العدد 3583 - الخميس 28 يونيو 2012م الموافق 08 شعبان 1433هـ

باريس عاصمة النور

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

كنت في باريس الأسبوع الماضي لحضور اجتماع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بعد أن غيبت السلطات البحرينية نائب أمين عام الفيدرالية الحقوقي نبيل رجب، خلف القضبان، فوجدت من واجبي وبطلب من الفيدرالية حضور الاجتماع.

أثناء الاجتماع سألتني الأمين العام للفدرالية سهير بلحسن عن احتمالات زيارة وفد الفيدرالية العاجلة للبحرين لحضور محاكمته. وأضافت «نحن تقدمنا بطلب الحصول على الفيزا، لكننا حتى الآن لم نتلقَّ الموافقة على الزيارة المحصورة بخمسة أيام». قلت لها «ليس من تأكيد بالسماح لكم بحضور المحاكمة. والأفضل أن تحصلوا على تأكيدٍ مكتوبٍ بذلك لأنه لا قرار ثابتاً للسلطات». ردت عليَّ: وهل هناك جدوى إذاً للزيارة؟ فقلت: «حضوركم يشكل دعماً معنوياًّ لنضال شعب البحرين والحقوقيين خلف القضبان وخارج القضبان، ومعرفة الواقع كما هو».

في حديثي مع مسئول بالخارجية الفرنسية، سألت: كم من المسئولين في الخارج يتغيرون بوصول الاشتراكيين للحكم وتسنم لوران فابيوس وزارة الخارجية؟ وكانت المفاجأة بقوله: «ولا واحد»! يستطيع الوزير جلب ما يرغب من المستشارين، وقد يستقيل بعض كبار المسئولين، ولكن لا شيء يجبرهم على ذلك.

فرنسا شهدت واحدةً من أهم الانتخابات في تاريخها، انتخابات الرئاسة، وفاز فيها الاشتراكي فرانسوا هولاند على اليميني الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. وبعد ذلك أجريت انتخابات الجمعية الوطنية، حيث فاز فيها الاشتراكيون لأول مرةٍ بغالبية مطلقة بـ 346 مقعداً مقابل 240 للائتلاف اليميني. ومُني فيها أقصى اليمين (الجبهة الوطنية) بهزيمة نكراء، حيث فشلت فيها زعيمتها ماريان لوبوان، فيما فازت ابنتها مارس لوبوان كأصغر نائبةٍ برلمانيةٍ عن عمر 22 عاماً، في مفارقةٍ فرنسيةٍ خاصةٍ كما فشل الشيوعيون كذلك.

ومن أهم الملاحظات تخلي نيكولا ساركوزي عن زعامة تجمع الوحدة الشعبية (UPR)، ورجوعه إلى العمل في مكتبه للمحاماة.

لم يترتب على الانتخابات مناكفات، ولا أعمال عنف، ولا تعطل للحياة. الخاسرون هنأوا الفائزين، وجرت أعمال التسلم والتسليم بسلاسةٍ من رئاسة الجمهورية إلى أصغر بلدية. سيغولين وريال، (مرشحة الحزب الاشتراكي ضد ساركوزي في الانتخابات الرئاسية السابقة ومرشحة الحزب في إحدى الدوائر) خسرت الانتخابات أمام زعيم محلي مستقل محسوب على الحزب الاشتراكي. وقامت بتهنئته والانسحاب بهدوء، وهي التي كانت مرشحة لرئاسة الكتلة البرلمانية الاشتراكية في الجمعية الوطنية.

في طريقي من فندقي المتواضع إلى محطة مترو دنيفرروشو، تجاذبت أطراف الحديث مع سائق التاكسي المغربي الذي ذكر لي أنه سبق أن عمل في أبوظبي، وكان يحصل هناك على أجر مرتفع وسيارة وشقة، لكن يفضل العمل في باريس لأنه يعيش هنا بكرامةٍ وحرية، وأضفت عليها وانبساط.

كان الطريق مزدحماً جداًّ بحيث توقف المرور، ونصحني بالنزول والمشي لعشرات الأمتار، وهكذا كان. عند المحطة فوجئت بحركة نشطة لأتبين أن حفلاً موسيقياًّ في الساحة المقابلة للمحطة، وعرفت أن مهرجان الموسيقى الذي تشهده باريس لشهر، يبدأ حينها. قررت البقاء لنصف ساعة أستمتع بحفلةٍ موسيقيةٍ مجانيةٍ تحت رشِّ مطر خفيف منعش. تدافعت الخواطر إلى العاصمة التي يروّج لها كعاصمةٍ للثقافة والفرح ولو بالإكراه، وتدافعت صور الخواء الفكري والتهريج الإعلامي والابتذال الفني في بلد ينزف في الوقت الذي يروّج فيه البعض لفرحٍ كاذبٍ وثقافة مستوردة.

في خضم المعركة الانتخابية لم ينسَ الفرنسيون الالتفات إلى وفاة الفيلسوف المثير للجدل روجيه جارودي، والذي اشتهر كفيلسوف للشيوعية، ومنظّر للحزب الشيوعي الفرنسي، ثم تحوّل إلى الإسلام، وأثار الجدل بأطروحاته وشكوكه في المحرقه اليهودية، ومناصراً صلباً للقضية الفلسطينية ومعارضاً للسياسة الغربية، على رغم ذلك ودّعوه بكل احترام.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3583 - الخميس 28 يونيو 2012م الموافق 08 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:21 م

      نضال مشكور

      قد ابلغت واوجزت. فكرة واضحة مركزة، ورايتك بيضاء يبومنصور. خل الجماعة اللي يدفعون لهم من تحت الطاولة من المال العام، اما الناشطون والمناضلون من اجل غد أفضل خالي من التمييز والطائفية فتقديرهم عند شعوبهم.

    • زائر 5 | 2:53 م

      انت تبالغ

      ليس كلما في الغرب جميل فهتاك العنصرية وهناك الإنحياز للصهيونية على حساب العرب لدرجة ان القوانين الفرنسية تمنع تجريم اسرائيل ضد الفلسطينيين كما يقفون دائماً الى جانب الحق اليهودي في فلسطين على حساب عمليات الأبادة والتهجير للشعبى الغلسطيني وهناك امور اخرى كثيرة لا تسر اما ان باريس جميلة للسياحة خاصة المجانية التي يمارسها البعض من النشطاء السياسيين والحقوقيين والرسميين خاصة اؤلئك الذين تحولوا لحقائب سفر بحجة مهمات مدفوعة النفقات من سكن واقامة ومصروف جيب اتفق معك ان باريس وغيرها ستكون جميلة ومريحة

    • زائر 4 | 7:32 ص

      بس كلام

      المناضل أبو منصور
      إدعاءت فى كل شىء ثقافة ديمقراطية حرية تسامح عيش مشترك لا تمييز لا طائفية لا إنتهاك للحقوق لا إنتهاك لحرية العقيدة كلها بس كلام متى راح إنصير مثل الشعوب المحترمة إمين مطولييين

    • زائر 3 | 2:23 ص

      احسنت

      مقال جميل يحمل في طياته الكثير

    • زائر 2 | 2:07 ص

      لا مجال للمقارنة بين شعوب في قمة التقدم وشعوب في الحضيض

      إننا نطالب بأقل حقوقنا اخرجونا من الملّة ومن الدين ومن الوطنية ومن الانسانية ولا زالت التهم تكال ليل نهار فقط لأننا طالبنا ببعض الكرامة وبعض الحقوق.
      لدينا افضل الاديان واكثرها تقدما ولكننا منقلبون على اعقابنا كما اخبر القرآن عن ذلك (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم) نعم نحن كمسلمين نمشي عكس ديننا في كل صغيرة وكبيرة حتى اصبحنا في مؤخرة الركب
      ومن يطالب بكرامته يصبح مارقا ارهابيا وخذ من هذه التهم ما لا يحمله بعير

    • زائر 1 | 1:39 ص

      مقال جميل

      شكرا جزيلا.. مقال خفيف و لطيف و مختصر و فكرته وصلت!!

اقرأ ايضاً