العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ

الكويتيات: خطاب غير سياسي... بذخ وفرق عمل ضخمة

انطباعات بحرينية

لم يكن حدث بحجم الانتخابات الكويتية قابلاً للتفويت من قبل عدد من اللاعبين السياسيين في المجتمع البحريني ممثلين عن عدد من الجمعيات السياسية أو الناشطين أو المهتمين، أو حتى المترشحين المستقبليين. فقد توافدت على الكويت طوال فترة الانتخابات الشهر الماضي أفواج من البحرينيين للاطلاع على التجربة الكويتية. وكان للمرأة نصيب وافر من هذا الاطلاع، فقد شكلت الكويت وخصوصاً في الأيام الثلاثة الأخيرة قبل يوم التصويت مقصداً لعدد من الناشطات النسائيات، وعضوات الجمعيات السياسية وبعض المترشحات، حاولن الاطلاع عن قرب على هذه التجربة، والآليات التي تم استخدامها فيها.

عن اهتمام الجمعيات السياسية والناشطين البحرينيين بالانتخابات الكويتية تحدثنا الكاتبة الصحافية منى عباس فضل التي زارت الكويت أيضاً في تلك الفترة لتقول إن البحرين والكويت تشتركان في وجود «أزمة ديمقراطية تنطلق من الدستور»، علاوة على المحاولات المتكررة لتقليص دور المجلس التشريعي وعدم ملاءمة القوانين مع الواقع الديمقراطي، إضافة إلى محاولة الانفراد بالسلطة ومحاولة تغليب السلطة التنفيذية على التشريعية. كل هذه الملاحظات التي ذكرتها فضل جعلت برأيها التجربتين البحرينية والكويتية متشابهتين إلى حد كبير. ويمكن من خلال التجربة الكويتية استشراف ما سيحدث في انتخابات البحرين.

زيارات «نسائية» للكويت

في هذا التقرير نستعرض انطباعات وآراء بعض الناشطات والمترشحات اللاتي زرن الكويت في فترة الانتخابات ومنهن الكاتبة الصحافية منى عباس فضل التي رافقت كلاً من الناشطات فريدة غلام وعائشة غلوم ومنيرة فخرو في زيارة قصيرة للكويت ركزن فيها على دوائر الضاحية والدعية وحضرن عدداً لا بأس به من الخيم الانتخابية، والتقين مع شخصيات ليبرالية متعددة. كما نستعرض انطباعات رئيسة دائرة شئون المرأة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية رملة عبدالحميد التي كانت ضمن وفد الجمعية الذي زار الكويت مرتين بصحبة 8 نساء أخريات، وقام فريق «الوفاق» بزيارة مجموعة من الدوائر منها بنيد القار، الدسمة وشرق، والجابرية واليرموك، إضافة إلى زيارة عدد من المراكز التي خصصت لتصويت النساء يوم الانتخابات.

. إضافة إلى انطباعات المترشحة للمجلس البلدي فاطمة سلمان التي رافقت زميلتها المترشحة صباح الدوسري في زيارة للكويت. وأخيراً انطباعات المترشحة للانتخابات النيابية بدرية المسلماني التي حرصت على حضور جميع أفراد فريق عملها الانتخابي إلى الكويت لمدة عشرة أيام للمشاركة والاطلاع عن قرب على التجربة.

الفرق الانتخابية «ضخمة»

كان من أبرز ما لفت نظر المترشحات البحرينيات اللاتي زرن الكويت ضخامة العدد الذي تضمه فرق عمل المترشحين هناك، إذ تقول المترشحة فاطمة سلمان ان عدد أعضاء هذه الفرق يصل أحياناً إلى 160 شخصاً، وقد زارت سلمان برفقة زميلتها صباح الدوسري مجموعة من المقرات الانتخابية كمقر المحامية هند محمد صالح آل الشيخ، وتعرفتا على الفرق الإعلامية لعدد من المترشحين.

من جانبها تقول المترشحة البحرينية بدرية المسلماني التي زارت الكويت مع فريق عملها لمدة عشرة أيام انها قامت بإجراء دراسة كاملة قبل الزيارة عن المترشحين الذين تريد تحديداً زيارة مقراتهم الانتخابية، مشيرة إلى أنها تعمدت أن تشرك عدداً من أعضاء فريق حملتها الانتخابية في فرق عمل المترشحين لكي يشاركوهم العمل والتعرف على طرقه وأساليبه.

أما بالنسبة إلى مشاركة المرأة الكويتية فقد اعتبرت المسلماني أنها تجربة أولى ولم تكن فشلاً على الإطلاق فقد كان حضور المرأة طاغياً ومؤثراً، وقد شاركت كناخبة ومترشحة بإيجابية، الأمر الذي اعتبرته انتصاراً لها. كما أنها تعتقد أن المرأة في الكويت صوتت لمن تراه الأصلح من وجهة نظرها، والدليل هو فوز غالبية كتلة البرلتقالي.

وترى المسلماني أن أكثر من استفاد من هذه الزيارة هو فريق عملها الذي استطاع الانخراط في تلك الحملات الانتخابية للتدريب عليها كما استطاع لمس إيجابيات وتكتيكات جديدة غير التي يعرفها من قبل.

من جانبها تقول الوفاقية رملة عبدالحميد انها والفريق المرافق لها اكتشفن الدور الهائل الذي كانت تقوم به الفرق النسائية في عملها مع المترشحين، واصفة عملهن بالدقة والتنظيم الفائقين، إذ عمل الرجال من جانبهم على تكثيف حملاتهم في الجانب النسائي نظراً إلى القاعدة الانتخابية الكبيرة التي تمثلها النساء والتي يمكن أن تغير بالضرورة ميزان القوى للمترشحين.

القبلية... الطائفية

ولنظرة أكثر عمقاً عن واقع الانتخابات في الكويت تضيف الكاتبة منى فضل أن أهم ما لاحظته في زيارتها للكويت في فترة الانتخابات هو تغليب «القبلية والطائفية» في اختيار المترشحين للانتخابات، وهي عوامل اعتبرتها مشتركة بين المجتمعات العربية لكنها حاسمة. وتصف فضل المجتمع الكويتي بتميزه بواقع متناقض من الوعي السياسي وتدني الوعي السياسي، فبحسب قولها يتميز المجتمع الكويتي بتقدم المستوى التعليمي وحرية التعبير ونشاط وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي خلق واقعاً يتيح للجميع بمن فيهم النساء القدرة على التعبير والوعي، إلا أنه على رغم ذلك لا تزال النساء يؤمن بأن على المرأة أن تبقى في المنزل ولا تدخل نفسها في موضوع الترشح لمجلس الأمة، وهو واقع تصفه «بالمتناقض»، ولاحظت فضل وجود الفساد الانتخابي، وغياب التعددية السياسية والأحزاب.

الخطاب النسائي غير سياسي

وتعتقد فضل أن للوجود الأميركي الخارجي تأثيراً مباشراً على المترشحات الكويتيات حتى تم اتهام بعضهن» بـ «التأمرك»، لكنها لم تأخذ على ذلك كما اخذت على خلو البرامج الانتخابية للمترشحات النساء من أي مضمون نسائي، ففي هذه الفترة السياسية الحرجة من تاريخ الكويت ركزت المترشحات على شعارات التنمية والبناء في وقت كان جميع المترشحين يتحدثون عن الفساد التشريعي والسياسي ويحملون شعارات سياسية مباشرة.

وتؤيدها في ذلك الوفاقية رملة عبدالحميد التي ترى أن الخطاب النسائي لم يكن سياسياً بالأساس، كما أن الجهات الرسمية لم تكن داعمة للمرأة مثلما هو الحال في البحرين، وكان الدفع بكامله باتجاه إيصال المعارضة المتمثلة في 29 شخصاً مرة أخرى للبرلمان، إذ كان هذا هو موضوع الساعة الأكثر أولوية، والذي لم تتحدث فيه أي من المترشحات النساء ولا في قضايا الفساد. وترتبط هذه الملاحظة بأخرى أكدتها كل من فضل وعبدالحميد، ومفادها أن المترشحات الكويتيات لم يتمكنَّ من تشكيل أي تحالفات أو تكتلات سياسية مع أي تيار الأمر الذي أثر على وضعهن كثيراً.

مظاهر البذخ

كان الانطباع الأبرز لدى كل من زار الكويت في فترة الانتخابات هو مظاهر البذخ الكبير والصرف اللامحدود من قبل المترشحين، جنباً إلى جنب مع ما تردد من شراء الأصوات والفساد الانتخابي. وعن مظاهر البذخ تقول المترشحة فاطمة سلمان ان بعض الخيام الانتخابية تراوحت قيمة تأجيرها بين 20 و 30 ألف دينار كويتي، فيما تؤكد الوفاقية عبدالحميد أن الخدمات كانت في كل مكان «خمس نجوم»، فسيارات ملاعب الغولف موجودة لنقل الناخبين إلى مقر الانتخاب، ويتم توفير سيارات أجرة لمن لا يجد مواصلات للحضور.

ولأن الوقت كان قصيراً لتنظيم الحملات، لا تستبعد عبدالحميد أنه تمت الاستعانة بمكاتب متخصصة لترتيب تلك الحملات الانتخابية، إلا أن الكاتبة فضل كانت متأكدة من هذه المعلومة، إذ أكدت أن كثيراً من تلك الحملات الانتخابية كانت تدار من قبل مكاتب وفرق متخصصة يدفع لها ويديرها «عاملون عرب»، وقلة من المترشحين اعتمدوا على فرق عمل «تطوعية» وخصوصاً النساء منهن.

ظواهر تلفت النظر

ولأن التجربة الكويتية على قدر كبير من الأهمية، كان لابد من الاهتمام بظواهر كثيرة متعلقة بترشيح المرأة خصوصاً، وقد لفت نظر الوفاقية رملة عبدالحميد مجموعة من تلك الظواهر أبرزها أن المرأة نزلت في دوائر محسومة سلفاً لتيارات معينة، كعائشة الرشيد التي نزلت في كيفان الدائرة المحسومة للتيار السلفي. إلى جانب نزول مترشحات ينافسن بعضهن بعضاً في بعض الدوائر ما شتت أصواتهن، كنزول 6 نساء تنافسن في دائرة واحدة، إضافة إلى الحرب التي شنها الإسلاميون بقوة على المترشحات النساء.

ولفت نظرها أيضاً إلى أن أيّاً من المترشحات النساء لم تعلق صورتها في الشارع واكتفين بوضعها على بوسترات تحوي برامجهن الانتخابية فقط، وهو أمر يعكس بالضرورة تخوفاً لرد الفعل المتوقع تجاه عرض تلك الصور

العدد 1402 - السبت 08 يوليو 2006م الموافق 11 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً