العدد 3569 - الخميس 14 يونيو 2012م الموافق 24 رجب 1433هـ

الوضع السوري يزيد من توتر العلاقات الأميركية الروسية

وترت الأزمة السورية المتصاعدة التي تعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة العلاقات الأميركية الروسية في وقت حساس للغاية يحاول فيه الرئيس الأميركي، باراك أوباما والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين تجديد علاقتهما. وتتهم الولايات المتحدة روسيا بتسليح سورية في الوقت الذي تهاجم فيه قواتها المعارضين بأسلحة فتاكة بينما تعطل موسكو أي إجراء أشد ضد دمشق وهو ما يشير إلى أوقات صعبة تنتظر علاقة بوتين بأوباما وربما من سيخلفه.

ومن المقرر أن يلتقي بوتين القومي الذي تولى رئاسة روسيا مجدداً الشهر الماضي مع أوباما في قمة مجموعة العشرين التي تعقد في المكسيك أوائل الأسبوع المقبل وهو أول لقاء بينهما خلال ثلاث سنوات. وتنامت الشكوك في قدرة الرجلين على التوصل إلى أرض مشتركة فيما يتعلق بسورية وقضايا خلافية أخرى. وكان أوباما هو الذي دعا إلى «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا خلال الفترة الرئاسية للرئيس الروسي السابق، ديمتري ميدفيديف وكانت هذه من الملامح الإيجابية التي ميزت سياسة أوباما الخارجية. لكن واشنطن تجد نفسها على خلاف شديد مع روسيا فيما يتعلق بقضايا تتراوح من سورية وإيران إلى الدفاع الصاروخي وحقوق الإنسان. ولا يبدي بوتين استعداداً للتراجع عن خطابه المناهض للغرب ومواقف ميزت مسيرته. وقد يمهد كل هذا إلى اجتماع غير مريح في لوس كابوس بالمكسيك. وستكون الطريقة التي يتعامل أوباما وبوتين بها مع الأزمة السورية سواء وراء أبواب مغلقة أو أمام الكاميرات عاملاً حيوياً.

وتشكل سورية اختباراً للمدى الذي يمكن أن يذهب إليه أوباما في استعداء روسيا بالضغط عليها حتى تتخلى عن الرئيس السوري، بشار الأسد وهو حليف قديم لموسكو يشتري منها السلاح. ويواجه أوباما بالفعل وهو ديمقراطي انتقادات من الجمهوريين وعلى رأسهم المرشح، ميت رومني الذي سينافسه في انتخابات الرئاسة المقبلة بشأن سياسته لضبط العلاقات مع روسيا. وخلال الأيام القليلة الماضية كانت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون وليس أوباما شخصياً هي التي قادت الحملة الأميركية للضغط على روسيا. وفي توبيخ مباشر نادر عبرت يوم الثلثاء الماضي عن قلقها من أن موسكو ترسل طائرات مروحية هجومية إلى سورية ووصفت نفي روسيا لاستخدام أسلحتها في الصراع الدائر الآن بأنه «غير حقيقي تماماً».

ويرى رئيس مركز المصالح القومية البحثي في واشنطن، ديمتري سايمز أن هذه اللهجة العنيفة قد تأتي بنتائج عكسية بمحاصرة موسكو في موضع حرج فتحجم أكثر عن التعاون. وقال «هذه ليست اللهجة التي تتحدث بها عادة إلى شريكك». وقد يسعى أوباما إلى تخفيف التوترات مع بوتين لكن ينتظر منه في الوقت ذاته أن يكون حازماً بالقدر الذي يجنبه انتقادات خصومه الجمهوريين ولا يزودهم بذخيرة جديدة لاتهامه بالتساهل مع موسكو. ومن جانبه لن يكون بوتين في مزاج يسمح له بتقديم أي تنازلات يمكن أن تفسر على أنها علامة ضعف في الوقت الذي يعمل فيه على إسكات المعارضة في الداخل بأساليب تلقى انتقاداً من الولايات المتحدة.

ويقول المتابعون لسياسات الكرملين إن من المرجح ألا يكون بوتين مستعداً لتقديم التزامات ملموسة لرئيس أميركي مصيره لم يتحدد بعد ويستعد لخوض انتخابات الرئاسة التي تجرى في نوفمبر/ تشرين الثاني. ويستند رفض بوتين التخلي عن موقفه من سورية إلى الاتهامات التي وجهها إلى حلف شمال الأطلسي بتجاوز التفويض الذي منحته له الأمم المتحدة لحماية المدنيين في ليبيا العام الماضي حين شن حملة قصف ساعدت على الإطاحة بالزعيم الليبي، معمر القذافي. ويخشى بوتين من أن يؤدي تراجعه مرة أخرى إلى فتح الطريق أمام تغيير النظام في دمشق ما يوجه ضربة لمصالح روسيا في المنطقة. وعلى المستوى الشخصي هناك ما يدعو للشك في حدوث توافق كيميائي بين أوباما الذي لا يفضل المواقف الاستعراضية وبوتين لاعب الجودو الذي ينتهج خطاباً قوياً. وبعد أن تولى بوتين فترة رئاسة جديدة مدتها ست سنوات أصبح اللاعب الروسي الرئيسي مع الولايات المتحدة وهو الدور الذي أبرزه بغيابه عن قمة مجموعة الثماني التي استضافها أوباما بعد أقل من أسبوعين من أدائه اليمين الدستورية في الكرملين. وقد تكشف تصريحاته المتشددة في السياسة الخارجية منذ توليه الرئاسة مجدداً وإصراره على أن موسكو لن تسمح بالتدخل في شئونها الداخلية ومطالبته بضمانات قوية بشأن أي نظام مضاد للصواريخ ما ينتظر أوباما إذا بقي في الرئاسة الأميركية لفترة ثانية. كما لم تفت على بوتين أيضاً العواقب المحتملة بالنسبة للعلاقات الروسية إذا خسر أوباما انتخابات نوفمبر لصالح رومني الذي قالها صراحة إن روسيا «عدو».

العدد 3569 - الخميس 14 يونيو 2012م الموافق 24 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً