العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ

مساحة حرة - الشعب يريد تحرير المرأة


المرأة؟!
تلك الأحرف ما باتت محور نقاش المجتمع المنحدر من التقسيم الجنسي في النظام الشعوبي، ولم تعد ذلك البالون الذي مُلئ عن بكرة أبيه بالحقوق المحرومة والأسى وظلم العنصرية البشرية النوعية، وانتهى أداؤها في مجال السعي لنيل حرية العقل والعمل، ولم تبق تائقة لخلع أساور الحرمان والتهميش.
هي الآن ليست كل ذاك، بل هي أكبر. شطبت تمتمة (أمست) من معجمها نحوياً وصرفياً و "عملياً" واعتنقت (أصبحت)، فغدت معياراً لنجاح الأممية وسمو القومية، وعنصراً يقاس به تقدم الحضارة والركون للصدارة.
إن القيم التأسيسية لمجتمعنا تعيد النظر في اكتشاف المرأة، وتخوض فيها تجارب أكثر جرأة!
إن الدغمائية الدينية التي بنت امتياز الذكر على الأنثى ووظفت مرادها في الروايات التاريخية والملاحم التاريخية وجعلت فيها الوهم وصياً على الحقيقة كانت واهمة فأوهمت من حولها.
لقد وقفت المرأة راسخة على مسرح المجتمع، فوجهت عليها الأنوار الديمقراطية مسئولية الخوض في غمار اللعبة السياسية وركوب موج الحرية والمساواة والعدل.
إن المتأمل يجد أن تاريخ تحرر الرجل مرتبط بتاريخ تحرر المرأة، لا بد للرجل من التحرر من نظام قسى على الذكورة وجعلها قسراً على العمل من أجل المردودية والربح ولا فيها أدنى مجال من أجل كسب اللذة والمتعة. ليس كل ذاك فحسب، بل جعل من ذكورته نظاماً يقمع الحرية ويحوّل العقلانية لعقيدة تشوه الحاضر من أجل الماضي الجاهلي وتتمنى سيادة الأموات على أفضلية الأحياء.
إن التحرر العقلي والثقافي والاجتماعي المزدوج القائم على تحرر الرجل والمرأة وضع حداً للأصوات النشاز والعقول السائرة على عكاز، والتي ترى إن المرأة رديفاً للمنزل، حيث اختصر وجودها النسائي على الكيان المنزلي فقط فلا يحق لها حتى تسلل النظر لترمق أسوار المنزل الكائن في قلب مدينة يعجها الازدحام والضوضاء.
إن المدينة بكونها مدينة هي رقعة للعمل النضالي القيم الذي يوجه الإنسان لترسيخ مستقبل يضمن الحياة الازدواجية كأخلاقية جمالية ومتعة وسعادة سائدة.
لعبت المرأة البحرينية اليوم دوراً بارزاً على كافة الأصعدة الاجتماعية منها والثقافية بل وحتى الصحية والتعليمية حتى استحقت بعد أعوام عجاف أن تحظى بمشاركة انتخابية واسعة وتتمتع بكافة الصلاحيات الديمقراطية التي يتمتع بها أخوها الرجل بإجماع شعبي واسع حظيت به تقديراً لدورها في بناء النهضة البحرينية الخالدة والرقي بالمجتمع البحريني لأعلى المحافل حتى أصبحت لها القدرة على أن تتبوأ أعلى مناصب القيادات في بلدها فهي اليوم قاضية وسيدة أعمال طبيبة ومعلمة مع احتفاظها بدورها الطبيعي الأسمى وهو الحفاظ على مكونات الأسرة ورعاية كيانها الذي يخلف وراءه كيان الأمة بأجمعها.
هي اليوم تلك الحرية التي توسع حقل إمكاناتها في الإنسان والمجتمع لتعدل من تقسيماته. وهي الكائن الذي يحرج الأنظمة التي تدعي المحافظة على العادات والتقاليد والإرث الشعبي والديني فتهمش المرأة وتكسر أجنحتها.
إننا في إشراقة عصر إنساني جديد ودّع عصور الجاهلية المعتمة، لن يتحرر الرجل طالما لن تحرر تلك الروح المنسية وتخلع عنها أساور الاضطهاد والحيف، فالانتماء إلى الجنس البشري كمكمل للكونية وجزء من البشرية هو أكثر أصالة من الانتماء لهذا المجتمع أو تلك القبيلة.

زينب سعيد سلمان الجمري
 

العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً