العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ

العاهل يتسلم التقرير النهائي للجنة المعنية بتوصيات «تقصّي الحقائق»

جلالة الملك: الوطن للجميع... وأبواب الحوار كانت وستظل مفتوحة

تسلم عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة التقرير النهائي للجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، أمس الثلثاء (20 مارس/ آذار 2012)، في مراسم جرت في قاعة المناسبات الملكية، بحضور ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

ورفع رئيس مجلس الشورى رئيس اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق علي صالح الصالح تقرير اللجنة إلى جلالة الملك.

ثم قام عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإلقاء كلمة سامية هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب السمو والمعالي والسعادة...

أيها الإخوة والأخوات، ضيوفنا الكرام...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

نحمد الله سبحانه وتعالى أن أنعم على وطننا الغالي وشعبنا الوفي بالأمن والاستقرار، وبما وقانا بفضله ورحمته من الفتن وحفظ بلادنا من كل سوء، فله الحمد وله الشكر.

بداية نتقدم بالشكر والتقدير لرئيس وأعضاء اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقصي الحقائق على جهودهم الوطنية المثمرة... ونضيف أن إنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق في البحرين كان حدثاً فريداً في المنطقة والعالم على حد سواء، وتمثّل جزءاً من تاريخنا الذي نفخر ونعتز به، إذ كانت توصياتها واسعة النطاق، ويمثل تنفيذها تحدياً كبيراً في حد ذاته، وكنتم في اللجنة الوطنية متابعين وموجهين لجهود الحكومة في هذا الشأن، حيث درستم التوصيات بعناية، وتشاورتم مع الخبرات العالمية، من أمثال البروفيسور محمود شريف بسيوني والسير دانيال بيت لحم، حرصاً منكم على التطبيق الأمثل للتوصيات وفق المعايير الدولية، فلكم جزيل الشكر والتقدير على جهودكم الوطنية المخلصة.

لقد تعهدنا منذ استلام تقرير لجنة التقصي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بعدم تكرار مثل هذه الأحداث المؤلمة في وطننا الحبيب، على أن نأخذ منها الدروس والعبر، وأن نستخدم الأفكار والرؤى الجديدة كمحفز لإحداث التغيير الإيجابي. وإن تقريركم الذي تسلمناه اليوم، يدل على حدوث ذلك التغيير الإيجابي الذي ننشده، ونفتخر به، حيث خلص التقرير إلى اتخاذ الحكومة لخطوات مهمة في انتهاج الشفافية المستمدة من قيم الديمقراطية، وتم وضع الآليات الإدارية والقانونية اللازمة لتنفيذ ما يتطلب تحقيقه من خطط متوسطة وطويلة المدى، وشمل ذلك إصلاحاً في القطاع الأمني والقضائي وتحسين المناهج التعليمية ووضع خطة مفصلة لإصلاح الإعلام، والعمل من أجل ضمان إعادة الموظفين إلى أعمالهم، ووضع خطط التعويض لضمان توفير سبل الانتصاف للمتضررين في أقرب وقت ممكن، وبدء برامج لتحقيق لمِّ الشمل الوطني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وإنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات بوزارة الداخلية ومكتب مستقل للمفتش العام بجهاز الأمن الوطني، والأهم من ذلك، إنشاء وحدة خاصة للتحقيق للمساءلة في الأحداث التي وقعت العام الماضي.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نشيد بجهود الحكومة وجديتها في تنفيذ التوصيات على الوجه الأمثل خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة... هذه السرعة في الإنجاز والجودة في العمل هو ما ندعو إليه ونتمناه في جميع أعمال الحكومة وليس في تنفيذ التوصيات فحسب، ونأمل من السلطة التشريعية من جانبها أن تسرع في إقرار مشاريع القوانين ذات العلاقة المحالة إليها من قبل الحكومة. ولقد شهدنا إقرار مشاريع قوانين متعلقة بحرية التعبير وكذلك تعريف جريمة التعذيب التي تم اقتراحها العام الماضي، وفي خصوص ذلك، نشكر جهود مجلسي الشورى والنواب في النهوض بالمنظومة التشريعية بالمملكة.

وحيث ترعى الدولة إعمار دور العبادة ورعايتها؛ فإننا نوجه إلى استمرار العمل وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها، وذلك بالتنسيق بين وزارة العدل والشئون الإسلامية ودائرتي الأوقاف والجهات ذات العلاقة حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة نفسها. وفيما يتعلق بتعويض المتضررين، فإنه وإضافة إلى الصندوق الوطني لتعويض الضحايا الذي تم إنشاؤه وفقاً لأرقى المعايير الدولية؛ فقد تم إنشاء محاكم متخصصة للنظر في دعاوى التعويضات للإسراع في عملية حسم دعاوى التعويض. وفي هذا الخصوص؛ فإننا ننوه بمبادرة التسوية المدنية التي تبنتها اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات تقصي الحقائق، ونوجه إلى اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لسرعة حصول المتضررين على تعويضات عادلة.

كما ونؤكد على أهمية إنجاز كافة القضايا التي تتعلق بحرية التعبير دون تأخير لا لزوم له، والتي تكون في إطار القانون ولا تتضمن تحريضاً على العنف، أياً كانت صفة مرتكبها أو مهنته. واليوم وبعد تسليم اللجنة الوطنية لتقريرها؛ فإن على الحكومة أن تضع ذلك في برنامج عملها للمتابعة المثلى للتوصيات والتأكد من تنفيذها في كافة المراحل. فنحن نريد لشعبنا أن يشعر بالتغيير الحقيقي والملموس الذي تعكسه هذه الإصلاحات في حياتهم، والتحديات التي ستواجهنا خلال الأشهر القادمة هي كيفية ترجمة ذلك إلى تغيير ملموس في ثقافة المجتمع.

إن المسئولية الوطنية هذه تقع على عاتق كافة الأطراف، وليس على السلطة التنفيذية وحدها. وعلى السلطة التشريعية أن تقوم باختصاصها الأصيل في التشريع ومراقبة تنفيذ الحكومة لخططها في هذا الشأن.

إن ما أثبتموه في تقريركم كلجنة وطنية، يؤكد أن البحرين قادرة بذاتها وبسواعد أبنائها على الرقي إلى مصاف الدول المتقدمة في الممارسات الديمقراطية، والاستفادة من الخبرات العالمية في وضع الأسس القانونية التي تحفظ أمن المجتمع وتكفل حقوق الإنسان وتضمن حرية التعبير دون التعدي على حقوق وحريات الآخرين، ونشكر في هذا الصدد الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية التي شاركتنا بخبراتها وتجاربها.

إن تنفيذ التوصيات يعكس التزام البحرين بالإصلاح في مختلف المجالات، والإصلاح ينبغي ألا يتوقف، فالتطور هو سنة الحياة، ومنذ تولينا مقاليد الحكم كانت سياستنا في التطوير أن نحافظ على مبادئ ديننا الحنيف وتقاليد وأعراف مجتمعنا، كما نؤكد عزمنا مجدداً على السير في طريق الإصلاح بما يرضي طموحات شعبنا، وأن نمد السمع والبصر في الوقت ذاته إلى مختلف التجارب العالمية لنستقي منها ما ينفع شعبنا ويحافظ على وحدتنا وقوة مجتمعنا، دون إقصاء لأحد، أو تغليب مصلحة فئة على فئة، فالوطن للجميع... وأبواب الحوار كانت وستظل مفتوحة.

إن الأمن والاستقرار دعامة رئيسية للنمو والتقدم والإصلاح، وما يؤثر على استقرار البلاد يؤثر على سيادتها، ويفتح الباب للتدخل الأجنبي، فالدول لا تنشد الاستقرار لمصلحة الاقتصاد فحسب، وإنما تنشده لحماية سيادتها وكيانها، ولن نفرط في ذلك أبداً، ولن تعود عقارب الساعة للوراء، شاكرين ومقدرين جهود منتسبي قوة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني المخلصين، الذين يسهرون على أمن هذا الوطن ويحمون حدوده وأراضيه ولازالوا مرابطين حبّاً وولاء لوطنهم وحماية لجميع المواطنين والمقيمين، وكذلك قوات «درع الجزيرة» التي تقوم بدورها الجماعي لحماية المنشآت الحيوية في البلاد وذلك جزء من واجبها الأكبر في حماية دول مجلس التعاون كلما طرأت الحاجة. فلهم منا كل الشكر والتقدير والثناء.

إن وحدتنا الوطنية هي الحصن الحصين لهذا الوطن، ونحن إذ نقدر عالياً التزام الحكومة بتنفيذ التوصيات؛ فإن المسئولية الوطنية تقع أيضاً على جميع أفراد المجتمع والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ليقوموا بدورهم المطلوب في المشاركة والرقي بالممارسة الديمقراطية وفق القانون والنظام العام، ومرة أخرى على الجميع أخذ العبر مما مر بنا من أحداث، والاستفادة من التجربة، والمضي نحو المستقبل بخطى واثقة، ونوايا صادقة.

حفظ الله البحرين، ووفقنا الله لما فيه الخير...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حضر مراسم تسليم تقرير اللجنة أصحاب السمو وكبار أفراد العائلة المالكة والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورئيس مجلس النواب وأعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء وعلماء الدين والقضاة والوزراء وأعضاء اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وأعضاء اللجنة العليا التنسيقية لحقوق الإنسان وأعضاء مجلسي الشورى والنواب ورؤساء البعثات الدبلوماسية وأعضاء مجلس غرفة تجارة وصناعة البحرين والمحافظون والأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ورؤساء البنوك وأعضاء المجالس البلدية ورؤساء الجمعيات والكنائس ورؤساء تحرير الصحف والمجلات من داخل البحرين وخارجها ووكالات الأنباء والمراسلون والصحافيون والوجهاء والأعيان وكبار ضباط قوة الدفاع ووزارة الداخلية والحرس الوطني.

العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً