ربما يكون الفشل من أعظم الأمور تأثيراً وتغييراً في مجرى حياة الفرد الخاصة إما بالإيجاب، وهذا ما يحدث لحالات إنسانية محدودة في عددها ومحظوظة في معيشتها، وإما بالسلب، وهذا ما نجده عادة في أغلب الحالات الإنسانية المحيطة بنا نظراً لغياب مفهوم "السقوط من أجل النهوض" في مجتمع تلفه جملة من العادات والتقاليد والموروثات الشعبية والتي من شأنها أن تترك بصماتها على سطح الحياة اليومية.

وكما هو مسلَّم به أن الفشل يمكن له أن يتحقق على أرض الواقع من دون أي مجهود يذكر، غير أنه يكون دائماً مصحوباً بالألم الذي يخلفه، وهو كالمسامير كلما طرقتها ازدادت ثباتاً وقوة في الألواح الخشبية، ويختلف الكثير في التفسير وفي النتائج المترتبة عليه حيث إن فئة صغيرة تعتقد بأن الفشل نعمة وله إيجابياته التي تسهم في شق الطريق نحو النجاح، إلا أن السقوط والفشل في بعض الأوقات يكون حاجة ملحّة من أجل اكتساب الخبرة ومعالجة الأخطاء المتكررة.

إذاً الفشل هو هزيمة مؤقتة بالنسبة لهم، وليس كما يعتبره أغلب الناس ويصفونه بالنقمة، وهذه الفئة هم من يمتلكون نظرة ضيقة الأفق للمستقبل، فالفشل أمر شائع بين الناس أكثر من النجاح، وبمجرد سقوط الإنسان بحالة من بالفشل فهو دائماً يحاول الهروب بعيداً من دون أن يدرك بأن الهروب هو المسبب الوحيد للفشل، لذلك عند الوقوف عن المحاولة نسبب لأنفسنا الفشل، وعندما لا نحاول فعل أي شي فإننا لا نتقدم أبداً، فتجاهلنا للفشل يجعلنا نفقد الثقة في أنفسنا ويصيبنا بحدة الارتياب منه، وفكرة الهروب من الواقع لن تحررننا من القلق أبداً.

فالنجاح يكمن في نشوة ومتعة الإنجاز، وليس بتحقيق أهدافه، فهذه أسباب تردي عقليات ومستويات العرب وتأخرهم عن باقي الشعوب، ولكن هناك من يعتبر أن الفشل متعة حقيقية ويعده كالتحدي، ودائماً ما يرسم للفشل ابتسامة، والحياة عنده مغامرة جريئة لا تنتهي بالفشل، بل ويعتبره مصدراً لخلق فرص النجاح، ودائماً ما يوفر مقبرة ليدفن فيها الفشل وأسبابه، وتلك هي الفئة التي تصنع المستقبل لأنه يعلم أن من يعش خائفاً لن يكن أبداً إنساناً ناجحاً، ولك حرية الاختيار أيهما تفضل أن تكون.

علي حسن جاسم بو حسن