اختارت المجموعة الفرنسية - الألمانية (يوروكوبتر) تجهيز مروحياتها القتالية الجديدة بصاروخ إسرائيلي مضاد للدبابات والمصفحات والمباني من طراز «لوسبايك دو رااييل»، المستعمل بكثافة في الفترة الأخيرة في قطاع غزة والضفة الغربية لملاحقة القادة السياسيين والعسكريين. والجديد في الموضوع أن بعض الدول العربية تفاوض حالياً على شراء هذا النوع من المروحيات من دون أن تعلم بوجود مركبات من صنع إسرائيلي.
يشار في هذا السياق إلى أن قيادة القوات الجوية الجزائرية أدركت متأخرة، وبعد شرائها مروحيتين جديدتين من طراز «سوبر پوما» لاستخداماتها من قبل رئيس الجمهورية، بأن جميع المعدات الإلكترونية المتقدمة هي من صنع إسرائيلي وهذا يعني أن بإمكان الشركة استغلال ذاكرة الحاسوب المركزي ومتابعة خط سير المروحية.
باريس - الوسط
ليست هنالك، على ما يبدو نهاية لعزل الصناعات العسكرية الأوروبية لتل أبيب، الذي تلعب فيه مجموعات الضغط الإسرائيلية النافذة المعششة فيها، كذلك داخل مختلف قطاعات الأعمال والإعلام، دوراً أساسياً في توجهاتها وخياراتها. ومن آخر الأمثلة، على هذا الواقع، اختيار المجموعة الفرنسية - الألمانية «يوروكوبتر retbocoruE»، تجهيز مروحياتها القتالية الجديدة بصاروخ إسرائيلي مضاد للدبابات والمصفحات والمباني من طراز «لوسبايك دو رافائيل leafaR ed ekips eL»، المستعمل بكثافة في الفترة الأخيرة في قطاع غزة والضفة الغربية لملاحقة القادة السياسيين والعسكريين، على السواء لاصطيادهم.
وعلى رغم أن فرنسا هي من الصناع التاريخيين لهذه النوعية من الصواريخ، ومن أبرز مصدريه للعالم عموماً ولدول الخليج العربية خصوصاً، فإنها وجدت نفسها خاضعة هذه المرة لما فرضته عليها الشبكات الصهيونية الذي يتعزز وجودها في هذه المرحلة نتيجة الدعايات المفرطة لموجة العداء للسامية على أراضيها، ما حرم الكثير من مصانع المدن الفرنسية التي تعمل لحساب المجموعات الكبرى المصنعة للسلاح والمعدات الإلكترونية والتي تعمل فيها الآلاف من العمال المغاربيين من فرص عمل بسبب شراء هذا النوع من الصواريخ وغيرها من المعدات المتطورة من «إسرائيل».
لكن الأخطر في هذا الموضوع، هو عدم اكتفاء الشركات الإسرائيلية ببيع أسلحتها المتطورة في جميع أنحاء العالم، واختراقها المتكرر لمبادئ المقاطعة كما حصل مع الهند، والصين لاحقاً، بل كون هذا التركيز بات على شركات أوروبية مثل: «يوركوبتر»، ذلك لأن الهدف من وراء هذا الخيار المحدد، اختراق مراكز القرار العربي العسكري بالدرجة الأولى، والسياسي بالتالي، فعدد من هذه الدول العربية، خصوصاً في منطقة الخليج تفاوض حالياً على شراء هذا النوع من المروحيات بأعداد كبيرة من دون أن تعلم بوجود مركبات من صنع إسرائيلي في صلبها أو بالصواريخ الإسرائيلية المنشأ عليها.
ولقد اختارت شركة «يوركوبتر» شركة «إلبيت tiblE» الإسرائيلية لتزويد الجيل الجديد من مروحيات النقل من طراز «سوبر پوما amuR repuS». هذه المروحيات التي تستخدم نظام التسيير الإلكتروني الأكثر تطوراً في العالم إذ إن الحاسوبات والشاشات من نوع «بلاسما» قد حلت مكان العقارب الموجهة والشاشات الصغيرة. ولقد عمد خبراء «إلبيت» تصميم وتصنيع الحاسوب المركزي المكلف بقياس جميع عناصر الطيران، كذلك حفظ الذاكرة الإلكترونية لخطط الرحلات، إضافة إلى التحكم بجميع الشاشات الأخرى وبالقيادة الأوتوماتيكية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن قيادة القوات الجوية الجزائرية قد أدركت متأخرة، أي بعد شرائها مروحيتين جديدتين من طراز «سوبر پوما» لاستخداماتها من قبل رئاسة الجمهورية في تنقلاتها، بأن جميع المعدات الإلكترونية المتقدمة، المركبة على مكوناتها، هي من صنع إسرائيلي. ويتبيّن بنتيجة ذلك، أن الرئيس بوتفليقة وكبار مستشاريه الذين كانوا سيستخدمون هاتين المروحيتين في تنقلاتهم الداخلية سيكونون خاضعين لرحمة تل أبيب لناحية تأمين صيانة وإصلاح المعدات الضرورية في حال حدوث أي خلل تقني. والأخطر في ذلك أيضاً، أنه لدى إصلاح بعض المعدات أو صيانتها في «إسرائيل»، فإنه بإمكان مهندسي شركة «إلبيت» استغلال ذاكرة الحاسوب المركزي بسهولة كبيرة، ما يمكنهم من متابعة خط سير المروحية، وبالتالي مراقبة تحركات الرئيس الجزائري عبر تحديد أمكنة الإقلاع والهبوط. كما أن باستطاعتهم برمجة إعطالها، ناهيك عن الاستماع إلى موجات بث الراديو بداخلها. هدية قيمة من شركة «يوركوبتر» للمخابرات الإسرائيلية.
في هذه الأثناء، يغمض الجانب الفرسي، الشريك في «يوركوبتر» عينيه عمداً على هذا «التفصيل»، مكتفياً بإعطاء تبريرات غير مقنعة لدى قيام السلطات الجزائرية بالاستفهام. لكن بعض المديرين الألمان العاملين في الشركة الأم (أو. آ. دي. إس S D A E)، التي تعيش حالياً مرحلة من التخبط وفتح الملفات من قبل الحكم في فرنسا بعد الفضائح التي لحقت بها نتيجة سوء إدارتها وبيع مسئوليها أسهمهم في شهر مارس/ آذار الماضي بصورة سرية ما أدى إلى انهيار قيمتها. كذلك، الإعلان المفاجئ عن تأخير تسليم أعداد من طائرات إيرباص A إلى الزبائن كانوا أقل تعقيداً من شركائهم الفرنسيين حيال اللوبي الإسرائيلي المسيطر على شركة «يوركوبتر». في هذا الإطار، أوضح أحد الخبراء الألمان الذي يعمل حالياً في أحد المصانع العسكرية ببريطانيا والذي طلب عدم ذكر اسمه، أن المسألة بسيطة في نظر رؤساء الشركة الأم بحيث يرى هؤلاء «أنه نظراً إلى كون (يوركوبتر) هي الأولى حالياً في العالم لناحية تصنيع المروحيات المتطورة إلكترونياً، فإنه من الطبيعي أن تشتري الشركة أفضل المعدات، بأحسن الأسعار. كذلك بغض النظر عن منشأها، وخصوصاً أن مبدأ السرية المضمون مفترض على الدوام»، فوجود الكثير من المسئولين الألمان، الحاليين والسابقين في مجلس إدارة «يوركوبتر» هو الذي يعزز خيار شراء هذه المعدات الإلكترونية التي تزود مروحياتها المصانع الإسرائيلية. ويلعب الهاجس التاريخي لدى هؤلاء المسئولين حيال إبادة اليهود في الحرب العالمية الثانية دوراً في هذا الانحياز الحاصل لصالح شركات التسليح الإسرائيلية. ويعتبر مدير دائرة الاستراتيجية في شركة «يوركوبتر»، أندرياس لوينشتاين، وهو من أهم الكوادر الذي تراهن عليه مجموعات الضغط الإسرائيلية في أوروبا، لفرض وجهات نظرهم ومعداتهم على الخبراء الفنيين الألمان وعلى مجلس الإدارة الحالي.
وتستغرب أوساط فرنسية مطلعة، تهاون مصادر القرار في باريس حيال غض الطرف عن قيام مؤسسة تسليحية كبرى «كيوروكوبتر» وشركتها الأم (أو. آ. دي. إسن) اللجوء إلى تجهيز المروحيات التي تشارك بإنتاجها بمعدات وصواريخ إسرائيلية. ذلك، في الوقت الذي بإمكان مصانع فرنسية تسليحية إنتاجها وفق نوعيات أفضل، من دون الالتفاف على المشترين الذين من ضمنهم دول عربية، خليجية بغالبيتها وصديقة لفرنسا. وتتساءل هذه الأوساط عن كلمات الود الواردة في خطب الرئيس جاك شيراك بشأن الصداقة الفرنسية - العربية المميزة، مذكرة بسياسة ومبادئ الجنرال ديغول.
ففي حين تبذل فرنسا اليوم جهوداً مكثفة لبيع مروحياتها للمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة وليبيا، يستمر حصان طروادة الإسرائيلي محاولات اختراقه للعالم العربي عبر «يوركوبتر».
وإذا كانت الجزائر قد اكتشفت لعبة هذه الشركة المزدوجة متأخرة نسبياً وعملت على وضع الأمور في نصابها، فإن ليبيا استخلصت الدرس بسرعة وعمدت إلى قطع اتصالاتها التي كانت قد بدأتها بعد رفع الحظر عنها من قبل مجلس الأمن بهدف شراء مروحيات «سوبر پوما» من يوركوبتر. في المقابل، عززت طرابلس الغرب علاقاتها مع قطب صناعة التسليح الإيطالي المتمثل بشركة «أوغوستا ويستلاند dnaltseW atsvgvA»، أحد كبار مصنعي هذا النوع من الطائرات في العالم. ويشير أحد المراقبين الأوروبيين المطلع على هذا الملف، إلى أن خيار رئاسة الأركان الليبية التزويد بمروحيات إيطالية بهدف تعزيز القدرات على مراقبة الحدود، يشكل قراراً حكيماً يحرص على المحافظة على عدم الاختراق
العدد 1398 - الثلثاء 04 يوليو 2006م الموافق 07 جمادى الآخرة 1427هـ