العدد 3696 - الجمعة 19 أكتوبر 2012م الموافق 03 ذي الحجة 1433هـ

«نسيان COM» محاولة مستميتة لتأنيث «النسيان»

قراءة في رواية أحلام مستغانمي

المنامة - إبراهيم الشاخوري 

19 أكتوبر 2012

كشيخ طريقة، تحاول أحلام مستغانمي في كتابها «نسيان com» التحشيد لأكبر الأحزاب النسوية في الوطن العربي، «حزب النسيان»، وشعارها في ذلك «أحبيه كما لم تحب امرأة، وانسيه كما ينسى الرجال». وهي في محاولتها هذه تملأ 329 صفحة بالتحريض ضد ذاكرة تفتك بالنساء الذين وقعن في شرك الحب ليجدن أنفسهن فجأة وسط صحراء باردة المشاعر وقد انتهت نوبة العشق الهاتفية وتوقفت رسائل الغرام عن الهطول. لكل أنثى مازالت ترقد في سرير الذكريات وهي مربوطة بمصل «هاتفي» يستبدّ بها، فتحت أحلام «روضة عاطفية» ليس في مشروعها من خطة سوى مواجهة إمبريالية الذاكرة والعدوان العاطفي. هي فزعة تورطت فيها الكاتبة بعد إصدار ثلاثيتها الشهيرة «ذاكرة الجسد»، «فوضى الحواس» و «عابر سرير»، حيث رأت نفسها تصبح ملاذاً عشقياً للعديد من الصديقات وكاتباً ومرسال حب للبعض الآخر. هذه الورطة استفزتها لتكتب «دليل نسيان» ينقذ الأنثى من سطوة ذاكرة الرجل حين يغادر دون سابق إنذار فلا يكون أمامها سوى النسيان. توضح أحلام أن النسيان ليس غاية في حد ذاته، ولكنه طريق يفضي إلى حب آخر. ولهذا تسوق الكاتبة عدة نصائح وقوانين للانضمام لحزب النسيان ترى في اتباعها قلباً لصفحة من كتاب العمر. وكما تعترف الكاتبة، فإنه لا يمكن حصر الكتَّاب الذين، عبر الأزمنة والحضارات وبكل اللغات، عملوا مرشدين عاطفيين للتائهين من العشاق، لكنها تطرح نفسها كممرضة بحقيبة إسعافات أولية توقف نزيف القلوب الأنثوية عند الفراق. هذا الكتاب الذي صدر في طبعته الأولى عام 2009، تم طرحه كأول كتاب لرباعية مازلنا ننتظر أجزاءها الثلاثة التي من المفترض أن تغطي فصول الحب الأربعة، فصل اللقاء والدهشة، فصل الغيرة واللهفة، فصل لوعة الفراق، وأخيراً فصل روعة النسيان، والفصل الرابع هو الذي بدأت به الكاتبة لأننا بالنسيان نستعيد عافيتنا العاطفية كأمة عربية عانت دوماً من قصص حبها الفاشلة، بما في ذلك حبها لأوطان لما تبادلها دائماً الحب، وحينها فقط نشفى من هشاشتنا العاطفية المزمنة، بسبب تاريخ طاعن في الخيبات الوجدانية، وحينها فقط يمكننا مواجهة الاستبداد، فحجم البؤس العاطفي في الوطن العربي، كما ترى الكاتبة، يعزز الإنهاك والتعب الذي سمح للاستبداد بالتسلط علينا.

استحضرت أحلام في تحريضها قصصاً من واقع تجربتها، واقتبست من أجمل عبارات كبار الكتاب، وجعلت للنسيان إغراء لا يضاهى بجمال صورها وبلاغة تشبيهاتها، وضمنت كتابها «سي دي» موسيقي لإنقاذ النساء من سطوة الأغاني العاطفية التي تفتك بهن، بل وأنشأت موقعاً إلكترونياً ضمنته وثيقة تعهد بأهم نصائحها، وكأن 329 صفحة من التحريض لا تكفي!

هل نجحت أحلام حقاً في إنقاذ النساء من فخاخ الفشل العاطفي؟ وهل نجحت وصفة بهذه الضخامة في تحريض النساء حقاً على النسيان؟ وهل صحيح أن الرجال حين يخرجون من فشل عاطفي فإنهم يتلبسون بذاكرة سمكة لا تدوم لأكثر من 3 ثوانٍ؟ المهم، أن الكتاب لذيذ في تحريضه، وجديد في فكرته، أما الانضمام لحزب النسيان فمازال مفتوحاً لكل إناث الوطن العربي.

العدد 3696 - الجمعة 19 أكتوبر 2012م الموافق 03 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً