حينَ تصمُّ الآذانُ عن آهاتهِم، وتختنقُ الأسقفُ بصدى أنينهم، وتقابَلُ جراحاتهم بالصمتِ والإعراض.
إنّهم الفقراء، الذين تنامُ على أحزانهم السّماء، وينغمسُ الوجعُ في أجسادهم المنهكة، ولا يراهم سوى الله، الله وحده...
في زاويةٍ ما من زوايا الوطنِ الساكن، تنفجرُ أصواتُ بكاء الفقراء، حيثُ تغطّي الأرضُ أنينهم بأطرافِ ردائها، في حين أنّ الباقين يعيشون الحياة كما هيَ منعّمةً ومزخرفةً بألوان الجمالْ. وعندما نستلُّ خيطاً من خيوطِ هذا الواقع المرير؛ تتدفّقُ أعينُهم الحيرى على أسئلتنا، فمن ذا نظر إليهم نظرةً عادلة؟ هم الفقراء حين يخرسُ الدّهرُ عن النّطقِ بأوجاعهِم ويغلقُ النّاسُ أفواههم ولا يرَونَ حدّ الجوعِ والألمِ الذي يضجُّ في صدورِ هؤلاء.
فقط حين تريدُ أن تفتحَ هذا الباب، لكَ أن تزورَ الأحياء المعدَمةَ والبيوتَ المتهالكة، وترى عينُك ثيابَهم متهاويةً على أجسادهم الصغيرة، وتنظر البسمة المرهقة والشفتينِ البائستين، حينها تدركُ الفقرَ الذي يشيخُ على أرواحهم وكأنَّ القدرَ صبَّ عليهم جامَ غضبِه، فاستلّوا من صمتِ العالمِ جرحاً آخر يضعونَهُ فوق جراحَهم، وحينَ صمتَ الجميعُ عنهمْ، هل نطقَت السّطورُ والجدرانْ؟
هذا هو حالُ الوطنِ الآخر لهم، المنفى الذي يؤلمهم برداً وقسوةً وصدوداً، فأين المنعّمونَ في بيوتهم؟ ألا يرَونَ المُعدَمينَ حتى في الأحلام... ؟! وأنّى يخبئُ الفقراء أمانيّهم الصغيرة؟ و هل تسمعهم السّماء؟
زهراء جاسم أحمد عيسى عاشور
العدد 3689 - الجمعة 12 أكتوبر 2012م الموافق 26 ذي القعدة 1433هـ
سﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم محند أبو سارة