العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ

مساحة حرة - اشتقنا لحكايا الألسنة...

آمنة راشد البناء
آمنة راشد البناء

جّوال في اليد، السّمّاعة لا تفارق الأُذُن، الآمنة راشد البناءحاسب المحمول يخطف الأولاد عن حضن آبائهم، ضربات البنان على الأزرار لا تتوقف! نعَم هكذا غدونا «كتلة إلكترونية بحتة»! حيث يضيع كل منا في عالمه الرقمي الخاص، وغدت الأصابع من يتكلّم نيابة عن الألسنة! ولكن لم!؟ لن نرمي هذه المرة بأخطاء مجتمعنا نحو هاوية القَدَر، وما يسميه الكثير (التطور)، قد يجهل غفير من هؤلاء معنى (التطور)؛ فهو لا يعني بحد ذاته الاقتصار بمواكبة آخر الصيحات من الهواتف النقالة والحواسيب المحمولة والألواح الإلكترونية المتنقلة، بالقدر الذي يعني أن نتقارب في المجتمع أكثر فأكثر، ولكن للأسف الشديد بات التطور مفهوماً لا يؤخذ بعين العقل سوى في المجتمعات الغربية، وبتنا نحن العرب مجرد مستهلكين، كل ما يهمنا هو إرضاء أنفسنا، ولكن..مهلاً! هل فكرنا لو أننا وضعنا أيدينا معاً ما الذي يمكن أن يحدث؟ بإمكاني أن أجزم بكل ثقة وأقول :(إننا إن تعاونّا وأصبحنا كالرجل الواحد كما وصّانا سيد المرسلين محمد (ص) سنغدو كما السابق، حيث كنا «عظماء»، سيشيّد اسمٌ عربيٌ في أحياء الغرب، وسيُبنى قصر من ثناء وعزة في مدنهم، وسنرتدي لباس الوقار والفخر). وما نراه في مجتمعاتنا الآن هو العكس، أصبحنا كـ»الروبوتات»، وفي الواقع، أصبح من لا يملك جهازاً إلكترونياً كـ»البلاك بيري» أو «الآي فون» أو غيرهما عرضةً للسخرية في هذا المجتمع، وأصبح من «شبه المستحيل» أن نجمع الأسرة كلها في مائدة دون أصوات ضربات أزرار «البلاك بيري» لتلك، أو صوت رسائل «واتس أب» «الآي فون» لذاك، والأكثر من هذا كله، «مستحيل» أن نرى طفلاً تخلو يداه من «الآي بود» أو آخر صيحات الألعاب الإلكترونية، وأصبح الحل الوحيد لجمع شمل العوائل هو قطع شبكة «الواير لس» من المنزل، وهذا ما يجب أن يحدث وَلو لساعة في اليوم أو على الأقل مرة في الأسبوع، لا لشيء، وإنما لتبادل الأفكار والنقاشات ذات الطابع الأسري بين أفراد كل عائلة، وهذا ما يتمناه كل من لامسه مثل الشعور الذي ينتابني؛ فحقّاً لقد اشتقنا لبرود أطراف البنان، وهدوء أعصاب الأخوة، وإلى براءة الأطفال وسذاجتهم حين يلعبون بِدُمىً صُنعت من قماش ولمسة من «البلاستيك». ولكن نحمد ربنا على كل حال؛ فهو علِم ما سيحل على عبادِه؛ فاصطفى لنا هذا الشهر الكريم، حيث يجتمع الكبير والصغير على مائدة واحدة؛ فلا يتزحزح أيٌّ منهم حتى يملأ جوف بطنه، وبما يتخلل هذه المائدة من حكايا ونوادر وأحاديث شيقة وممتعة، تُرجعُنا إلى أيامٍ نشتاقها، والجميع يلاحظ الفرق في ذلك فقط، في النهاية، سأكتفي بكلمات علّها تصبح حقيقة، كل أملنا أن تغدو أمتنا العربية «الأفضل»، والأكثر تطوراً، ونتمنى من رب العباد أن يلم شمل مجتمعاتنا، ولكن لا يكتمل تحقيق هذه الأمنية إلا بإصرار أفراد مجتمعاتنا وعزيمتهم؛ فبالعزيمة يحيا المستحيل!

آمنة راشد البناء

العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:14 ص

      ي فخرنآآآ

      بصرآحه ي آمنه انتين فخر لينا و اتمنى لكِ التقدم والنجاح والتفوق في الحياه العلميه والعمليه وشكرا اختك وزميلتك في المدرسة :P

    • زائر 1 | 7:38 ص

      بتلك الكلمات بإذن الله سنكون بخير

      اشكرك جزيل الشكر على هذه الكلمات النابعة من القلب ،، و أخيراً لقيت من يعبر عن ما يختلج بداخلي اتجاه هذه التكنولوجيا الحديثة !!
      باتت تسرقنا أحلى لحضات من حياتنا الجميلة
      وتسرق كل من براءة الأطفال ..
      وأصبح الكل في موج من العصبية عندما يدخل إلى هذا العالم ويتناسى الكثير من المسؤوليات التي تتوجب عليه فعلها ..
      حقاً أصبحنا صريعي لهذه التكنولوجية نستخدمها بشيء من الاسراف وضياع الكثير من الوقت هباءاً

      أشكرك مرةً أخرى على هذا الموضوع ..
      دام قلمكِ أخية ..

اقرأ ايضاً