العدد 3350 - الثلثاء 08 نوفمبر 2011م الموافق 12 ذي الحجة 1432هـ

شبح تحول إيران إلى «دب جريح» يلاحق الغرب

من شأن القيام بغارة عسكرية على منشآت نووية إيرانية أن يلحق ضرراً عميقاً بالأمن والرخاء العالميين ما يبرز ضرورة مواصلة استخدام وسائل الضغط الأخرى خاصة العقوبات.

هذا هو الرأي التقليدي السائد بين صناع الرأي في أوروبا الذين يخشون من أن ترد إيران بمهاجمة الخليج وقطع الشرايين البحرية وخطوط الأنابيب الرئيسية التي تحمل جزءاً كبيراً من إمدادات النفط والغاز على مستوى العالم. وقال مدير قسم الأبحاث في المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن ببريطانيا، مالكولم تشالمرز: «نتحدث عن ظهور دب جريح وهو ما ستكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها».

وقال المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.أيه)، بروس ريدل والذي كان مستشاراً للرئيس باراك أوباما لسياسات المنطقة: «التخريب والعقوبات سببت انتكاسة لا يستهان بها لإيران. والقيام بعملية عسكرية الآن سيضعف التوافق الدولي بشأن إيران ولن يحقق الكثير ويمكن أن يدفع لانتقام ثقيل». وبعد حربين طاحنتين في أفغانستان والعراق وحملة انتهت لتوها في ليبيا بات الغرب منهكاً من الصراعات ومنشغلاً بتعافي اقتصاداته التي تواجه أزمات ضخمة بدرجة لا تسمح له بالتفكير في خوض صراع آخر.

وعلى رغم الاقتناع الواسع بهذه الرؤية في الغرب فإن التقويم السياسي والدبلوماسي يشير إلى أنها ستخضع لتدقيق لم يسبق له مثيل في الأشهر المقبلة. وستسلط الأضواء على العقوبات والعمل السري في سياسة الغرب تجاه إيران حين تنشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً عن برنامج طهران النووي.

ومن المتوقع أن يكشف تقرير الوكالة النقاب عن معلومات مخابرات مفصلة تشير إلى أبعاد عسكرية لبرنامج إيران النووي مع عدم التطرق صراحة إلى محاولة طهران إنتاج أسلحة ذرية. وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي. ويتوقع أن يرد بعض خصوم إيران على التقرير بالدعوة إلى أن يحتل العمل المسلح موقعاً متقدماً على قائمة الخيارات المطروحة لوقف الأنشطة النووية الإيرانية التي يشتبه الغرب في أنها تهدف إلى تطوير قدرة نووية.

وقد تلقى هذه الدعوات تعاطفاً أكثر من المعتاد في الولايات المتحدة التي قالت الشهر الماضي إنها أحبطت محاولة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. وتنفي إيران التي لا تربطها علاقات دبلوماسية بالولايات المتحدة منذ قيام الثورة الإسلامية في العام 1979 ضلوعها في مؤامرة من هذا النوع. وقال الخبير في العلاقات الأميركية الإيرانية، تريتا بارسي لوكالة «رويترز»: «هناك نمط واضح جداً يتزامن فيه التلويح بتهديدات مع مساعي تشديد العقوبات». وأضاف «الإسرائيليون يلجأون لأسلوب التحدث بقوة عن الخيار العسكري للضغط على واشنطن لتتخذ مزيداً من الإجراءات تجاه إيران. في المقابل تستخدم الولايات المتحدة وبريطانيا الأسلوب نفسه للضغط على دول أخرى لتشديد العقوبات».

واستطرد قائلاً «السؤال هو إلى أي مدى يمكن استخدام هذا الأسلوب من دون أن يصبح نبوءة تتحقق؟ في إحدى المراحل قد يكون هناك تشكك في القدرة على شن هجوم». وبعد صدور التقرير المرتقب يرجح أن تكرر إسرائيل رسالتها وهي أن إيران عدوتها اللدود مصدر تهديد عالمي وأن الفرصة المتاحة لإيجاد حل تتلاشى.

وأجرت إسرائيل تجربة صاروخية الأسبوع الماضي وسط جدل داخلي متزايد بشأن احتمال شن هجوم وقائي على مواقع نووية إيرانية. ويقول الرئيس الأميركي، باراك أوباما إنه يأمل أن يؤدي مخطط اغتيال السفير السعودي إلى تشديد العقوبات على إيران التي تخضع بالفعل لعقوبات من الأمم المتحدة بسبب برنامجها النووي. ومن المرجح أن يرد أوباما وبعض القادة الغربيين على التقرير بأن يؤكد مجدداً أن جميع الخيارات مطروحة في إشارة إلى أن العمل العسكري خيار قائم.

وقال مسئول بريطاني يوم الأربعاء إن بلاده تبقي خياراتها مفتوحة فيما يتصل بالعمل العسكري ضد إيران بعد أن ذكرت صحيفة أن بريطانيا تعزز خطط الطوارئ وسط مخاوف متزايدة بشأن طموحات طهران النووية. لكن بعض المحللين يشيرون إلى أن القوى الغربية تدلي في الوقت الراهن بتصريحات حادة كتكتيك يمكنها من تحقيق هدفها الرئيسي وهو تشديد العقوبات. لكنها في الواقع شديدة الحذر من القيام بأي عمل عسكري.

ويرجع هذا إلى المخاطر الجمة التي ستجلبها مثل هذه العملية العسكرية علاوة على الصعوبة الشديدة لتنفيذها. وقال تشالمرز من المعهد الملكي في بريطانيا: «احتمال العمل العسكري كان وسيظل قائماً». وأضاف «لا أظن أن الحسابات من ناحية الخطورة تغيرت تغيراً كبيراً لأن تبعات هذا التصرف غير معروفة على الإطلاق». ومضى يقول «هناك احتمال كبير لأن يتحول شيء بدأ بدافع من البرنامج النووي إلى صراع أوسع بكثير».

ويقول محللون إن من بين العواقب المرجحة، طرد إيران لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانسحابها من معاهدة حظر الانتشار النووي ما يقضي فعلياً على أي احتمال للوصول إلى حل للأزمة النووية عن طريق التفاوض. وانتهاء أي توافق دولي على المسألة النووية الإيرانية. كما قد ينهي العمل العسكري ما تبقى من دعم «للحركة الخضراء» الإصلاحية الإيرانية إذ سيلتف الإيرانيون حول الحكومة. كذلك من المرجح أن تغلق إيران الخليج أمام صادرات النفط ما سيؤدي إلى زيادة في أسعاره تسبب أضراراً اقتصادية.

ورجح المحللون أن تلهب طهران المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في دول عربية خاصة سورية ولبنان والأراضي الفلسطينية. وأخيراً قد يؤدي العمل العسكري إلى خسارة أي نوايا عربية طيبة تجاه الغرب تولدت نتيجة الدعم الغربي للانتفاضات العربية.

وقال تشالمرز إن خيار الضربات العسكرية يتضمن مشكلة «ما هو القدر الكافي؟»، مضيفاً أنه سيظهر إغراء بتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية «وينتهي المطاف بضرب جزء كبير من البنية الأساسية العسكرية». ويقول الباحث المتخصص في الشئون العسكرية بالمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، بيتر ويزمان إن الأنشطة النووية الإيرانية منتشرة في أنحاء الجمهورية الإسلامية وإذا كانت لديها قدرة تسلحية سرية «فعلينا أن نفترض أن إيران ستبذل كل جهد لحمايتها... من خلال إخفاء وتوزيع تلك المواقع». وتابع قائلاً «بالتالي سيكون من الصعوبة الشديدة بمكان أن تشن إسرائيل هجوماً وأن تضمن تدمير جميع المنشآت الحيوية ومن الواضح أن إسرائيل لا تملك الوسائل اللازمة لبدء حملة جوية شاملة على إيران».

وسئل مسئول غربي التعقيب فقال بعد أن طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع إن من الواضح أن إيران سعت إلى دفن منشآت متصلة بالنشاط النووي على أعماق غير بسيطة. وقال المحاضر المتخصص في دراسات الحرب بجامعة كيمبردج، تاراك بركاوي «يصعب عليّ أن أصدق أن يفكروا في القيام بشيء شديد الغباء كهذا لكني لا أستبعد هذا الاحتمال استبعاداً تاماً»

العدد 3350 - الثلثاء 08 نوفمبر 2011م الموافق 12 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً