العدد 3669 - السبت 22 سبتمبر 2012م الموافق 06 ذي القعدة 1433هـ

إسبانيا مقبلة على خريف ملتهب (2-3)

في أوروبا الليبرالية الجديدة هذه لم يعد هذا هو الحال. فالفوز في الانتخابات لا يضمن لرئيس ما السلطة الحقيقية لأن اثنتين من السلطات العليا غير المنتخبة (بالإضافة إلى برلين وانغيلا ميركل) تتجاهلان الولايات الرئاسية وتتحكمان في تصرفات الرؤساء: تكنوقراط الاتحاد الأوروبي، والأسواق المالية.

هذا الكيان الأخير - الأسواق المالية - يفرض أجندته الخاصة به. البيروقراطيون مطالبون بالطاعة العمياء لآليات المعاهدات والاتحاد الأوروبي التي هي نيو ليبرالية في صميمها وجوهرها، في حين تعاقب الأسواق أي انحراف عن العقيدة الليبرالية المتطرفة.

وبالتالي هم سجناء في هذه السدود التوأم، فيتدفق نهر السياسة في اتجاه واحد بلا مجال للمناورة على الإطلاق -أو، بعبارة أخرى، من دون سلطة.

لقد قال الفيلسوف زيغمونت بومان: «إن المؤسسات السياسية التقليدية أصبحت أقل وأقل مصداقية... لأنها لا تفعل شيئاً للمساعدة في حل المشاكل التي يجد الناس أنفسهم محاصرين وسطها... فجأة. لقد عانت الديمقراطية (التي صوت الشعب لصالحها) من الانهيار لأن ما تمليه الأسواق هو تمزيق حقوق الناس الاجتماعية الأساسية».

نحن نشهد معركة ملحمية بين السوق والدولة... الدولة التي تريد فيها الأسواق - بطموحاتها الاستبدادية - السيطرة على كل شيء: الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والأفراد.

والآن، وبالتحالف مع وسائل الإعلام - التي أصبحت بمثابة جهازها الايديولوجي - تريد الأسواق تفكيك صرح التقدم الاجتماعي وما نسميه «دولة الرفاه».

ما هو على المحك هو أمر أساسي حقاً: المساواة في الفرص. انظر على سبيل المثال إلى حقيقة أن التعليم تجري خصخصته بهدوء عبر تحويله إلى القطاع الخاص. فسيؤدي خفض التمويل إلى مستوى من التعليم العام (التابع للدولة) إلى جعل ظروف العمل مرهقة حقاً لكل من المعلمين والطلاب.

وستواجه المدارس العامة صعوبات أكبر في إعداد الأطفال ذي الخلفيات المتواضعة، في حين سيلعب التعليم الخاص دوراً متزايد الأهمية ليصبح منطلقاً للفئة المحظوظة الجديدة ونقطة انطلاق للمناصب القيادية الوطنية في حالة أطفال الأسر المتيسرة اقتصادياً.

وعلى النقيض من ذلك، ستحصل تلك الطبقة في القاع على وظائف ناخرة لا على أدوار قيادية. وهذا لا يحتمل ولا يطاق.

إغناسيو رامونيه

مدير «لوموند ديبلوماتيك» - إسبانيا

العدد 3669 - السبت 22 سبتمبر 2012م الموافق 06 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً