العدد 1440 - الثلثاء 15 أغسطس 2006م الموافق 20 رجب 1427هـ

مجلس الحكماء والعلماء والشعب

حسين خميس comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بهذه الكلمات التي جاءت في الكلمة الختامية لرئيس مجلس الشورى فيصل رضي الموسوي في آخر جلسة من جلسات مجلس الشورى بتاريخ 24 يوليو/ تموز الماضي بمناسبة انتهاء الدور الرابع من الفصل التشريعي الأول لمجلس الشورى إذ أسدل الستار على الفصل التشريعي الأول من عمر التجربة البحرينية في ممارسة الحياة البرلمانية، هذه التجربة التي كانت مليئة بالمناقشات الهادئة والصاخبة أحياناً وبالإشادة والنقد أحياناً أخرى على المستويين الرسمي والشعبي.

لم تكن هذه الكلمات التي أطلقها رئيس المجلس على أعضاء المجلس أتت من فراغ أو من أجل إعطاء أعضاء المجلس أكثر ما يستحقون من إشادة بما أنجزوه، ولم تكن هذه الكلمات من وحي الخيال بل هي مستقاة من دستور 2002 في المادة 53 التي تشير الى الخبرة والمادة 89 التي تشير الى أن أعضاء مجلس الشورى يمثلون الشعب بأسره، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل فعلاً أن أعضاء مجلس الشورى هم من العلماء والحكماء ويمثلون شعب البحرين؟

لقد كثر الكلام من المختصين في السياسة والمتابعين للتجربة البرلمانية البحرينية فهذا ينتقد وله أسبابه وحججه، وآخر يتحفظ وآخرون ينتقدون عمل المجلس وبعضهم انتقد وجود المجلس من أساس، ولن ندخل في كلام لا طائل منه لإثبات جدوى وجوده من عدمه، إذ إن الدستور واضح في أن السلطة التشريعية تتكون من مجلسين، وأن تغيير هذه التركيبة يتطلب تعديلاً في الدستور والعملية هذه تأخذ وقتاً من المشرعين فضلاً عن تأخر مصالح الشعب في أمور تكون من اختصاص السياسيين وأولي الأمر.

إن ما يجب أن يفكر فيه الجميع حالياً هو التعامل مع الوضع القائم وكيفية استثماره بما يعود فعلاً على شعب البحرين، ويعزز التلاحم الوطني ويزرع الثقة بين الحاكم والمحكوم التي فقدت خلال السنوات الأربع الماضية، إذ إننا جميعا ندرك أن شعب البحرين هو شعب الأسرة الواحدة وما تعجز عنه القوانين يمكن أن يتحقق بالتفاهم بين أفراد هذه الأسرة، ولا يجوز التشكيك في نيات الآخرين، إذ إن الجلوس على الطاولة الواحدة يمكن أن يبدد هذا التشكيك. ومن خلال القراءة الآتية يمكن أن نستعرض أهم انجازات مجلس الشورى من بداية الدور الأول حتى الرابع ليتعرف الجميع على الدور الذي قام به الأعضاء من خلال ممارسة الصلاحيات الممنوحة لهم في مناقشة مشروعات القوانين واقتراحها والرقابة غير المباشرة عبر الأسئلة الموجهة للوزراء. كما يمكن من خلال هذه القراءة تقييم أداء المجلس واكتشاف مكامن السلبيات والايجابيات لتجربة المجلسين التي شرعها دستور 2002.

الدور الأول: بلغت المشروعات بقانون المحالة من مجلس النواب الى الشورى 14 مشروع قانون، وافق مجلس الشورى على ثمانية منها فقط وصدقها جلالة الملك، بينما اختلف المجلسان على مشروع واحد، وسحبت الحكومة مشروعاً واحداً، ورحل الباقي الى الدور الثاني، مع العلم أن مجلس الشورى قد أرجع ثلاثة مشروعات الى مجلس النواب لإعادة النظر فيها إذ وافق مجلس النواب على تعديلات الشورى. أما اقتراحات القوانين فقد بلغت 14 اقتراحاً قبل منها 9 ورفض منها 3، وسحب من قبل مقدميه 1، بينما تم إرجاء النظر في مقترح واحد. وبلغت الأسئلة في هذا الدور 10 فقط.

الدور الثاني: وصلت المشروعات المحالة من مجلس النواب الى 23 مشروع قانون، وافق مجلس الشورى على 19 مشروعاً فقط صدق جلالة الملك عليها جميعها، وتم ترحيل الباقي الى الأدوار التالية. وأرجع المجلس أربعة مشروعات إلى مجلس النواب لإعادة النظر في قراره. وبلغت الاقتراحات بقوانين 25 اقتراحاً، قبل المجلس منها 12، ورفض مقترحاً واحداً، وسحب من مقدميه 4 مقترحات، وسقطت 3 لعدم تمسك مقدميه بالمقترح، واسترد مشروعين من مقدميهما، وتم إرجاء النظر في مقترح واحد، بينما أدرجت ملاحظات اقتراحين على أحد المشروعات النافذة. وبلغت الأسئلة 24 سؤالاً.

الدور الثالث: 60 مشروع قانون محال من النواب، وافق مجلس الشورى على 55 مشروعاً، رفع منها الى جلالة الملك للتصديق 45 مشروعاً والباقي في الدور الرابع. وأعاد مجلس الشورى 7 مشروعات الى مجلس النواب لإعادة النظر فيها، واختلف المجلسان على 3 مشروعات بينما لايزال مشروعان احدهما لدى مجلس الشورى والآخر في النواب لم يتم الانتهاء منهما. وبلغت الاقتراحات بقوانين 13 اقتراحاً، وافق المجلس على 7 منها، وأرجأ النظر في مقترح واحد، ورفض اقتراحين، واسترد مقترحاً واحداً من مقدميه. بينما سقط اقتراحين لعدم تمسك مقدميه. والأسئلة بلغت في هذا الدور 28 سؤالاً فقط.

الدور الرابع: بلغت مشروعات القوانين المحالة من النواب 83 مشروع منها، ناقش ووافق مجلس الشورى على 65 مشروعاً، وأعاد الى مجلس النواب 3 مشروعات، وسحبت الحكومة مشروعاً واحداً، ومازال 11 مشروعا لدى مجلس الشورى لانتهاء الدور الرابع، وثلاثة مشروعات بتقاريرها من اللجان المختصة لم تناقش في المجلس لانتهاء الدور. وبلغت الاقتراحات 10 فقط، وافق المجلس على 9 منها، ورفض واحداً فقط. وبلغت الأسئلة 48 سؤالاً.

من خلال إحصاء بسيط يلاحظ أن عدد القوانين التي صدق عليها جلالة الملك بلغ 154 قانوناً. وعدد الأسئلة التي وجهها أعضاء المجلس بلغ 110 أسئلة. وبلغ عدد جلسات المجلس 127 جلسة. ويمكن تصنيف القوانين التي تمت مناقشتها وصودق على بعضها بحسب الآتي: بلغت القوانين المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقات الدولية 52 قانوناً، والقوانين المتعلقة بالأمور الاقتصادية والتجارية والصناعية 42 قانوناً، بينما بلغت القوانين المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقات الإقليمية التي تشمل دول مجلس التعاون والدول العربية 27 قانوناً، وبلغت القوانين المتعلقة بالشأن المحلي الخاصة بإنشاء الجمعيات والمجالس والمحاكم والتسجيل العقاري والهيئات والأحكام الإجرائية وحماية الشواطئ 33 قانوناً، و27 قانوناً تتعلق بالخدمات الإسكانية والبلدية والمحافظات، وحازت الخدمات الصحية على قانونين والتعليم على قانونين.

ويلاحظ من خلال السرد السابق أن الاتفاقات الدولية أخذت نصيب الأسد من القوانين، وكما هو معروف أن البحرين لا تعاني من قلة القوانين المنظمة للعلاقات مع الآخرين من الدول، بينما هي تفتقر الى قوانين تجعل من شعب البحرين يشعر بأن المجلسين قد صاغها من أجل سعادته ورخائه، السعادة والرخاء اللذان ينشدهما المواطن البحريني هما في سكنه وملبسه وراتبه ووسيلة تنقله داخل البحرين وخارجها وليس عبر القوانين التي ناقشها المجلسان في الأمور الاقتصادية والصناعية والتجارية التي غالبيتها المصدقة على قروض ترهق الموازنة والشعب على رغم اعتقادنا بأهميتها في التنمية المستدامة.

والنتيجة: هل يمكن تقييم أعضاء مجلس الشورى على أدائهم؟

نعتقد أن التقييم صعب وأن عملية التقييم هي عملية نسبية لأنها من دون معايير وموازين محددة نستطيع أن نقيم بها، وإذا أردنا أن نقيم الأعضاء فإننا يجب أن نقيم كل عضو منتخب أو معين ويشمل ذلك أيضا الموظفين والعاملين على جميع المستويات في كل مكان يخدمون فيه البحرين لأن التعيين والانتخاب هما تكليف لا تشريف، ويبقى الحكم لمن انتخب أو عين ورضا الناس غاية لا تدرك. ولكن يجب ألا نغفل نقطة مهمة في عملية التقييم وهي أن البحرين قد أقبلت على ديمقراطية جديدة لم تكن معهودة لدى الغالبية وهي تحتاج الى نفس طويل وتطوير مستمر وما تحقق الآن لم يكن ليتحقق لولا المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والتعاون الجاد مع الحكومة وكذلك تطلعات شعب البحرين الى تحقيق المزيد من الانجازات على رغم الطلب المتزايد على تحقيق طفرات أسرع في كل مجال وهذا يحتاج الى تعاون بين أبناء الأسرة الواحدة وزرع الثقة المتبادلة

إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"

العدد 1440 - الثلثاء 15 أغسطس 2006م الموافق 20 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً