أعتقد أن محاكمة مبارك ستعيد المصداقية للمجلس العسكري لأنه منذ ستة أشهر نتكلم عن مطلب للمتظاهرين يتجاهله الجيش وهو المحاكمة وحتى أمس الأول (الثلثاء) كان جزء كبير من الرأي العام مقتنعاً بأنها تمثيلية».

ورأى أنها «خطوة إيجابية لكنها لم تحل المشكلات الكبيرة القائمة والمتعلقة بإدارة المرحلة الانتقالية وإصلاح وزارة الداخلية وتدعيم استقلال القضاء».

وأضاف أنه مازال أمام المجلس العسكري مهمة رئيسية وهي «حماية الدولة المدنية والتوافق على أسسها» مؤكداً أن الجيش «الذي هتفت بعض القوى المدنية ضد قادته لا يقبل بين ضباطه وصف ضباطه إسلامياً متشدداً ولا يسمح في انديته بدخول المنقبات ولا بارتداء الرجال للجلباب وحافظ على مدنيته وإيمانه بالدين في الوقت نفسه»

العدد 3254 - الخميس 04 أغسطس 2011م الموافق 04 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً