العدد 3369 - الأحد 27 نوفمبر 2011م الموافق 02 محرم 1433هـ

«بوز أند كومباني»: قطاع التوزيع أقل ربحية وأكثر مجازفة

يستلزم تحولاً في طبيعة العمل واستراتيجياته

الوسط - المحرر الاقتصادي 

27 نوفمبر 2011

يقف الموزعون في الشرق الأوسط على مفترق طرق، فبعد عقود من النمو الثابت، جاءت المنافسة من شركات للخدمات اللوجستية والتحركات التي تقوم بها شركات متعددة الجنسيات، لتضع نماذج أعمال كانت ناجحة في ما مضى على المحك. ونتيجة لذلك، سرعان ما أصبح قطاع التوزيع أقل ربحية وأكثر مجازفة؛ ما يستلزم تحولاً في طبيعة العمل واستراتيجياته.

وتصدى الموزعون لهذا التحدي حتى الآن عبر القيام بتحسينات تشغيلية، مثل خفض التكاليف، ومحاولة إضافة شركات متعددة الجنسيات إلى قوائم زبائنهم. لكن هذه الخطوات ليس لها أهمية كبيرة، وستعجز عن حل مشكلات الموزعين على المدى الطويل. وإذا قيّض لهؤلاء أن يواصلوا التمتع بالنجاح، فإنهم بحاجة إلى تغيير «هوياتهم» ونماذج عملهم، وذلك عبر اعتماد واحد من خيارين استراتيجيين حددهما خبراء «بوز أند كومباني». وهكذا، يمكنهم أن يغيروا سياستهم التوزيعية فيقوموا بأمور مثل التركيز على قنوات محددة أو فصل الخدمات، أو دمج العمليات رأسياً؛ الأمر الذي يضيف المزيد من الأرباح التي تنتج عن مرحلة مبكرة مثل التصنيع أو مرحلة متأخرة مثل تجارة التجزئة.

وقال الشريك في «بوز أند كومباني»، غابريال شاهين: «مع تراجع الأرباح وارتفاع التهديدات التنافسية، هناك حاجة ملحة للموزعين لاختيار مسار جديد والشروع في إجراء التغييرات اللازمة لاستراتيجياتهم وعملياتهم» . وأضاف «هناك ما يقرب من 575 موزعاً في الشرق الأوسط؛ الامر الذي يجعل هذه الصناعة جاهزة للدمج والتوحيد. وفي حين أن التحسينات التراكمية أظهرت أنها مفيدة، فإنها لا تكفي للاستمرار في ضوء المشهد التنافسي المزدحم بشكل متزايد والتشريعات الحمائية. وعلى الموزعين أن يحددوا ما إذا كان نموذج أعمالهم في خطر في ظل الظروف الراهنة، وما إذا كان يمكن أن يواصل إرضاء توقعات المساهمين من أجل اتخاذ قرار بشأن مسار التقدم».

وهناك خياران أساسيان تنصح بهما «بوز أند كومباني» الموزعين. الأول هو تغيير السياسة وإعادة تركيزها ضمن عملية التوزيع. فخلال توسيع نطاق نشاطاتهم، على الموزعين أن يأخذوا بالاعتبار ستة أبعاد يمكنهم السعي إليها منفردة أو مجتمعة، وفقاً لتقييمهم قدراتهم.

وهي:

- تركيز الخدمة: بامكان الموزع فصل بعض جوانب سلسلة القيمة (على سبيل المثال، اللوجستيات والتسويق)، وخلق أفضل خدمة في فئتها ليقدمها بعد ذلك في السوق.

- التركيز على قناة: يمكن للموزع الاحتفاظ بحجم كبير للأعمال عبر التركيز على قناة، وفي هذه الحالة تقدم هذه القناة خدمة شاملة لقنوات معينة. وتشكل شركة سيسكو كوربوريشن الأميركية مثالاً على موزع يعتمد التركيز على قناة، وهي بذلك أصبحت واحداً من أبرز موزعي الخدمات الغذائية في الولايات المتحدة. كذلك، قد يكون التركيز على التجارة التقليدية، مثل محلات البقالة التقليدية التي تشكل الغالبية العظمى من مشهد التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليوم، أمراً ذا صلة بنشاط التوزيع في هذه المنطقة.

- التركيز على فئة: الانتقال إلى التركيز على فئة ينطوي على التخصص في مجال منتجات معينة؛ إذ الدراية أمر ضروري. وخير مثال على ذلك هو شركة ماكيسون التي أصبحت من خلال تركيزها على الرعاية الصحية الشركة الخامسة عشرة من حيث الحجم في الولايات المتحدة.

هذه الخيارات الثلاثة الأولى تتطلب تعديلاً للنماذج الاقتصادية، في حين أن الخيارات الثلاثة الآتية لا تتطلب ذلك.

- التركيز على الشركات متوسطة الحجم: يمكن للموزعين استهداف شريحة فرعية من الشركات المتعددة الجنسيات - العنصر الجاذب هو شركات ذات إيرادات كافية لامتلاك تطلعات عالمية، ولكن عائدات قليلة لانشاء متجر في كل سوق. وتعتبر شركة قطر الوطنية للاستيراد والتصدير مثالاً جيداً لاستخدام التركيز المتوسط الحجم بنجاح في المنطقة.

- التركيز الجغرافي: ليس المقصود هنا التوسع الجغرافي؛ بل التركيز على مناطق جغرافية معينة. والذين يعتمدون التركيز الجغرافي يشكلون استثناء من حيث إنهم لا يحتاجون عموماً إلى الشعور بالقلق حيال حجم أعمالهم، بل عليهم فقط إدارة حساباتهم واعمالهم داخل المناطق الجغرافية التي يستهدفونها.

- التركيز على العلامة التجارية الداخلية: يتيح التركيز على العلامة التجارية الداخلية للموزع تحديد الحاجات المحلية غير الملبّاة، والعثور على مصنّع لإنتاج المنتجات الملائمة تحت العلامة التجارية للموزع نفسه. وقد ذهب العديد من موزعي الشرق الاوسط وشمال إفريقيا بالفعل في هذا الاتجاه باعتباره وسيلة لضمان نموهم.

- وعلق المدير الأول في «بوز أند كومباني» فيصل شيخ قائلاً: «نظراً إلى الحاجة الماسة إلى إعادة تركيز عملهم، على الموزعين التفكير في كل الخيارات التي من شأنها أن تسمح لهم بزيادة حجم أعمالهم بسرعة. وقد يختار الموزعون الذين اكتسبوا بالفعل حجماً حاسماً للأعمال العمل منفردين، بينما على الذين مازالوا بحاجة إلى زيادة حجم الأعمال النظر في إقامة شراكات وتحالفات مع الموزعين الموجودين، أو مع شركات متعددة الجنسيات».

أما الخيار الثاني فهو دخول جزء آخر من سلسلة القيمة، بالإضافة إلى التوزيع، علماً أنه ينطوي على مخاطر أكبر. وتتعلق هذه النصيحة الاستراتيجية الثانية بالدمج الرأسي - إما إلى الخلف باتجاه التصنيع وإما إلى الأمام باتجاه التجزئة - لإخراج الموزعين من موقف الوسيط ووضعهم في مكان يتيح لهم «امتلاك» شيء مستدام.

وبشكل ملموس اكثر، يمكن القول إن التكامل الرأسي يوفر فرصة لتعزيز الأرباح. فلكل دولار ربح في الصناعة الصيدلانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على سبيل المثال، يحصل المصنعون على 55 سنتاً، وتجار التجزئة على 30 سنتاً، والموزعون على 15 سنتاً فقط، حتى إن الموزعين يحصلون على نسب أقل في صناعة الأغذية والمشروبات (8 في المئة للموزعين). ومن خلال التدخل في أجزاء أخرى من سلسلة القيمة، ستنال أرباح الموزعين دفعاً كبيراً.

يمكن للموزعين الذين يتقدمون في اتجاه التجزئة الاستفادة من معرفتهم في تخطيط المخزون وإدارة المستودعات وتفعيل شبكات الخدمات اللوجستية للحصول على الكفاءة. وكذلك، ينطلق الموزعون الذين يسيرون في الدمج إلى الوراء في اتجاه التصنيع، مع بعض المزايا، مثل حجم التوزيع الذي يملكونه حالياً والذي يمكنهم من اختراق الأسواق بسرعة مع منتجات تخرج من خطوط التجميع الخاصة بهم. وتكون الكلفة الحدية للتوزيع عادة منخفضة جداً لأنهم يملكون شاحنات التسليم، والمستودعات وأنظمة التدفئة والتبريد. بالإضافة إلى ذلك، فإن شركات التوزيع التي تنطلق في عالم تصنيع المنتجات تحصل على موضع بارز لهذه المنتجات في المتجر، مستفيدةً من علاقاتها الوثيقة القائمة مع تجار التجزئة.

وقال شاهين: «إعادة الابتكار ممكنة، كما ثبت من خلال أمثلة ناجحة في الاسواق. إنما هناك احتمال كبير للفشل عند محاولة استيعاب قدرات جديدة، لذلك يمكن لبعض الموزعين أن يعتبروا هذه الاستراتيجية الثانية خياراً بعيداً جداً. وبغض النظر عن أي جزء من سلسلة القيمة يقرر الموزع دخوله، ستبقى هناك ثغرات. ولا يكون الموزعون ملمّين عادة باكتشاف الأماكن المثلى وبنية المخازن، علماً أن هذين هما عنصران أساسيان لنجاح تجارة التجزئة. وهم لا يملكون المهارة في استخدام آراء المستهلكين لتحديد السلع التي ينبغي أن تكون في الأسواق أو كيف يحددون أسعارها».

وإذا دخل الموزّعون عالم التصنيع سيجدون أيضاً عدداً مماثلاً من الثغرات. وسيحتاجون حكماً إلى إضافة قدرات البحث والتطوير، والقدرة على ايجاد مصادر المواد الخام، والقدرة على الإنتاج، ذلك أن تشغيل مصنع يتطلب مهارة عالية التخصص. ولئن امتلك الموزع بعض القدرات المطلوبة، فإنه لن يملكها كلها، وهذا ما أدركته شركة توزيع للمنتجات الصيدلانية في المنطقة عندما أرادت الشروع في تصنيع نسخ بلا أسماء تجارية لأدوية معينة.

تشكل مجموعة «باسمح» مثالاً في المنطقة لعملية الدمج التي تتجه رجوعاً نحو التصنيع. فقبل بضعة عقود، بدأت هذه الشركة السعودية التي قاربت من العمر 80 عاماً، تصنيع منتجاتها الغذائية الخاصة بها تحت اسم العلامة التجارية «قودي». وتقدم أكسيوم تيليكوم مثالاً للدمج في الاتجاه الأمامي، فبعدما بدأت كموزع للأجهزة النقالة، أصبحت الآن من أنجح متاجر التجزئة للهواتف الخليوية مع أكثر من 900 فرع في المنطقة.

وقال شيخ: «على رغم أن المرحلة مهيأة لعمليات الدمج والتوحيد التي يرجّح أن تكون مكثفة، فإن معظم موزعي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يمكنهم - وليسوا بحاجة - إلى تحويل أعمالهم بين ليلة وضحاها». وأضاف أنهم «بحاجة إلى تقبّل فكرة أن السوق تتغير، وأن يبدأوا التفكير في الطريقة التي تمكنهم من التكيف مع كل جديد، مع تحديد مدى السرعة التي يحتاجونها لسلوك مسار جديد بهدف ضمان استمرار الأرباح»

العدد 3369 - الأحد 27 نوفمبر 2011م الموافق 02 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً