العدد 3413 - الثلثاء 10 يناير 2012م الموافق 16 صفر 1433هـ

«فلول» مبارك يحصلون على تأييد بعض الأقباط في محافظة المنيا

بعيداً عن المدن المصرية التي قد يخشى فيها من يطلق عليهم «فلول» نظام الرئيس السابق حسني مبارك مواجهة الناخبين تعاود شخصيات منهم الظهور لخوض الانتخابات البرلمانية في المناطق الريفية حيث يمكن تحويل الخلافات الطائفية إلى مكاسب سياسية. في المنيا التي تقع على بعد نحو 270 كيلومتراً إلى الجنوب من القاهرة وضع حزب الحرية الذي أسسه أعضاء سابقون في الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم البلاد خلال عهد مبارك المرشح المسيحي البارز إيهاب رمزي على رأس قائمته مما ساعد على حصوله على أصوات الكثير من الأقباط.

وسيطرت أحزاب إسلامية على الانتخابات التي تجرى على ثلاث مراحل في أول انتخابات حرة بمصر منذ نحو 60 عاماً وتعمل الكتلة المصرية التي تتألف من أحزاب ليبرالية أساساً على التنافس على ما تبقى من المقاعد محل المنافسة في جولة الإعادة للمرحلة الثالثة والتي هذا الأسبوع.

ويمثل الأقباط نحو 10 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة وهم بطبيعة الحال هدف للكتلة المصرية نظراً لريبة الأقباط في الإخوان المسلمين ممثلين في حزب «الحرية والعدالة» وفي حزب «النور» السلفي الأكثر تشدداً. لكن محاولة «الفلول» اجتذاب أصوات المسيحيين في المنيا ومحافظات أخرى بالجنوب تزيد من متاعب الكتلة المصرية في وقت تسعى فيه جاهدة لمواجهة قدرة الإسلاميين على تعبئة الناخبين حتى تحصل على موطئ قدم في مجلس الشعب وتلعب دوراً في رسم دستور مصر الجديد.

لم يكترث إبراهيم جميل (23 عاماً) وهو مسيحي يعمل صائغاً في المنيا كثيراً لفكرة أن حزب «الحرية» الذي أعطاه صوته تأسس على أيدي أعضاء سابقين في الحزب الوطني. وقال «أريد هذا الشخص على رأس القائمة. إنه شخص صالح».

ويقول زعماء حزب «الحرية» إنه على الرغم من أنهم أعضاء سابقون في الحزب الوطني الديمقراطي فإنهم يريدون منحهم فرصة في أول انتخابات حرة في مصر منذ إلغاء النظام الملكي العام 1952 .

وقال طاهر عبد الحميد وهو قيادي في حزب «الحرية» بالقاهرة إنه كان عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي وإنه فخور بذلك. وأضاف أن من ارتكبوا أخطاء يجب محاسبتهم لكن ليس من العدل التعميم. ولسنوات ظل خصوم الحزب الوطني الديمقراطي يتهمون الحزب بإقصائهم من خلال حشو صناديق الاقتراع أو شراء الأصوات أو ترويع الناخبين لإجبارهم على اختيار مرشحيه. ويحاكم الآن مبارك وكبار مساعديه بتهم الفساد وإساءة استغلال السلطة وقتل المتظاهرين الذين أطاحوا به من السلطة في فبراير/ شباط. لكن سكان المنيا يقولون إن أعضاء سابقين في الحزب الوطني لديهم ثقل كبير يجعلهم قوة مؤثرة في بعض المناطق. والكثير منهم رجال أعمال أثرياء وتجار ومحامون لديهم جذور عميقة في مسقط رأسهم ويمثلون وجهاً مألوفاً في خريطة سياسية معقدة مع وجود الآلاف من المرشحين وعشرات الأحزاب.

وقال سليمان شفيق وهو مفكر قبطي بارز إن «الأقباط لا يدركون أن التصويت لأحزاب الفلول التي تضع مسيحيين على رأس قوائهما سيفتت أصواتهم بحيث لا يتمكن أي من هؤلاء المرشحين من الوصول إلى مجلس الشعب». وأضاف أن «الإسلاميين سيحصلون على أصوات أكثر في النهاية».

ويقول سكان إن مرشح حزب «الحرية»، رمزي يتمتع بدعم الأقباط بسبب علاقته الطيبة مع الكنيسة في محافظة تعاني من الفقر والأمية مما يعني أن للبعد الديني أثراً هائلاً في توجيه الناخبين. كما أن المنيا معقل لجماعات إسلامية متشددة مثل الجماعة الإسلامية مما ساعد على جعل الدين محوراً للمعركة الانتخابية. وقال حزب «الحرية»، الذي يصف نفسه بأنه ليبرالي، إنه حصل بالفعل على خمسة مقاعد على الأقل في صعيد مصر خلال المرحلة الثالثة من الانتخابات قبل جولة الإعادة.

وستكون المهمة الأساسية للبرلمان الجديد اختيار 100 عضو للجمعية التأسيسية لصياغة دستور جديد. ويقول الأقباط والكثير من المسلمين الليبراليين إن الإسلاميين يمكن أن يحتكروا مجلس الشعب على نحو يهدد حقوق الأقليات. وحثت الكنيسة القبطية أتباعها على التصويت للأحزاب التي تدعو إلى قيام «دولة مدنية» دون أن تخص بالذكر أحزابا محددة.

وأبدى بعض أقباط المنيا عزوفاً عن منح أصواتهم لفلول نظام مبارك. وقال بيشوي جرجس (22 عاماً) إنه سيختار «الكتلة المصرية» مضيفاً «حزب الحرية حزب لفلول النظام السابق وتضم قوائمهم الانتخابية مرشحين غير صالحين... إنهم يفتتون أصوات الأقباط».

كما أن التصويت في المناطق الريفية تحكمه الانتماءات القبلية ويعتمد فلول نظام مبارك على شبكاتهم من العلاقات مع العائلات الكبيرة في الصعيد وعلى الأعمال الخيرية لضمان كسب أصوات. ويتنافس أيضاً عدد من الأحزاب الإسلامية في المرحلة الثالثة من الانتخابات.

وكانت الجماعة الإسلامية قد قادت تمرداً على نظام مبارك في التسعينيات قبل نبذها العنف ومحاولتها خوض غمار السياسة. وسجن علاء صابر أحد مرشحيها في المنيا لمدة 18 عاماً لاتهامات بالإرهاب في عهد مبارك. كما خاض الأمين العام لحزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين الانتخابات محمد الكتاتني و رئيس حزب الوسط الإسلامي المعتدل أبو العلا ماضي في المحافظة. وكلاهما له ثقل سياسي كبير مما يزيد من الصعوبة التي يواجهها الليبراليون في الفوز بمقاعد.

وقال ماضي وهو سياسي محنك أسس حزب «الوسط» إنه يعارض اللعبة التي طغت على الساحة السياسية بعد الإطاحة بمبارك وهي المسلمون الليبراليون والأقباط في مواجهة الإسلاميين وإنه يسعى للحصول على أصوات من مختلف التوجهات السياسية والدينية. ولم يكن لهذه الرسالة صدى فيما يبدو بين الناخبين في المنيا إذ لم يفز ماضي في المرحلة الثالثة بالمقعد ليحصل عليه رمزي الذي يتصدر قائمة حزب «الحرية»

العدد 3413 - الثلثاء 10 يناير 2012م الموافق 16 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً