العدد 3366 - الخميس 24 نوفمبر 2011م الموافق 28 ذي الحجة 1432هـ

علي عبدالله صالح رئيساً شرفياً لليمن لمدة 90 يوماً

بعد حكم دام نصف قرن

الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح الذي وقع أمس الأول الأربعاء (23 نوفمبر/ تشرين الثاني2011) في الرياض اتفاقاً لنقل السلطة يمنحه خروجاً مشرفاً من الحكم وحصانة من الملاحقة، عسكري وبراغماتي محنك لعب دوراً محورياً في التاريخ العاصف لبلاده طوال اكثر من نصف قرن.

وبعد أشهر من «الثورة السلمية» لإجباره على التنحي، استطاع من وصف حكمه لليمن بـ «الرقص على رؤوس الثعابين» من الحصول على شروط جيدة لخروجه من السلطة، سيما أنه سيبقى رئيساً شرفياً لمدة تسعين يومياً ولن يغادر إلا مع إجراء انتخابات مبكرة كما أصر دوماً.

فهذا اللاعب المحنك، لم يفر من بلده كنظيره التونسي السابق، زين العابدين بن علي اللاجئ في السعودية، ولم يقتل مثل الزعيم الليبي، معمر القذافي ولا هو سيحاكم مثل الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، وحتى حزبه فلن يخرج من المعترك السياسي.

ودخل صالح معترك السياسة في 1962 خلال الانقلاب الذي أطاح بآخر الأئمة الذين حكموا اليمن، وشارك في إقامة جمهورية اليمن العربية في مناطق معزولة وقاحلة تحكمها الأعراف القبلية.

وفي أعقاب ذلك، اندلعت حرب أهلية دعمت فيها مصر بقيادة جمال عبدالناصر العسكريين في الحكم، بينما دعمت السعودية، الجار الشمالي الكبير، القادة القبليين الموالين للإمام. انتهت هذه الحرب في 1970.

وفي الوقت نفسه، كانت مناطق جنوب اليمن الحالي تحت سيطرة البريطانيين خصوصاً عدن والواجهة البحرية للبلاد. وغادر البريطانيون جنوب اليمن تحت وطأة انتفاضة واسعة النطاق في 1967، وقامت بعد ذلك جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية وعاصمتها عدن، وأصبحت هذه الجمهورية تدور في فلك الاتحاد السوفياتي.

وفي 1978، اختير صالح الذي كان حينها في رتبة مقدم، من قبل هيئة تأسيسية ليحل مكان رئيس اليمن الشمالي، أحمد الغمشي الذي قتل في عملية دبرت في الجنوب.

وصالح، الذي ولد في 21 مارس/ آذار 1942، أحاط نفسه بنواة صلبة من المقربين الأوفياء، لاسيما اخوته الذين وضعهم في مواقع أساسية في النظام العسكري والأمني. كما اعتمد على الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الشعبي العام.

ولكن ليتمكن من حكم هذا البلد المعقد جداً، تماشى صالح مع التركيبة القبلية والتقليدية للبلاد التي تفتقر للثروات الطبيعية والتي يتمتع فيها شيوخ القبائل ورجال الدين بنفوذ كبير.

وينتمي صالح لقبيلة سنحان، وهي إحدى قبائل حاشد الأكبر والأقوى في اليمن، والتي خاضت قواته في الأشهر الماضية معارك طاحنة مع مناصري شيخ شيوخها صادق الأحمر.

وقال الخبير في شئون اليمن، فرانك ميرمييه «منذ العام 1978، أقدم صالح بهدف الحفاظ على نظامه، على دمج شيوخ القبائل في هيكلية الدولة، ومنحهم مقاعد في الحكومة وجعلهم يستفيدون من الدعم المالي الحكومي».

وعمل صالح في البداية على الوحدة مع الجنوب، وقد تحققت هذه الوحدة في 1990 بالتزامن مع سقوط الإمبراطورية السوفياتية. وتحول صالح بعد ذلك إلى أول رئيس لليمن الموحد، ولكن بعد أربع سنوات، استخدم الحديد والنار لقمع محاولة انفصالية في الجنوب.

وبعد 33 سنة في الحكم لم يحقق صالح تقدماً في مستوى معيشة مواطنيه الذين يعيشون في أحد أفقر البلدان في العالم.

صالح متزوج واب لسبعة أبناء، وهو ينتمي إلى الطائفة الزيدية، إحدى الفرق الشيعية، ويشكل اتباعها ثلث سكان اليمن والغالبية في شمال البلاد.

إلا أن صالح خاض منذ 2004 ست حروب مع متمردين زيديين في شمال البلاد، آخرها انتهى في فبراير/ شباط 2010.

وتمكن صالح، وهو براغماتي بامتياز، من اجتياز عدة أزمات صعبة في الماضي، لا سيما الأزمة التي نجمت عن اجتياح عراق صدام حسين للكويت في 1990.

وعاقبت السعودية اليمن لأنه وقف إلى جانب العراق، وقامت بطرد 700 ألف عامل يمني ما حرم اليمن من مصدر مهم للدخل.

وبعد توحيد البلاد، جرت ثلاث انتخابات تشريعية في 1993 و1997 و2003، وانتخابات رئاسية في 1999 و2006 تم بموجبهما التجديد لصالح. وكان يفترض أن تنتهي ولايته الحالية رسمياً في 2013.

وواجه صالح أيضاً تنظيم «القاعدة» الذي أسسه أسامة بن لادن، السعودي المتحدر من اليمن. إلا أنه استخدم خطر هذا التنظيم من أجل تعزيز موقعه لدى الولايات المتحدة التي كان يحصل منها على دعم بـ 150 مليون دولار سنوياً.

وواجه صالح منذ نهاية يناير/ كانون الثاني حركة احتجاجية غير مسبوقة وأصبح معزولاً أكثر من أي وقت مضى إلا أنه ظل يسيطر على القسم الأكبر من القوات المسلحة وظل قادراً على تحريك مئات الآلاف من المؤيدين في الشارع كل أسبوع.

وقد رفض ثلاث مرات، ودائماً في اللحظة الأخيرة، التوقيع على المبادرة الخليجية على الرغم من تأكيده مراراً أنه سيوقعها.

وفي إحدى هذه المرات، حاصر مؤيدو صالح السفراء الخليجيين والأوروبيين في مبنى السفارة الإماراتية حيث كان يفترض أن يوقع الرئيس على المبادرة.

وأصيب صالح في يونيو/ حزيران بجروح وحروق بالغة في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي نقل على إثره مع مسئولين كبار أصيبوا معه إلى السعودية للعلاج. إلا أنه، وخلافاً لكثير من التوقعات، عاد ليتابع إدارة الأزمة

العدد 3366 - الخميس 24 نوفمبر 2011م الموافق 28 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً