العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - الاستقرار السياسي أساس التنمية والتقدم في المجتمع

السيد جابر نعمة
السيد جابر نعمة

يعتبر الإنسان كائناً سياسياً بطبعه، يسعى للعيش في مجتمع إنساني يسوده الأمن والاستقرار والانسجام، وإن جوهر السياسة يجعل منه معداً للحياة وسط جماعة منسجمة، وهي حالة ليست من إبداع الإنسان، وإنما هي أثر تلقائي يرتبط مع الإنسان منذ ولادته، ولهذا نراه يسعى لتحقيق هذا الانسجام في كل الحالات، أي أنه هدف ثابت في حياته لا يتأثر باختلاف الظروف.

ويرتبط مفهوم الاستقرار السياسي Political stability بمدى القدرة على التعامل مع الصراعات والأزمات التي تحدث داخل المجتمع، بحيثُ تتم السيطرة عليها والسعي لعدم تفاقمها، كما يرتبط المفهوم بمدى تحقق الإصلاح والعدالة الاجتماعية في المجتمع Social Justice، ولاشك في أن هناك وسائل عديدة تساعد على تحقيق الاستقرار في المجتمعات، ومنها إدارة الصراعات من خلال الحلول السياسية، كما أن هناك مؤشرات تدل على وجود تلك الظاهرة، ومنها انتشار العنف، وبروز هذه الظاهرة يكون واضحاً في المجتمعات المتخلفة أكثر منه في المجتمعات المتقدمة.

إنه من الثابت بالملاحظة أن ثمة علاقة مرتبطة بين ظاهرة الاستقرار السياسي وظاهرة النمو والتقدم الحضاري في المجتمع، وعليه فإن الاستقرار السياسي هو مفتاح التطور والتنمية؛ ذلك أنه يؤثر على جميع النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، ومن هنا تكمن أهميته الكبرى.

ويبرز أثر الاستقرار السياسي على الناحية الأمنية في المجتمعات بصورة واضحة، فالمجتمعات غير المستقرة سياسياً هي التي تشهد اضطرابات وتحولات أمنية؛ لأن ذلك الاضطراب الأمني هو نتيجة حتمية لعدم الاستقرار. كما يلاحظ أن غالبية المجتمعات المضطربة هي التي تنتهج أساليب بعيدة كل البعد عن الخيار السياسي، ولهذا فتلك الأساليب مهما كَبرت، فإنها لا تساعد في السيطرة على الصراعات، وإن نجحت فهي سيطرة مؤقتة، ليست قائمة على المدى المستقبلي البعيد، ولا تؤثر على جوهر المشكلة ولا تحُلَّها.

فثورة الفلاحين تعتبر أفضل تمرد موثق حدث في القرون الوسطى، وهي حدث بارز في تاريخ إنجلترا، إذ كانت تطالب بإصلاح النظام الإقطاعي، فقُمعت بقسوة وأعدم زعيمها وات تايلر في العام 1381 للميلاد، لكن بعد حالة من عدم الاستقرار أُجبر الملك على إلغاء ضريبة الرؤوس، ومن ثم عمّ الاستقرار ربوع إنجلترا وأصبحت تلك الثورة علامة على نهاية العبودية فيها.

وثمة علاقة مباشرة بين النمو الاقتصادي والوضع السياسي والأمني في المجتمع، فالنمو الاقتصادي يعتمد بشكل أساسي على قلة الأخطار الناجمة عن حالة عدم الاستقرار السياسي، ذلك أن الاستثمارات تتدفق على المجتمع بشكل ثابت وغير متراخٍ إن قلت تلك الأخطار، فيما تُفرض ضرائب مالية إضافية على الدولة لتغطية نتائج تلك الأخطار إن وجدت، كما أن الأخطار السياسية هي الأكثر تأثيراً على الوضع الاقتصادي في المجتمع؛ لأنها لا تشجع على الاستثمار والإبداع والنمو وفتح آفاق مستقبلية نحو اقتصاد مزدهر في المجتمع.

إنّ حالة عدم الاستقرار السياسي تُقسّم المجتمعات إلى أحزاب متضادة فيما بينها، بحيثُ لا تكون هناك نقاط متفق عليها، فضلاً عن أنَّها تُولَّد الكراهية والبغضاء داخل المجتمع من خلال الصراع الإعلامي الذي يفتقد للموضوعية والنزاهة؛ ذلك أنَّ الاختلاف ينعكس على وسائل الإعلام، ومدى التزامها بأخلاقيات ومبادئ العمل الإعلامي.

على الصعيد الوطني، فإنَّ أزمة العام الماضي انعكس أثرها على أمن البلاد والمواطنين، كما تأثر الاقتصاد بسبب ما أفرزته الأزمة من حالة أمنية مؤسفة للغاية، ولهذا نرى أنَّ البحرين تستحق أن نخرجها من تلك الدوامة، وذلك من خلال انتهاج خطوات متقدمة على الصعيد السياسي، تحقق استقراراً بعيد المدى، لينعم الوطن بالأمن والأمان.

السيدجابر عدنان نعمة خليل

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً