العدد 3655 - السبت 08 سبتمبر 2012م الموافق 21 شوال 1433هـ

الصبر والمراوغة مطلوبان لتحصيل المكاسب من البورصة السودانية

شرح السمسار السوداني، حميد لمستثمر يمني في البورصة دعاه إلى تناول الشاي في مكتبه أنه لن يتمكن من تحصيل عائدات مستحقة له بعد سنوات طويلة من الاستثمار في السندات الإسلامية في السودان. ويعرض حميد سبيلاً واحداً فقط للأجانب الراغبين في الخروج بأموالهم من بورصة الخرطوم وخفض تعرضهم للفوضى الاقتصادية في البلاد يتمثل في إعادة استثمار توزيعات الأرباح المدفوعة بالعملة المحلية في عقارات على سبيل المثال والانتظار لوقت أفضل لتحويل المال إلى ديارهم.

ويقول حميد للمستثمر في مكتبه القريب من مركز تجاري: «الأجانب عالقون. لا يمكنك تحويل مدفوعات السندات إلى دولارات بشكل قانوني. تحتاج لإيجاد سبل أخرى، ربما إعادة الاستثمار». ويفسر ذلك بدرجة كبيرة لماذا يقول السماسرة إن أعداداً قليلة فقط من المستثمرين الخليجيين حاولوا سحب أموالهم من البورصة الصغيرة التي تمثل السندات الإسلامية قصيرة الأجل نحو 90 في المئة من تعاملاتها. لكن هناك بعض الأدلة كذلك على أن المستثمرين من السعودية وغيرها من دول الخليج لم يتخلوا عن السودان على رغم خسارة البلاد ثلاثة أرباع إنتاجها من النفط منذ استقلال جنوب السودان الذي انفصل في يوليو/ تموز 2011. وبما أن البنك المركزي يضمن السندات الإسلامية، جرى تداول مليونين من الصكوك في الأشهر الخمسة الأولى من العام بالمقارنة مع 1.2 مليون في الفترة نفسها من العام السابق.

وتفيد تقديرات البورصة أن المستثمرين الأجانب يملكون نحو 20 في المئة من السندات الإسلامية قصيرة الأجل. وزادت الحكومة والشركات الحكومية الساعية إلى جمع المال عائداتها السنوية من الصكوك إلى 22 ي المئة من 14 في المئة قبل عام. وقال كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري السعودي غارمو كوتيليني: «في الخليج تكون محظوظاً لو حصلت على خمسة في المئة لذلك فإذا كنت مستعداً لتحمل المخاطر فإن السودان قد يكون المكان المناسب».

ويقول إن المستثمرين من الخليج يميلون إلى تقبّل المخاطر العديدة التي تنطوي عليها التعاملات في السودان لأنهم خبروا البلد منذ فترة طويلة. وتحت إغراء العائد المرتفع أقبل المستثمرون من الخليج على شراء السندات الحكومية عندما كان السودان يتمتع بعائدات نفط كبيرة أسهمت في ازدهار حركة البناء في الخرطوم. ومنذ استقلال جنوب السودان عانى السودان من نقص السيولة؛ إذ كان النفط هو المصدر الرئيسي ليس فقط للإيرادات؛ بل للدولارات. ولتوفير المال لواردات الغذاء اتخذ البنك المركزي من التدابير ما كاد يجعل تحويل قيمة مبيعات الأسهم والسندات المقوّمة بالجنيه السوداني إلى الدولار للتحويل للخارج مستحيلاً. وقال حميد إن إجراءات إرسال مكاسب السندات والأسهم للخارج عن طريق تحويل المبالغ بالجنيه السوداني إلى الدولار في السوق السوداء لكن ظل هذا الخيار مجدياً. وتغضّ السلطات الطرف عن ذلك لتجنب مضايقة المستثمرين الأجانب.

وقال حميد الذي طلب عدم نشر اسمه كاملاً لأن بعض نصائحه قد لا تكون قانونية: «بعض المستثمرين يطلبون مني شراء الدولارات من السوق السوداء لاستثماراتهم ليتمكنوا من الحصول على مدفوعات الصكوك». وأضاف «لا يحصل المستثمرون في نهاية الأمر على (عائدات بنسبة) 20 في المئة لكنني أضمن لهم على الأقل سبعة في المئة. وهذا أفضل من أسواق أخرى كثيرة والكثيرون يسعدون بذلك».

وفي حين قرر المستثمر اليمني في نهاية الأمر إعادة استثمار عائداته من الصكوك في شراء قطعة أرض مطلة على النيل في الخرطوم يقول سماسرة آخرون إن مستثمرين أجانب آخرين يشترون الذهب بإيراداتهم. ويزيد السودان إنتاجه من الذهب لتعويض خسائره من إنتاج النفط. ويأتي أغلب الإنتاج من منقبين أفراد يعرضونه علناً في سوق الذهب في الخرطوم. وتتجاهل البنوك الغربية السودان الغني بالمعادن والأراضي الخصبة بسبب عقوبات تفرضها الولايات المتحدة عليه منذ العام 1997 بسبب دوره السابق في استضافة نشطاء إسلاميين مثل أسامة بن لادن. لكن المستثمرين من دول الخليج نشطوا بدرجة كبيرة في السودان منذ ثمانينيات القرن الماضي. والبورصة السودانية تقع في أحد طوابق مبنى مجموعة البركة المصرفية الإسلامية السعودية. وعلى مقربة من المبنى في الشارع نفسه يقع بنك الخرطوم المملوك إلى بنك دبي الإسلامي. هناك أيضا بنك قطر الوطني. وبعد سنوات من ازدهار الاقتراض المدفوع بنمو الإنشاءات تعاني البنوك الأجنبية الآن من ضعف طلب الأفراد على القروض؛ ما يرفع التضخم ويزيد من القيود على تحويلات الدولار. وتوقف بنك الخرطوم أكبر بنك خاص في البلاد عن ترتيب إصدارات سندات للشركات بسبب ارتفاع مخاطر التخلف عن السداد. وعلى رغم ذلك يعتزم البنك افتتاح 15 فرعاً جديداً في مختلف أرجاء السودان هذا العام. ويقول مصرفيون إن الانخفاض الحادَّ في قيمة الجنيه السوداني حقق لبعض البنوك مكاسب ضخمة بالعملة الأجنبية.

وأفادت أحدث بيانات للبنك المركزي أن إجمالي إقراض البنوك بلغ 21.5 مليار جنيه سوداني (4.7 مليارات دولار) في يونيو/ حزيران دون تغيّر عن الأشهر السابقة. ونجحت البورصة في زيادة التداول بمساعدة عمان عن طريق طرح نظام تداول بالكمبيوتر في يناير/ كانون الثاني الماضي منهية عهد كتابة الأسعار على لوحات بيضاء. وارتفع إجمالي حجم التداول في البورصة إلى 1.24 مليار جنيه في الفترة من يناير إلى مايو/ أيار بالمقارنة مع 0.8 مليار قبل عام. وتم إدراج تسع شركات جديدة على الأقل منذ يناير.

العدد 3655 - السبت 08 سبتمبر 2012م الموافق 21 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً