العدد 3531 - الإثنين 07 مايو 2012م الموافق 16 جمادى الآخرة 1433هـ

أُريد أن أصبح...

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مرة أخرى تظهر لافتات الطريق في شوارعنا الرئيسية، ولو أنها مازالت بعيدة عن خريطة الطريق التي نتمنى رؤيتها قريباً؛ إلا أنها تستحق التوقف عندها ملياً وقراءتها بمنظور آخر ونحن على أعتاب امتحانات نهاية العام الدراسي الحالي وكثير من الطلبة ينظرون للمستقبل بعد تخرجهم من الثانوية العامة وهم يحلمون في يقظتهم ونومهم بفرح نتائجهم العالية وبما يحفظ كرامتهم ويحقق آدميتهم وطموحاتهم في وطن آمن مستقر لا يعرف أن هناك مخلوقا يستحق التقدير والثناء على هذه الجزر المعطاءة سوي من يذوب يومياً عشقاً في حب وطنه من دون تمييز بين سكان شارع وآخر أو قرية وأخرى أو مدينة وجارتها. وبعض تلك الأحلام وأدبياتها سُجلت بجانب لافتات الطريق في كراسة هؤلاء الطلبة.

اللافتة الأولى: أتمنى أن أحصل على بعثة دراسية تقدر وتحترم تفوقي العلمي بكل شفافية، وإن تمزق رداء تلك الشفافية كثيراً في الآونة الأخيرة وبان ما وراءها. بعثة تحترمني لأنني بحريني وليس لأنني من قبيلة أو عشيرة أو طائفة معينة، وفي تخصص أرغب به وليس مفروضاً عليّ للسبب ذاته. لأنى أريد أن أصبح بعدها مدرساً، يشعر بالمسئولية تجاه بلده ولا يفرق بين الطلبة في الفصل أو في الدرجات على أساس أي انتماء ديني أو عرقي أو مناطقي بغيض، فالعلم ليس حكراً على أحد من البشر وليس منة من أي حكومة على شعبها. فكل ما ينفق على العلم هو من الشعب وإلى الشعب باعتبار أن الدولة في تكوينها العضوي، كما تعلمنا في المناهج الدراسية، هي من اختيار الشعب. كما أتمني ألا انهض صباح كل يوم وأقرأ أن قوانين التعليم في بلدي تتبدل لمزاج مسئول أو لتجيّرها لوضع لجمعية ما أو لوضع سياسي وليس لفكر تربوي حقيقي. ألا أجبر على منافقة مدير مدرسة أو مسئول بالوزارة من أجل ترقية أو نقل من موقع لاخر. أتمنى أن أتعامل مع مسئول تربوي يعرف من أصول الإدارة التربوية من الألف إلى الياء ومن السين إلى الطين وليس العكس. أن أرى الأمان وليس الأمن يحيط بمدرستي، وأن تكون بعيدة عن «فعل فاعل» ليس بمجهول في هذا الزمان. وأن يسمح لي بالإبداع مع الشكر والثناء عليه وألا يكون خطئي بألف صواب عملته في خدمتي التربوية.

اللافتة الثانية: أتمنى أن أحصل على بعثة دراسية تقدر وتحترم تفوقي العلمي بكل شفافية، لأنني بحريني وليس لأنني من قبيلة أو عائلة أو طائفة معينة، وفي تخصص أرغب به وليس مفروضاً عليّ للسبب ذاته. لأنى أريد أن أصبح محامياً، يتنسم الحرية كل صباح ومساء ليدافع بأدواتها الحقة بعيداً عن التدجين عن جميع المظلومين والمتهمين. أن أعرف الحق حقاً فأتبعه، وأعرف الباطل باطلاً وإن علا، فأجتنبه في عملي. ألا تؤجل قضاياي الملحة في المحاكم لشهور على متهمي الرأي، وتسرع على جنايات القتل والعبث بمنظومة نسيج المجتمع وأخلاقه. ألا أتعرض للتهم والحبس بسبب رأي ما وألا أطلب أحدا من زملائي ليدافع عني أمام المحاكم! وأن يؤخذ بجميع أدلتي الطبية والشرعية والوثائقية التي لا تقبل الشك لا من خلفها ولا من أمامها حين الفصل في القضايا التي أترافع فيها. وألا يتم التدخل الرسمي جبراً في شئون جمعيتي التي سأنتمي إليها.

اللافتة الثالثة: أتمنى أن أحصل على بعثة دراسية تقدر وتحترم تفوقي العلمي بكل شفافية، لأنني بحريني وليس لأنني من قبيلة أو عائلة أو طائفة معينة، وفي تخصص أرغب به وليس مفروضاً عليّ للسبب ذاته. لأصبح طبيباً يحترم القسم الطبي الذي سألتزم به عند بدء دراستي وتخرجي لمزاولة مهنة الطب. كما أنني سأقترح على جميع الجامعات الطبية في العالم أن تعدل قسم «أبي قراط» الطبي على ضوء ما جري في بلدي، وأن يتم تعديل القسم الطبي بحسب المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي كالتالي: «أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في جميع أدوارها وليس في دوارها، في كل الظروف والأحوال وفي كل المستشفيات والمراكز الصحية، باذلا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق وإن تعرضتُ للفصل والسجن والتعذيب والمحاكمة لمعالجة الجرحى من أهل بلدي. وأن أحفظ للناس كرامتهم التي ضيعها البعض، وأستر عوراتهم التي كشفها غيري، وأكتم سرّهم ولا أفصح عن هوياتهم الوطنية. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلا رعايتي الطبية للقريب والبعيد دون تمييز طائفي، الصالح والطالح من أهل بلدي، والصديق والعدو الذي أعالجه ثم يأتي ليعذبني لأنني طبيب شريف. وأن أثابر على طلب العلم، أسخِّره لنفع الإنسان وإنقاذه من الموت لا لأذاه. وأن أوقر من علمني، وأعلّم من يصغرني، وأكون أخًا لكل زميل في المهنة الطبية في نطاق البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقيًا مما يشينني أمام الله ورسوله والمؤمنين الصالحين لا الطالحين. والله على ما أقول شهيد». وأن أدعو المولى العلي القدير ألا أتعرض للشتم والإهانة والتعذيب لمجرد مشاركتي بالقول الحصيف في الزمن الكسيف! وألا أُتهم جزافاً بأنني سرقت أدوية من أي مستشفى أو مركز صحي، أو أدخلت سلاحاً أبيض أو أخضر من سعف النخيل لدار رعاية طبية بهدف زرع «فسيلة» الكراهية ضد أي نظام. وأن يتم إعادتي لعملي حين اُفصل منه في الموقع نفسه وبزيادة في الدرجة والراتب تعويضاً عما سيلحق بي من غبن وقهر وتشويه سمعة وانتقام وتشف من أصحاب النفوس المريضة التي أقسم بأنني سوف أعالجها من مرضها وإن بغت عليّ وعلى أهلي وقرابتي وخلاني.

اللافتة الرابعة: أتمنى أن أحصل على بعثة دراسية تقدر وتحترم تفوقي العلمي بكل شفافية، لأنني بحريني وليس لأنني من قبيلة أو عائلة أو طائفة معينة، وفي تخصص أرغب به وليس مفروضاً عليّ للسبب ذاته. لأكون مهندساً مدنياً لا عسكرياً، لأدعو للحفاظ على تراث بلدي المعماري من التشويه في المباني والأنفس. وأن أقف ضد كل من يتلاعب في غش المباني وسرقة مقدم الفلل والمجمعات السكنية ممن قضى عمره في جمع ما يكفل له سكن آمنا واستقرارا في دياره وليس ديار غيره. وألا أشارك في بناء أرض مغصوبة أو ساحل مغتصب بلا وجه حق شرعي ولا مدني، وأن أناضل من أجل الحفاظ على بيئة بحرينية خالية من تلوث الصناعات القاتلة، وضد من يسد المنافذ البحرية المجمّلة لوجه بلدي الحضاري بجزرها وسواحلها للعامة وليس للخاصة فقط، لأنها عروس الخليج.

اللافتة الأخيرة: عذراً... ممنوع الوقوف في كل الأوقات!

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3531 - الإثنين 07 مايو 2012م الموافق 16 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 8:25 ص

      اللافتة الأهم أريد أن أعامل كإنسان

      أريد ان أعامل كإنسان في بلدي

    • زائر 7 | 6:26 ص

      متى

      يصبح المركز والكرسي اهل لمن يستحقه على أساس الكفاءه والقدرة على العطاء وليس على أساس ابن فلان وابنة علان ونرى الحقوق تصل الى من يستحقها الى كل مواطن تعب وجد واجتهد وكل أمله في المساواة فقط ليخدم وطنه واخوانه من المواطنين بدون تفرقة ولا تمييز

    • زائر 6 | 4:07 ص

      الحمد لله رب العالمين ..!!

      وأنا اقول ليش الوسط محتكره الجوائز العالميه لأن عندها خيره الكتاب والصحفيين ذوات الحس الوطني المخلص ,,, والشكر للجميع

    • زائر 4 | 2:32 ص

      ما قل ودل

      عندما أقرء لصحفى الوسط ، أقول الحمد لله لا زالت الدنيا بخير , دام فيها هذا النفس الوطني الخالي من اي شوائب . مقال أكثر من رائع .

    • زائر 2 | 12:47 ص

      إختصار

      خير الكلام ما قل ودل . سرد ممتع لسلبيات هذا الوقت 

    • زائر 1 | 12:27 ص

      مقال روعه يا ستاذ

      آحلى ما قرأت في زمن غاب عنه كتاب الاقلام الصادقة فعذرا فقد ابكاني قلمك بحرقه لتصورك حال واي حال فقد يصعب على الكافر

اقرأ ايضاً