العدد 3668 - الجمعة 21 سبتمبر 2012م الموافق 05 ذي القعدة 1433هـ

حين يفترق الجزءان

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لطالما كانت البحرين كياناً اجتماعياً خاصاً بالنسبة لدول الخليج العربي، بنسيجها الاجتماعي المترابط على مر العصور. نسيجٌ لم ينجح يوماً أحدٌ في تمزيقه بفعل ثقافة أهله وطيبتهم وإنسانيتهم، ورغبتهم في صيانة العيش المشترك. نسيجٌ اعتاد أن يكون مشتركاً في الدفاع عن حقه، وفي المطالبة بمزيد من الحقوق التي لم تتوافر له، عن طريق الانتفاضات التي قادها الوطنيون لأكثر من تسعة عقود أو عشرة، منذ عشرينات القرن المنصرم، حيث بدايات النضال الوطني.

لم يلتفت يوماً المناضلون لألوانهم أو طوائفهم أو إيديولوجياتهم، فكانوا صفاً واحداً رغم محاولات السلطات، على اختلاف الزمن، في هدم بناء تعاضدهم وتمزيق لحمتهم الوطنية، وما حدث في الخمسينات من القرن الماضي كان خير شاهدٍ على فشل هذه المحاولات، والتي تتجلى في أحاديث من عاصرها، وفي كتب المذكرات والتاريخ.

أحداثٌ تكررت بأسلوبٍ مختلفٍ نسبياً في أحداث الرابع عشر من فبراير/شباط من العام الماضي؛ لتحاول أصواتٌ بعينها إعادة التمزّق والتشقّق، نجحت هذه الأصوات في مسعاها لدى بعض المتعصبين لطائفتهم أو قبيلتهم أو أسماء عوائلهم، وبعض البسطاء من عامة الناس ممن يقودهم قادة الرأي في جماعاتهم المختلفة، ومن يصدقون كل ما يُذكَر في وسائل الإعلام، حتى أصبحوا بوقاً آخراً لهذه الأصوات، يتحدثون بصوتهم ويتقمصون أدوارهم، بعضهم يفعلها على غير قناعة، وبعضهم الآخر لمحاولة التقليد فقط، حتى كاد الناس يصدقون ما يروّج في وسائل الإعلام عن المكون الآخر للمجتمع.

وبفضل هؤلاء، صار لدينا اليوم من يرى أن هنا شعبين لا شعباً واحداً، وبعضهم يريدون للبحرين أن تبقى كذلك، بعد أن شعروا بأن العيش المشترك محال، خصوصاً مع وجود رجال دين، وقادة رأي يروجون لهذه الكراهية بشكل علانيّ، ويطلبون ممن يتبعهم محاربة ومخاصمة الآخر المختلف عنهم في الطائفة، وكأنه جاء من كوكب آخر لم يكن يوماً جاراً، وزميل دراسةٍ، وفرداً من عائلة، وشريكاً في كل الأوقات والأحداث.

السؤال الذي يلح على الوطنيين اليوم هو ما الذي سيحدث بعد هذه الكارثة الاجتماعية التي يعاني منها أبناء الوطن؟ وكيف سيعاود هؤلاء الثقة بشركائهم بعد أن نجح الساعون في مساعيهم لبث سموم الطائفية في عقولهم وقلوبهم؟ حتى بدت غريبة على البحريني الحقيقي ابن هذه الأرض الطيبة التي لا تنجب إلا المتسامح والمتعاون. كيف سيثق هؤلاء في الإعلام المحلي وصانعيه، وهم يرون أن ما كان يبثه هذا الجهاز الإعلامي كل يومٍ خلال فترةٍ ما، عانى منها وطننا أكثر مما عانينا، هو مجرد فبركاتٍ وأكاذيبٍ صدقوها بحسن نية وبسذاجة لم تتوقع يوماً أن تتضح خلالها حقيقة بعكس ما كان يروج له؟

بل السؤال الأهم هو: كيف ستعود ثقة المواطنين بكل من روَّج الإعلام ضده الأكاذيب والقصص من أطباء ومعلمين وطلابٍ وقادةِ رأيٍ وكتَّابٍ ومثقفين ورياضيين، رغم تبرئة القضاء لهم، خصوصاً مع عدم وجود اعتذارٍ رسميٍّ وردّ اعتبار لهم؟ رغم أن كثيراً من المواطنين قد عادوا إلى أطبائهم ومدربيهم بعد أن فهموا لعبة السلطة السياسية والإعلامية. وكيف سيسامح هؤلاء من كان سبباً في كوارث مادية واجتماعية ونفسية عاشها طوال عام ونصف أو يزيد؟ وإن سامحوا، فكيف سينسون كل هذا الألم؟

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3668 - الجمعة 21 سبتمبر 2012م الموافق 05 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 10:03 ص

      لا للطائفية

      استغرب ان يكيل مواطن التهم لأطباء وممرضين انقذوا جرحى، وهذا واجبهم الانساني، والذي اعتقده ان هذا المواطن وعائلته قد تلقوا العلاج على أيدي هؤلاء الأطباء يوما ما. أهو الإنقياد الأعمى والجهل، أو المصلحة والتسلق. لا زال الكثير من أبناء الطائفة السنية الكريمة يزوروني في العيادة ويتواصلون معي للإستشارة وهذا دليل النقاء وصفاء الروح الوطنية والوعي وانه لا تنطلي عليهم الأكاذيب والحيل. أقول أن الإرهاب الفكري المحرض على الطائفية البغيضه سيندحر قريبا بإذن الله...

    • زائر 15 | 8:57 ص

      صدقت ..

      صدقت يا أستاذة سوسن .. فلقد عشنا في مدينة حمد 20 سنة متحابين و فجأة بدأت الأحداث و تغير كل شيء لا سلام ولا صحبة ولا أصبحنا جيران .. حسبي الله و نعم الوكيل على الذي فرقنا ..

    • زائر 10 | 3:45 ص

      دكتور ن

      لعمري ان هذا ما اتمناه التعايش السلمي فقط والا ما نوع هذه الاخوة التي لم تستنكر القتل والتعذيب والاعتداء على الاعراض والمقدسات وهدم المساجد وقطع الارزاق.. هذه اخوة لا اشتريها بفلس ولاخوة الحيوانات اشرف..

    • زائر 9 | 2:49 ص

      واذا سهد شاهد من اهلها ، التقرير للدكتو بسيوني

      التقرير فند وبرأ جميع الادعاءات وكذلك القضاء برأ الاطباء وكثير من الادعاءات فكيف لا نثق بلجنة ونزلت الميدات وعملت اللازم وطبقت ما لديها من شواهد وخبرة دولية عالمية لماذا التشكيك وهذا لا يصح ابدا ؟؟ ما لكم كيف تحكمون ؟؟!!!!!!!! ؟؟؟؟؟

    • زائر 7 | 2:05 ص

      الآية عندك مقلوبة

      المظلومية واصلة حدها اليوم أشوف. بل عليك أن تسألي كيف سيثق المواطن السني بالإطباء ويضع حياته وحياة أطفاله وأسنانه بين أيديهم؟ كيف سيثق المواطن السني بإرسال أطفاله إلى مدارس مشبعة بالطائفية ومدرسين يحملون الحقد بين طيات كتب الوزارة. كيف سيثق المواطن السني بمن إحتل الشوارع وقطعها وحرقها وعرض المواطنين للخطر. الهوة كبيرة وردمها سيحتاج إلى عقود طويلة وخطوات عملاقة, وهذه لن تبني جدران الثقة وإنما مجرد التعابش .. فقط التعايش السلمي. دكتور ن

    • زائر 8 زائر 7 | 2:49 ص

      اعكس الأية على الشيعة ، وكيف سيكون ردهم

      هذا قد يكون رد بعض السنة ، وفي قبالة ذلك هناك أيضا البعض من الشيعة يرون نفس ما ترى . اكلمك وأنا الشيعي الغير راضي بهذا التوصيف لكنه موجود ، لأصل الى ان ما تراه يراه الآخرون أيضا .

    • زائر 6 | 1:58 ص

      في البداية تحاملتي على الإعلام و أتفهم شعورك و هي وجهة نظر أحترمها. ثم تطرقت إلى أن المجتمع إنشق إلى مجتمعين و إن كان ما ترين ليس هو الواقع فلي أصدقاء من طائفتي و الطائفة الأخرى لم يتغير في أي منا أي شيء و لكل منا رأيه بل لي من طائفتي من يحمل شعوراً أكثر تطرفاً من شعورك برغم ذلك فما زلنا إخوان بل أحبة.ثم رجعتي في نهاية المقال لتذكري أن المرضى عادوا لأطباءهم و اللاعبين عادوا لمدربيهم و أعتقد أن المجتمع عاد بعكس تنبأتي فأين المشكلة؟؟؟

    • زائر 5 | 1:06 ص

      دور الاعلام

      على الإعلاميين والصحافة النزيهة دور كبير في كشف الأكاذيب في الفترة السابقة وما قبول السلطة بتوصيات جنيف الا خير دليل على وجود تجاوزات وانتهاكات كما هو خير دليل على القصور في المجال الإجرائي والتشريعي في أنظمة الدولة وعدم توافقها مع المعايير والاتفاقيات الدولية والا لماذا ستلزم الدولة نفسها بهذه التوصيات امام العالم؟ التغيير والإصلاح قادم ونحتاج الى صبر والشعب البحريني اثبت انه بقدر المسئولية

    • زائر 4 | 12:48 ص

      للحين للاسف

      للحين اصلا في ناس مغسول مخهم للاسف ويبيلهم فترة عشان يعرفون
      ولكن كثار عرفو الحقيقه
      وحسبي الله ونعم الوكيل ولكن انتو اخوانا مهما يكون وكثر الله من امثالج

    • زائر 3 | 12:14 ص

      متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة 2

      يتبع..
      أخيرا: المسؤول عن الانقسام ان تلعب على وتر الطائفية فيكون الذنب على من صدق الاكاذيب وشمت وضحك واستهزئ ووشى بزملاء دراسته وعمله، فأما ان يكونوا سذج ليصدقوا مثل ذلك الهرج او على قدر محترم من الحقد وفي كلا الحالتين الذنب ذنبهم..
      والسلام..

    • زائر 1 | 12:09 ص

      متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة 1

      لي عدة نقاط:
      اولا: الحمدالله ان المقال فيه اعتراف بعدم وجود الوحدة بين الطائفتين على عكس محاولات الكذب على الأنفس وادعاء ما ليس له وجود.
      ثانيا: اساسا لم توجد وحدة بالشكل المتصور، نعم كان هناك تعايش وهو موجود بين جميع الطوائف ولكن الوحدة الحقيقة تقاس في الأزمات فبمجرد حدوث اي ازمة نرى عدم الكاتف سيد الموقف.
      ثالثا: الوحدة التي لديها قابلية ان أقتل واسجن واعذب وتنتهك اعراضي ومقدساتي وتهدم مساجدي ولا تهتز فيها شعرة او تستنكر ذلك هذه وحدة لا اشتريها بفلس.
      يتبع.....

اقرأ ايضاً